خير الدين بربروس.. حكاية قرصان طالب أردوغان جنوده بإعادة سيرته فى المتوسط
استبق الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، جلسة برلمان بلاده المقررة غدا الخميس للموافقة على نشر قوات بالعاصمة الليبية "طرابلس"، معلنا أن تركيا بصدد اتخاذ خطوات جديدة فى ليبيا وشرق المتوسط.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفى أجراه أردوغان، الأربعاء، مع جنود عاملين في أحد مراكز الشرطة التابعة لقوات الدرك بولاية هكاري جنوب شرق البلاد لتهنئتهم بالعام الميلادي الجديد.
وتابع أردوغان: "وها نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة في كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط. ونأمل في أن يحقق جنودنا في شرق المتوسط ملاحم بطولية كتلك التي حققها أمير البحارة العثمانيين "خير الدين بربروس (1478-1546)، وهم بالفعل سيواصلون كتابة تلك الملاحم".
وخير الدين بربروس هو والي الجزائر وقائد القوات البحرية واسمه خضر بن يعقوب من أشهر قادة الغزو في منطقة شمال إفريقيا وقائد الأسطول العثماني وأهم مساعديه "حسن الكبير" بيوك حسن و حسن الصغير وحسن الكبير.
وفي عام 1543 فرض أسطول عثماني بقيادة بربروس حصارا بحريا على شواطئ مدينة نيس الفرنسية في حرب ضد الإمبراطورية الرومانية المقدسة "إمبراطورية هابسبرج" في وقت كان يحتل فيه اسم بربروس مكانة بارزة في البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا. فمن هو خير الدين بربروس الذي يتخذه أردوغان قدوة؟
في جزيرة ليسبوس في بحر إيجة، وهي جزء من اليونان الحالية، وتحديدا في سبعينيات القرن الخامس عشر عندما كانت الجزيرة تحت السيادة العثمانية خضعت الجزيرة للعثمانيين بين 1462 و1912، ولد واحد من أبرز أبطال الإمبراطورية العثمانية وهو "قرصان الجزائر" الذي تحول لاحقا إلى ملك البحار، خير الدين باشا بربروس، ويعني لقبه باللغة الإيطالية صاحب اللحية الحمراء، كما ولد هناك أيضا شقيقه "عروج" وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وكان الأخوان بربروس يمارسان القرصنة بالفعل في البحر الأبيض المتوسط عندما بسطت إسبانيا سيطرتها على قرطبة عام 1492 لتهزم آخر دويلة إسلامية في شبه الجزيرة الأيبيرية، فانتقل السكان المسلمون إلى شمال إفريقيا.
وفي عام 1505 كان الإسبان والبرتغاليون يتطلعون إلى تحقيق توسع إقليمي في شمال إفريقيا، فشنوا هجمات على المدن الساحلية للمنطقة.
وفي ذلك الوقت كان خير الدين وعروج يمارسان القرصنة بتوجيهات من كوركود، نجل السلطان العثماني بايزيد الثاني، فكانا يعطلان حركة الملاحة الإسبانية والبرتغالية في غرب البحر المتوسط.
وبموت بايزيد الثاني عام 1512 دب صراع بين ولديه سليم وأحمد، ومع هزيمة أحمد تدفق أنصاره إلى شمال إفريقيا.
وفي ذلك الوقت أعدم السلطان سليم أخيه كوركود الذي لم يكن يثق فيه، فهرب الشقيقان بربروس إلى شمال إفريقيا ليبتعدا عن حاكم من الواضح أنه معاد لهما، وانضما إلى جهود تلك المنطقة في مقاومة النفوذ الإسباني.
وفي خلال السنوات الثلاث التالية برز اسم الشقيقين بربروس في الحملات البحرية المناوئة للإسبان والبرتغاليين في غرب المتوسط.
وفي عام 1516 شن الشقيقان هجوما على مدينة الجزائر التي بسط عروج سيطرته عليها.
وقد اعترف العثمانيون بهذه التطورات الجارية على الأرض في شمال إفريقيا وعرضوا الدعم المالي والسياسي على الأخوين الأمر الذي مكنهما من تعزيز مكاسبهما.
ثم عرضت الدولة العثمانية منصب حاكم الجزائر على عروج ومنصب أمير البحر في غرب المتوسط على خير الدين ولكن لم يكن اندماج الشقيقين تاما في الدولة العثمانية.
وفي عام 1518 لقي عروج حتفه في قتال الإسبان الذين استعادوا السيطرة على مدينة الجزائر، وفي ذلك الوقت تقدم خير الدين، الذي حمل لقب بربروس، لقتال الإسبان وطلب مساعدة العثمانيين ونجح في السيطرة مجددا على المدينة التي تحولت تدريجيا لأول دولة للقراصنة والتي تنامى استقلالها العسكري والسياسي بمرور الزمن عن الدولة العثمانية.
وكان العثمانيون قد استخدموا الجزائر في وقت لاحق كقاعدة عمليات متقدمة لهم في غرب البحر المتوسط، وفي ذلك الوقت ارتبط بربروس رسميا بالدولة العثمانية.
وفي عام 1522 استولى السلطان العثماني سليمان القانوني على جزيرة رودس ونصب بربروس حاكما عليها.
وبعد استيلاء بربروس وقواته على تونس عام 1531 جعله القانوني الأدميرال الأكبر "قبطان باشا" للدولة العثمانية وصار يعمل رئيسا لأركان حرب البحرية العثمانية.
وكانت أعظم معارك بربروس البحرية انتصاره في بريفيزا اليونان عام 1538 على أساطيل فينيسا وجنوة وإسبانيا والبرتغال ومالطة ودولة البابا.
وكان سر انتصاره اعتماده على السفن ذات المجاديف بدلا من السفن الشراعية التي تعتمد على الرياح فتمتعت سفنه بقدرة أكبر على المناورة فنجح أسطوله الذي ضم 122 سفينة في هزيمة 300 سفينة للأساطيل المعادية.
وفتح له هذا النصر الطريق لسيطرة العثمانيين على طرابلس وشرق البحر المتوسط.
وبعد ذلك شارك بربروس في عدة حملات عسكرية من بينها مساعدة الفرنسيين ضد الإمبراطورية الرومانية المقدسة إمبراطورية هابسبرج عام 1543 الذي شهد حصار شواطئ مدينة نيس، وعام 1544.
ثم توفي خير الدين بربروس في القسطنطينية عام 1546. بحسب دائرة المعارف البريطانية.