رئيس التحرير
عصام كامل

رغم القرار بإنشاء المفاعل النووى..الضبعة وعود لم ترتق إلى قرارات.. مبارك ومرسى وعدا بها.. ورجال الأعمال يريدونها "قرية سياحية"

مفاعل نووى
مفاعل نووى

ما بين قرار بإنشاء مفاعل نووى سلمى وما بين تجميد القرار وإعادة تفعيله مرة أخرى استغرقت المدة الزمنية بينهما عشرين عاما، بعد أن قرر الرئيس السابق "محمد حسنى مبارك" إحياء مشروع المفاعل النووى بمدينة الضبعة بمحافظة مطروح، إلا أن قيام ثورة يناير وسقوط نظامه حال دون إتمام المشروع .


البداية كانت فى عام 1981 بعد صدور القرار الجمهورى بتخصيص موقع الضبعة بمحافظة مطروح لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء، إلا أن القرار ومعه البرنامج قد تم تجميدهما فى عام 1986 عقب كارثة "تشيرنوبيل" بالاتحاد السوفيتى، والتى تعد أكبر كارثة نووية شهدها العالم، بعدها ظل القرار مجمدًا، ومعه ثار الجدل حول ما إذا كانت منطقة الضبعة هى المكان الأنسب لإقامة المفاعل، إلى أن جاء العام 2007 وأعلن الرئيس السابق "مبارك" فى أحد مؤتمراته بحزبه الوطنى المنحل عن قرار مصر باستئناف العمل فى مشروع الضبعة، وتفعيل البرنامج النووى المصرى، إلا أن السنوات المتبقية فى عمر نظامه لم تمهله لذلك، واشتعلت ثورة يناير 2011 وسقط معها نظامه، وكذلك السور الضخم الذى يحيط بأرض المشروع عقب قيام أهالى المنطقة بهدمه.
وفى أثناء الفترة، منذ اتخاذ القرار فى مطلع الثمانينات من القرن الماضى وحتى الآن، تعددت الآراء، واتفقت حول أهمية إقامة المشروع، غير أنه لا جديد يحدث على أرض الواقع رغم إسقاط نظام وصعود آخر.
وكان عدد من علماء وخبراء هيئة الطاقة النووية والذرية قد تقدموا بطلب عاجل للرئيس السابق بطلب لإنقاذ مشروع الضبعة بعدما أنفق عليه مئات الملايين من الدولارات، وخاصة أن موقع الضبعة يتميز بجميع شروط تشييد المحطة النووية، وأهمها موقعه المتميز القريب من البحر المتوسط بما يفيد فى استخدام مياهه فى تبريد درجة حرارة المفاعل، علاوة على خصائص التربة والمياه الجوفية، وأجرت فحوصات على الموقع إحدى الشركات الفرنسية بالتعاون مع معاهد البحوث المصرية.
ولكن على ما يبدو أن المصالح المشتركة بين نجل الرئيس السابق "جمال مبارك" وبين رجل الأعمال الملياردير "شفيق جبر"، وتشاركهما بمنتدى مصر الاقتصادى، حالت دون إتمام المشروع آنذاك لأجل إقامة مجمع سكنى بمنطقة سيدى عبد الرحمن والتى تحتوى على مخزون مصر من معدن اليورانيوم، وذلك لصالح شركة "العمار"، والتى يدير مكتبها "جبر" .
كما كانت للتصريحات المتعاقبة لرجال حكومة مبارك آثار متضاربة حول المشروع ونوايا استكماله، ففى عام 2004 وتحديدا فى شهر أكتوبر قال وزير السياحة حينها "أحمد المغربى" أثناء مرافقته لوفد أجنبى: إن مدينة الضبعة سيتم تحويلها إلى قرى سياحية. وهو التصريح الذى اعتبره الخبراء والمختصون والرأى العام قضاءً على كل الآمال المتعلقة بإقامة المشروع النووى.

التصريح السابق "للمغربى" حاول "زهير جرانة" وزير السياحة الذى تولى الوزارة خلفا له أن يتداركه، فقال فى تصريحات له فى 9 فبراير عام 2010: إن هذا المشروع القومى لن يكون له أى تأثيرات ضارة على الاستثمارات السياحية فى هذه المنطقة. مشيرا إلى أن فرنسا التى تعد واحدة من أكبر الدول السياحية تقوم ببناء المحطات النووية فى محيط المنتجعات السياحية، والمناطق السكنية.

وفى 25 أغسطس من العام نفسه حسم الرئيس السابق "مبارك" الجدل وأقر اختيار منطقة الضبعة على الساحل الشمالى الغربى للبلاد لإقامتها، وذلك على لسان "سليمان عواد" المتحدث باسم الرئاسة المصرية وقتها، والذى قال: "حسم الجدل بشأن موقع الضبعة، حيث تقرر أن تكون الضبعة موقعًا لأول محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية فى مصر".

وأعقب: إن "الدراسات القديمة والحديثة بما فى ذلك الدراسات اللاحقة التى أجريت بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول موقع الضبعة أشارت إلى أنه الموقع الأمثل لإقامة محطات نووية".

إلا أن الصحف المصرية قالت: إن عددا من رجال الأعمال يقومون بممارسة ضغوط لاختيار موقع بديل؛ لرغبتهم فى إقامة قرى سياحية على الساحل الشمالى الغربى لمصر فى موقع الضبعة.

وبحسب ما قاله "أكثم أبو العلا"، الناطق باسم وزارة الكهرباء الآن، فإن مصر تأمل أن يبدأ تشغيل المفاعل الذى ستبلغ طاقته 1000 ميجاوات فى العام 2019 .

وعقب ثورة يناير وإسقاط نظام "مبارك"، وصعود جماعة الإخوان المسلمين للسلطة، قام الرئيس الحالى "محمد مرسى" بزيارة مرسى مطروح، وعقد لقاء جماهيريًّا، وتحدث عن مشروع الضبعة، مؤكدا أن مصر تحتاج إلى خمس محطات، إلا أن أحاديثه كلها دارت فى نطاق الوعود لا القرارات، وعلى أقل التقديرات كان بإمكانه إصدار أمر بإخلاء أرض المشروع من المواطنين الذين اقتحموها وقاموا بهدم السور، واستولوا على الأرض، وهو ما اعتبره المهتمون بالمشروع أنه بذلك يقدم تنازلات كبيرة قد تصل إلى حد تدمير المشروع وإلغائه.

جدير بالذكر أن الضبعة هى مدينة فى محافظة مطروح، تبدأ من قرية غزالة شرقا حتى قرية فوكة غربا، ومساحتها الإجمالية تبلغ 60 كيلومترًا على الساحل، وتوجد بها منشآت تعليمية مختلفة، ويمر بها خط للسكة الحديد، كما تبعد عن الطريق الدولى مسافة 2 كيلومتر.

وترجع شهرة هذه المدينة إلى أهميتها السياسية؛ حيث إنها تحتوى على أحد أنسب المواقع الصالحة لبناء مفاعل نووى فى مصر.

الجريدة الرسمية