السيدة زينب.. رئيسة الديوان
تحتفل مصر بمولد سيدتنا الكريمة، العفيفة، الشريفة، الطاهرة، النقية، السيدة زينب رضى الله عنها وأرضاها، حفيدة سيد الأنبياء محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم.
والسيدة زينب هى ثمرة زواج النطفة الطاهرة من الرحم المطهر، ابنة سيدتنا فاطمة الزهراء وسيدنا على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، إنها عقيلة بنى هاشم.
أشرقت المدينة المنورة بمولدها فى السنة الخامسة من الهجرة النبوية المباركة، احتضنها جدها عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وسماها زينب، التى تعنى الشجرة الطيبة، نشأت كريمة قومها، عزيزة أهلها، موضع حب واحترام وتقدير الجميع.
وتنشأ سيدتنا زينب فى بيت النبوة، وكان والدها على بن أبى طالب متيما بها، لرجاحة عقلها وحكمتها، وكانت حبيبة أمها فاطمة الزهراء، قرة عين رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويتوافد خيرة الشباب لطلب يدها الشريفة، ويردهم والدها أمير المؤمنين، حتى تقدم عبد الله بن جعفر بن أبى طالب، الملقب بـ"بحر الجود"، فأبوه جعفر ذو الجناحين، وأمه النجيبة أسماء بنت عميس، المشهود لها بالتقى والعفاف والورع، من المهاجرات المؤمنات، وتم الزواج، وانتقلت إلى بيت ابن جعفر، إلا أنها لم تتخل عن المسئولية لتدير بيت أبيها وتهتم بشئون أخويها الحسن والحسين، ثم انتقلت من المدينة المنورة -بنور جدها عليه وعلى آله الصلاة والسلام- إلى الكوفة، لانتقال مركز الخلافة، وكان معها زوجها وأولادها لتعيش على مقربة من أبيها على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، بصفتها ابنته الكبرى، لترعى شئونه، بعد وفاة أمها فاطمة الزهراء، رضى الله عنها وأرضاها.
وقد شهدت عقيلة بنى هاشم مصرع أمير المؤمنين سيدنا على بن أبى طالب فى محرابه، بسيف ابن ملجم، واعتصر الألم قلبها، حزنت كيوم وفاة جدها عليه الصلاة والسلام ويوم وفاة والدتها فاطمة الزهراء، وتمر الأيام حزينة ثقيلة، وتستعين بالصبر والصلاة على هذه الأحداث الجسام.
"والله لا أعطى بيدى إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد.." فهمت زينب عليها السلام من خلال كلمات سيدنا الحسين وتضحياته، أبعاد الموقف المرتقب ألا وهى تحمل مسئولية القضية التى ضحى من أجلها الحسين فى نشر نهضته فى وجه الباطل، تلك النهضة التى هى امتداد للرسالة التى جاء بها النبى الأكرم صلى الله عليه وآله.
ويقول العلماء إن هناك خصوصيات لزينب هى نفس خصوصيات فاطمة الزهراء، منها:
1- الولاية والقدرة التكوينية، فقد أشارت بيدها إلى الناس وهى فى الكوفة، فارتدَّت الأنفاس وسكنت الأجراس، وهذا يدل على سيطرتها التكوينية على كلِّ شيء.
2-العلم اللدنى الذى اكتسبته السيدة زينب من الإمام الحسين وهو علم الإمامة، قال عنها الإمام زين العابدين: فقد كانت "عالمة غير معلمة" وقد ظهر كلّ شيء فى خطبتها العظيمة فى الكوفة، والجدير بالذكر أن الزهراء أخذت ابنتها زينب إلى المسجد وخطبت الخطبة الفدكية، وكانت زينب آنذاك فى السابعة من عمرها، فكيف استطاعت أن تحفظ الخطبة بأكملها وتنقلها إلى الآخرين حتى تصل إلينا.
وكأن الزهراء عندما خطبت كانت تقول لزينب بلسان حالها أن اسمعى الخطبة جيدا لأنك أنت أيضا سوف تخطبين بنفس الأسلوب وأنت بالكوفة، وهذا ما حدث، فقد خطبت السيدة زينب فى الكوفة بنفس النمط.
ولنعم ما قال الشيخ محمد حسين الأصفهانى فى أرجوزته:
ولِّيتُ وجهى شطرَ قبلةِ الورى
ومن بها تشـرفتْ أُمُ القـرى
قطبُ محيـطِ عـالمِ الوجـودِ
فى قوسى النـزولِ والصـعودِ
ففى النـزولِ كعبـةُ الرزايـا
وفى الصـعودِ قبـلةُ البرايـا
بل هى بـابُ حطـةِ الخطايـا
ومـوْئـلُ الهباتِ والعطـايـا
أمُ الكتابِ فى جـوامـعِ العـلا
أمُ المصـابِ فى مجامعِ البـلا
رضيـعةُ الوحىِ شقيقةُ الهـدى
ربيـبةُ الفضـلِ حليفةُ النـدى
ربـةُ خدرِ القـدسِ والطـهارة
فى الصونِ والعفافِ والخـفارةِ
فإنـها تـمثـلُ الكنـزَ الخـفي
بالسـترِ والحيـاءِ والتعـفـُّفِ
تمثِّـلُ الغيـبَ المصونَ ذاتـها
تعـربُ عنْ صـفاتِهِ صـفاتها