خط أحمر! (1)
ترددت كثيرًا قبل كتابة هذه المقالة، ولكن الدافع للكتابة كان أقوى من الاستسلام لهذا التردد، حيث بدأت بعض الأفعال -وخاصة بين الشباب- تنتشر خلال السنوات القليلة الماضية، و كلما كنت أشاهد فعلا منهم، كنت أفكر كثيرًا عن الدافع خلفه، ولعل أهم هذه الأفعال هو ارتكاب بعض الشباب كثيرًا من المحرمات عمدًا، بدءا من شرب الخمر ووصولًا إلى الزنا وما بينهم بدعوى أنهم يحملون ديانات ولكن لا يمارسونها..
قابلت أشخاص تفعل ذلك حرفيًا، بل إن أحدهم حاول إقناعي بشرب بعض النبيذ أثناء عشاء عمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وبمناقشته والحوار معه وهو تجاوز الثلاثين عاما، اندهشت جدا عندما عرفت أنه كان شخصا ملتزما ويصلي ويصوم ولا يفعل أي شيء يخالف شرع الله، حتى تخرج من الجامعة وبدء في العمل وانتقل للإقامة بعيدا عن أسرته!
ومن الأفعال التي توقفت عندها كثيرًا أيضا هي خلع بعض الفتيات الحجاب، بعد فترة حجاب طويلة، بعضها قد بدأ منذ طفولتهم، بل والظهور في مشاهد مثيرة للاشمئزاز المختلط بالشفقة، حيث التبرج الشديد الذي وصل إلى درجة الظهور جهرًا بالملابس العارية وملابس البحر الساخنة والاختلاط الوقح، والمجاهرة بكل هذه المعاصي، تحت دعوى الحرية!
اقرأ أيضا : احترم نفسك.. أنت تستحق !
ومن المشاهد السوداء، عقوق الوالدين والتجاوز في حقهم وعدم قبولهم، ورفض نصائحهم، بل وهجرهم حتى ينتقلوا إلى رحمة الله تعالى، وهناك قصص مأساوية درامية انتهى بعضها بقتل الأبناء للآباء، بل والتمثيل بجثثهم وللأسف امتلأت أخبار الحوادث بمثل هذه القصص المأساوية!
وحديثا انتشرت ظاهرة بعيدة عن كل الأديان وهي الانتحار بين الشباب وإنهاء الحياة في مشاهد مأساوية تستوجب الوقوف عندها كثيرًا جدا! فضلا عن ظاهرة الإلحاد والشرك بالله، وهي أيضا ظاهرة تهدد بكارثة إذا لم يتم الوقوف على أسبابها الحقيقية و فهمها فهما صحيحا لا يقبل الجدل!
وعلى الرغم أنني اخترت نماذج مختلفة، لكن في تصوري يبقى السبب واحد، وهو غياب العقيدة الصحيحة، والعقيدة في معناها الحرفي هي الإيمان والتصديق الدامغ بشيء ما، والعقيدة الصحيحة هي الأصل في ممارسة كل الأديان، وبدونها يصبح أي إنسان يحمل ديانة دون مضمون! والسؤال الآن: ما السبب وراء غياب العقيدة الصحيحة وما الدلائل على أنها هي نواة كل المصائب؟
اقرأ أيضا: مطلوب أب خبرة
وعن نفسي توقفت كثيرًا حتى أصل لإجابة ترضيني على الأقل لهذا السؤال الهام، وفي إجابتي لنفسي عن سؤال مضمونه هو كيف أصبحت مُسلمًا ولماذا؟ هل لأنني اعتقدت اعتقادًا صحيحًا في الإسلام؟ وإجابتي القاطعة كانت بكل صدق: لا! أصبحت مسلمًا لأن أبي و أمي و أسرتي مسلمين، ولو كنت ابنًا لأسرة لها ديانة اخري أو حتى لا تعتنق أي ديانة لأصبحت مثلهم!
وفي تأمل عميق في مشهد خلع الحجاب، وجدت أن السواد الأعظم للفتيات المحجبات قد نشأت في أسرة ترتدي فيها الأم الحجاب وأن الكثير منهم، إن لم يكن كلهم، قد ارتدوا الحجاب وهم في سن الطفولة وقبل مرحلة النضوج، أي بمجرد الوصول إلى سن البلوغ الجنسي! ونتيجة هذا التأمل أضافت لجوهر غياب العقيدة الصحيحة وتعزيز مفهوم "هذا ما وجدنا عليه آباءنا"!
إلى هنا اكتمل التشخيص من وجهة نظري التي تحتمل الخطأ و الصواب، بعد أن وصلت إلي خيوط قد تكون هامة أيضا في العلاج وتصحيح وعي عقائدي هام، أصيبت أجيال كثيرة بخلل كبير فيه. وللحديث بقية.