مبادرات الحكومة والبنك المركزى هل تنجح فى إنقاذ الاقتصاد المصرى من الركود؟.. عقاريون: تحرك المياه.. ونحتاج إلى خطة إنقاذ
أطلق البنك المركزى العديد من المبادرات الهامة التى ترمى لدعم الاقتصاد القومي حيث ساهمت تلك المبادرات فى إنقاذ عدة قطاعات منها "المشروعات الصغيرة والمتوسطة، العقارى، الصناعة، السياحة" وآخر المبادرات التى أعلن عنها المركزى مبادرة بقيمة 100 مليار جنيه "6.2 مليار دولار" لدعم الصناعة المحلية، حيث تتطلع القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى تعزيز نمو القطاع الخاص في المرحلة التالية من برنامج الانتعاش الاقتصادي.
وقال طارق عامر، محافظ البنك المركزي فى تصريحات سابقة ، إنه بموجب المبادرة ستكون البنوك المملوكة للدولة من بين البنوك التي توفر التمويل اللازم للنهوض بالصناعة المحلية، كما سيسعى البنك المركزي إلى مساعدة البنوك الأجنبية أيضا في دعم المبادرة.
الصناعة المحلية
وبدأت مبادرة البنك المركزي بدعم الصناعة المحلية، بقيمة 100 مليار جنيه، باتخاذ أول خطوة وهي التي أعلن عنها طارق عامر، وتتمثل في إسقاط العوائد المتراكمة على المصانع المتعثرة، فضلا عن إزالتها من القوائم السلبية وإسقاط القضايا المنظورة أمام القضاء.
كما ستكون المصانع التي تقل مبيعاتها عن مليار جنيه قادرة على تأمين القروض بمعدل فائدة منخفض قدره 10 ٪، ولن يتمكن الأشخاص الذين لديهم مبيعات تتجاوز هذا أحد من الوصول إلى هذا السعر.
ويؤكد البنك المركزي المصري من خطوة اسقاط العوائد المتراكمة على المصانع المتعثرة وتسوية الديون على رسالة واضحة تتمثل في إعادة تشغيل الطاقات المتعطلة بالمصانع المتعثرة، استفادة البنوك من الأموال الموظفة في حركة الاقتصاد وتنمية الناتج القومي، دعم القطاع الخاص للمشاركة في التنمية الاقتصادية، تخفيف الأعباء عن المتعثرين للتركيز على الإنتاج.
وتعد هذه الخطوة هي أحدث مبادرات البنك المركزي المصري بقيادة طارق عامر، والحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، لتحفيز التنافسية والنمو في القطاع الخاص، وهو عنصر رئيسي في المرحلة التالية من البرنامج الاقتصادي الذي بدأ في أواخر عام 2016 مع انخفاض قيمة العملة، وسعى ذلك إلى كبح جماح النقص بالدولار وساعد في تأمين قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار مما عزز ثقة المستثمرين.
السوق العقاري وأشاد عدد من مسؤولي القطاع العقاري بالمبادرات التى أطلقها البنك المركزي مع الحكومة، وأشاروا إلى أنها خطوة جيدة ستساهم فى تحريك عجلة المبيعات بالسوق العقاري والاقتصاد المصري كله وخاصة وأن القطاع العقاري يرتبط بأكثر من 90 مهنة وصناعة أخرى.
التمويل العقاري
وأكد فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أن مبادرة البنك المركزي لدعم التمويل العقاري للإسكان المتوسط خطوة جيدة ومهمة، وحال نجاحها ستكون لها تداعيات واسعة على الاقتصاد المصري كله، نظرا لارتباط القطاع العقاري بالكثير من المهن والصناعات الأخرى، ولفت إلى الاشكالية تكمن فى تفاصيل وآليات تطبيق المبادرة على أرض الواقع.
وأشار إلى أهمية عدم رهن المبادرة على الوحدات المسجلة بالشهر العقاري فقط، وخاصة وأن 90% من العقارات فى مصر غير مسجلة نظرا للقيود والعراقيل التى تقف أمام التسجيل، لافتا إلى أن شرط التسجيل قد يفرغ المبادرة من مضمونها.
وحول اشتراط المبادرة تمويل الوحدات السكنية الجاهزة وليس تحت التنفيذ، قال فتح الله إن ذلك من الممكن أن تتلافيه بعض الشركات وخاصة وأنها تبقى على حوالي 20% من وحدات مشروعاتها وعدم تسويقها إلا بعد الانتهاء من بنائها ويمكن الاستفادة منها بالمبادرة بما يحقق سيولة جيدة للشركات تساهم فى إنعاش اقتصادياتها وتشجعها على الدخول فى مشروعات جديدة وتنعش حركة البيع بشكل عام.
وأكد فوزى أن الشركات الكبيرة والمطورين المحترفين أكثر المستفيدين من المبادرة. فيما أكد المهندس محمد البستاني رئيس جمعية مطورى القاهرة الجديدة – تحت التأسيس- أن المبادرة جيدة فى مجملها وستساهم فى إنعاش حركة البيع بالشارع المصري، لافتا إلى أن ضخ 50 مليار جنيه سيولة جديدة بالسوق ستحرك المياه الراكدة. وأشار إلى ان المبادرة تقدم بفائدة 10% متناقصة وهو معدل جيد يعمل على تنشيط السوق العقارى ويستفيد منها العملاء، ولكن الإشكالية لو هناك قيود من المبادرة على تمويل الوحدات غير المسجلة أو الوحدات غير الجاهزة وذلك يعني حرمان الكثير من الشركات والمناطق من الاستفادة من المبادرة وعلى رأسها مشروعات العاصمة الادارية الجديدة ومناطق بيت الوطن والنرجس وغيرهم وخاصة وأنها مشروعات لا تزال تحت الإنشاء، مؤكدا ضرورة توسيع قاعدة المستفيدين من المبادرة من خلال طرح المزيد من التسهيلات والتيسيرات حتى تحقق المبادرة المرجو منها.
وأشار إلى أن المبادرة قد تساهم فى إنعاش مبيعات سوق "الريسيل" – اعادة البيع لانها وحدات جاهزة ولكن المبادرة بهذا الشكل لن تحقق الفائدة التى ننتظرها منها. واقترح البستاني بتطبيق المبادرة من خلال دخول البنوك كشريك ضامن متضامن مع الشركة العقارية ويتم تنفيذ وحدات سكنية بما يتوافق مع شروط المبادرة وبإشراف من وزارة الإسكان وسيكون لذلك فوائد بالجملة على كل الأطراف بالسوق سواء المواطن أو الشركات أو البنوك والاقتصاد الوطني بشكل عام.
خطة إنقاذ شاملة
ومن جانبه قال محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية بالغرفة التجارية، رئيس جمعية مستثمرى العبور، إن المبادرة خطوة إيجابية رغم الملاحظات التى وضعها المستثمرون ورجال الأعمال عليها، مضيفا أن المبادرة بشكل عام ستساعد على تشغيل العديد من المصانع والمشروعات والتى تحتاج إلى تمويل، لكن هناك مشكلة فى الضوابط التى وضعتها المبادرة من بينها أن يتراوح حجم مبيعاتهم بين 50 مليونا وحتى 1 مليار جنيه، والالتزام بعدم استخدام القرض فى سداد أية أرصدة تمويلات، وهى شروط تعوق الاستفادة من المبادرة، ولذلك لا بد من إعادة النظر فى هذه الشروط للاستفادة من المبادرة بالقدر الكبير لعدد كبير من المستثمرين المتعثرين.
وأضاف المرشدى أن هناك العديد من المشكلات التى ستحد من مزايا المبادرة وتعتبر من الملاحظات التى يجب إعادة النظر فيها، وتتمثل فى أن القيمة المحددة لمبيعات الشركة والتى تبدأ من 50 مليون جنيه مرتفعة للغاية وهو ما لا يناسب ظروف المستثمرين، بالإضافة إلى أن المبادرة ليست كافية فهناك مشكلات عديدة تواجه المستثمرين أهمها إجراءات المحافظة على السوق والسماح المؤقت والبضائع التى تغرق الأسواق من المناطق الحرة، وهو ما يجعل المنافسة غير حرة وغير عادلة، وما زالت هذه المشكلات عالقة دون حل.
ويؤكد كمال الدسوقي، نائب رئيس غرفة مواد البناء في اتحاد الصناعات، أن القطاع الصناعي عاني خلال في الفترة الأخيرة من العديد من بعض المشكلات والتحديات التي طالما تحدث عنها القطاع وكان يأمل دوما في حلها سواء فيما يتعلق بالأراضي الصناعية على سبيل المثال ولقد قامت الحكومة مؤخرا بطرح الخريطة الاستثمارية التي سوف تساهم في توافر الأراضي بشكل إلكتروني وإتاحة الأماكن التي تتوافر بها.
وقال الدسوقي، إن القطاع الصناعي يعد من أهم القطاعات التي تتطلب مبادرات لتنميتها وتطوير الأداء بها، لافتا إلى أن مبادرة البنك المركزي التي أطلقها مؤخرا نالت ترحابا كبيرا من القطاع لأنه بحاجة شديدة إلى مثل هذه المبادرات وغيرها لما سوف تنعكس على نمو الأداء الصناعي.
وقال إنه حان الوقت لدعم القطاع باعتباره من أحد أهم الأنشطة الاقتصادية، لافتا إلى أن أي مبادرة في هذا الشأن تنعكس أيضا علي الأداء الاقتصادي بشكل عام، وأن تلك المبادرة تأتي في البرنامج الإصلاحي الذي تتبناه الحكومة، لافتا إلى أن القطاع الصناعي يأمل بأن يستمر انخفاض سعر الفائدة لافتا إلى أن هذا الإجراء يعد من أحد الإجراءات الإيجابية التي اتخذها البنك المركزي مؤخرا وتنعكس بشكل جيد على القطاع الصناعي.
وعلى جانب آخر أكد عمرو فتوح عضو لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال وعضو جمعية مستثمري مدينة بدر أهمية فتح ملف المصانع المتعثرة، موضحا أنه لا يقل أهمية عن الكيانات الصناعية القائمة، مشيرًا إلى ان مبادرة البنك المركزي وما تتضمنته من مبادرة لدعم المصانع المتعثرة ورفع الأعباء عنها تشجيعا لإعادة افتتاح المصانع المغلقة يعد خطوة هامة وجيدة، لافتا إلى أن القطاع الصناعي نادى كثيرا بأهمية فتح هذا الملف والعمل على إعادة تشغيل تلك المصانع وحل أي مشاكل فنية أو تمويلية تواجهها من أجل إعادة تشغيلها وعودة عجلة الإنتاج إليها مرة أخرى بعد سنوات من التوقف.
الفائدة
وقال فتوح إن القطاع الصناعي طبقا لمبادرة المركزي بـ100 مليار جنيه بفائدة 10% متناقصة نالت ترحاب شديد نتيجة انخفاض سعر الفائدة والتي تعد من أهم النقاط الهامة التي تتخذ عند أي اتخاذ قرار بالاقتراض، لافتا إلى أن تلك الخطوة سوف تشجع على الاقتراض والتوسعات لمن يرغب.
وقال إن العمل على حل أي تحديات تواجه القطاع الصناعي سواء فيما يتعلق بتوافر الأراضي الصناعية المرفقة وتخفيض أسعار الفائدة كلها قرارات أصل في صالح القطاع وأيضا تشجيع المنتج المحلي وإيجاد خريطة صناعية لأهم الصناعات المطلوبة في السوق المحلي خلال الفترة المقبلة خطوات هامة لا بد من التركيز عليها بشكل مستمر والعمل على رفع تنافسية المنتجات فى الاسواق التصديرية الخارجية.
حركة التجارة
وأكد المتحدث باسم اتحاد تجار سوق العبور ونائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية، على أن المبادرات الخاصة بدعم الاقتصاد والمتمثلة فى تخفيض الأسعار للسلع للتخفيف عن المستهلكين كان لها أكبر الأثر على تخفيض الأسعار وكذلك تحقيق الاستقرار فيها.
وأوضح المتحدث باسم تجار العبور على ان جميع التجار سواء فى مجالات التجزئة أو القطاعى أعلنت عن مشاركتها فى مبادرات دعم الاقتصاد وتخفيض الأسعار من بينها "كلنا واحد" بالتعاون مع وزارة الداخلية وكذلك مبادرة تخفيض الاسعار بالتعاون والمشاركة مع وزارة التموين والتجارة الداخلية وكلها مستمرة ولم تنته فى الأسواق والمنافذ التابعة للدولة والمواطن يحصل على احتياجاته من خلالها بأسعار مخفضة.
وحول قدرتها على تحقيق الانخفاض فى الأسعار فقد أكد "عضو الغرفة التجارية" على أن هناك بعض الأصناف تراجعت بنسبة 50% على الأقل بعد تدشين المبادرة الحكومية الداعمة للاقتصاد من بينها البطاطس والفاصوليا والبصل، كما ساهمت فى تراجع أصناف الخضر والفاكهة الأخرى بنسبة لا تقل عن 30% واستطرد"عضو الغرفة التجارية" قائلا: إن استمرار هذه المبادرات والتعاون بين الأجهزة المختلفة فى الدولة والوزارات وبين التجار فى الأسواق ساهمت فى تحقيق الاستقرار بشكل كبير فى السلع داخل الأسواق، مؤكدا أن المواطنين والمستهلكين فى المناطق المتوسطة والشعبية هما المستهدفين من كل محاولات ومبادرات خفض الأسعار بينما المستهلكون الذين يحصلون على خضروات معبأة ومجففة فإنهم يدفعون ثمن الخدمة التى يحصلون عليه.