رئيس التحرير
عصام كامل

صاحب البيادة.. قصة قصيرة لـ"محمد علام"

القاص محمد علام
القاص محمد علام

الغرفة الصغيرة.. أصابها ارتجاج عنيف اهتزت على إثره الجدران وآنية الزهور سقطت، تهشمت، تبعثرت الأزهار.. حوض السمك انفجر لافظاً بكل ما بداخله، ومخلوق دالى الثائر هوى من بيضته وعاد بسرعة، تلملمت الأزهار والتحمت الآنية وطارت لمكانها، والأسماك مع الماء تقهقرت إلى حوض الزجاج الملتئم فعاد لمكانه، على إثر ولوجه إلى الغرفة انعدم الإرتجاج وأغلق الباب فى هدوء.


توقف البنطان الأحمر والحذاء الأبيض اللامع لحظة، خطوتان إلى الأمام، نظرة دائرية للمكان والأشياء الراقدة فى سكون ، خطوتان إلى الأمام، نظرة من أعلى إلى أسفل شملت الخزانة الخشبية وأدركت خفوت الإضاءة فى المكان.

تلتف الأصابع الدقيقة كأسنان المشط حول مقبضى الخزانة التى أفرجت عن شعاع الشمس الدافئ والحديقة الصغيرة، التى استقرت فى عينيه وعلى شفتيه موضع سرور وارتياح. لحظات وكان جالساً على مقعده الزجاجى الصغير أمام العرض الذى يشرحه دائماً.

مشهد

صراخ الرجال والصبيان العقل"1" المصلوبين على جانبى الخزانة لقيام البعض بالعمل فيهم بالسياط.

1

تدفع السمروات الخمس بزميلتهن غدراً ( يضع إحدى قدميه عالأخرى غير عابئ بالصراخ ) من فوق عشتهم على شجرة النخيل أو الأصح القول بأنها الشجر النخلة، لتتبادل الضحكات مع بنات جنسها، بدون تفكير وفى حركة رشيقة أمالت الشقراء ذات الشعر النحاسى ظهرها إلى الخلف، تشكل بجسدها زاوية مستقيمة تماماً، مدت ذراعيها وشدت رجليها ورفرف الفستان حول خصرها حتى سقطت فى مهارة فى فنجان العسل الأبيض لتتفجر منه موجة عنيفة غرقت فى إثرها المنضدة والنملتان المحلقتين حولها مما أثار انزعاجهما.

2
(يدس سيجارة بين شفتيه المشققتين ومع لهيب قداحته ينصت) السمروات يرقبن غريمتهن فى سرور عندما أطلت برأسها فى دهشة من مشهد النملتين المتحلقتين حولها يدخنان أصابع السكر المعتقة الفاخرة مما أصابها بشىء من الذعر، كان لابد لشىء أن يتغلب على شىء، وللسيادة الإنسانية هنا مقاييس، نهضت فى هدوء وقفت على حافة الفنجان وأخذت تدور فى حركات سركاوية دون أن تنظر لأحد، كان بقلبها أنها ستتماسك - دورة ثانية - وتتماسك - دورة ثالثة - وتتماسك لكنها كلما دارت خطوتين دفعت بها احدى النملتين بسيجارها السكرى إلى داخل الفنجان مرة أخرى، مما أصابها بشىء من الجذع فأرسلت نظراتها إلى صديقها الفتى الأشقر الجميل الذى لم يعبأ بها وانتصب على إحدى ذراعى المقاعد وبدأ يتصرف فى استجمام.

"1" عقلة الإصبع هو السمة المميزة للجنس الذى يعيش داخل حديقة السيد "أحمر".

"2" السمروات تسللن إلى المنضدة فرحين بمعشوقهم الوحيد، تنهض الشقراء وتقف على حافة الفنجان وتدور مرة أخرى وهى تنفخ فى ضيق، وما أن هبت إحدى النملتين أن تعيدها فى الفنجان بإصبع السكر، حتى قفزت الشقراء قفزة لولبية إستقرت بها على إصبع السكر وركضت نحو عينى النملة مباشرة وقفزت قفزة لولبية أخرى انتقلت بها إلى الزحلقة من على المقعد إلى المنضدة لتصطدم فى كأس الماء مباشرة، فيتدحرج مصافحاً الأرض متصدعاً لحد ما.

يسيل الماء جارفاً معه الشقراء إلى بر الأمان وتبقى عيناها متعلقة على النملة الأخرى التى أمسكت بفتاها متأففة من فعلته فألقته إلى المنضدة وسط السمراوات الخمس وفى ضجر أطبقت عليهن الفنجان.

وهنا ضحكت الشقراء للحظة، وللحظة أخرى توقفت عن الضحك، وفى انتقال سريع للعينين وارتعاشة فى الكتفين وارتجافة على الشفتين ناحيته، ناحية الدولاب بكت.. وبكت كما لم تبك من قبل وكما لم تعتد رؤية صف البنادق المثبتة على حامل أفقى وأمام فوهة كل منها علق شخص ما من العقل زملائها وعلى الزناد يقف شخص آخر.

( ومع إنتهاء سيجارته وآخر نفثة دخان) دوى الصوت جماعياً وزال دخان السجائر ليحل دخاناً آخر من البارود الدموى.

الـنـهايــة

تحرك البنطان الأحمر وأغلق الخزانة فى قوة، وهنا اضطرب وكأنه تزلزل وعرق بغزارة عندما نظر بسرعة إلى السقف، هجم الظلام ، حيث أغلق البنطان الأحمر الخزانة فى قوة وهنا اضطرب وكأنه تزلزل وعرق بغزارة عندما نظر بسرعة إلى السقف هجم الظلام حيث أغلق البنطان الأحمر الخزانة فى قوة وهنا اضطرب وكأنه تزلزل وعرق بغزارة عندما نظر بسرعة إلى السقف .. أممممممم .. هجم الظلام .. ههههههه .. لأننى .. قد ..
الجريدة الرسمية