الأزهر للفتوى الإلكترونية عن الدعوات المسيئة للرسول: لو عرفوه لأحبوه
أثارت الدعواتِ التي أطلقها السياسي الهولندي خيرت فيلدرز، بتنظيم مسابقة لتصميم رسوم كاريكاتورية لنبي الإسلام محمد ﷺ، بزعم أن ذلك انتصارًا لحرية التعبير عن الرأي المكفولة للجميع، موجة من الغضب لدى المؤسسات الدينية فى مصر.
وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الدعوة إلى عقد مسابقة كاريكاتيرية تسيء لرسولنا الكريم سيدنا محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- ليست هي الأولى من نوعها، بل سبقتها وقائع مشابهة، يرجع تاريخها لأكثر من خمسة عشر عامًا باسم حرية التعبير والإبداع.
وأشار المركز إلي أن هذه الوقائع لم تنل شيئًا من مكانة سيدنا رسول الله ﷺ لدى أتباعه، أو لدى المنصفين من غير أتباعه، كما أنها لم ترفع من قدر مُنتَقصيه؛ بل إن التاريخ لم يمدح قط مستهزءًا أو حاضًّا على الكراهية.
ونوه المركز إلي أنه يود أن نطرح تساؤلاتٍ على أنصار حرية التعبير المطلقة: هل لمقدسات النّاس ومشاعرهم احترام لديكم؟! وهل تُقاس حضارات الأمم بتقدم صناعاتها، وتشييد بناياتها فحسب؟! أم أنّ القيم الثابتة هي الأساس الحقيقي للحضارات؟!
وأضاف المركز أن نظرة واحدة على الماضي لتطلعُنا على كم الآثار السلبية التي تركتها ممارسات العنصرية والكراهية والعنف، والتي عانت منها البشرية عقودًا؛ ولا زالت، وليس الإرهاب عنا ببعيد.
مرصد الأزهر يحذر من دعوات تسيئ لرسول الله
وتالع المركز : إن الإسلام يرفض انتقاص الآخر خلف أي سِتار، وتحت أي مسمى، ويرى أن حرية الفن والإبداع منضبطة بقيم التسامح والرحمة والاحترام، موضحًا أن تمسك المسلم بدينه، وعمله بكتاب الله عز وجل، والتزامه سنة سيدنا رسول الله ﷺ لهو الرد الأمثل على هذه الإساءات، وإن رد الإساءة بالإساءة أو بالعنف لن يوقف محاولات الانتقاص المتكررة، ولن يضع حدًّا للمشكلة، قال تعالى: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ، كما أنه ليس من خلق المؤمن؛ فما تعبد الله عباده بسب أو بذاءة، قال صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ"
واستطرت المركز : لو عرفوه ما أساءوا إليه؛ بل لو عرفوه لأحبّوه، إنّ رسولَ الإسلام ﷺ لهو شعاع النور للبشرية جمعاء، وهو الداعي إلى كل فضيلة، الناهي عن كل رذيلة، جعل الله سبحانه الفلاحَ في الإيمان به وتعزيره ونصرته واتباعه؛ قال تعالى: "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، وبعثهُ سبحانه برسالة التوحيد والسلام والحرية والأخلاق إلى أمة لا تعرف عن هذه المعاني شيئًا يُذكر؛ فاستطاع أن يُحوِّل أفرادها إلى عُبَّاد لله تعالى، زُهَّاد في هذه الدنيا، وقادة صالحين مُصلحين.
وأكد المركز إن محاولة صادقة من عقل واعٍ لمعرفته ﷺ لتوصل صاحبها إلى الإيمان بنبوته ومحبته، أو إلى احترامه وإنصافه على أقل تقدير، وأنه يكفي لبيان عدمِ الإنصاف، وانعدام الموضوعية لدى منتقصيه أنهم لم يعرفوا عن رسالته السَّمحة، وخُلقه القويم ﷺ مقدار صفحة من كتاب، ولا ضَيْر؛ فمن زكَّاه الخالق عز وجل وعصمَه؛ لن تُنقص من قدره كلمةُ سخريةٍ، أو رسمةُ إساءةٍ، قال تعالى في عصمتِه: "وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" وقال: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ" وقال في تزكيتِه صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ"