الحروب الجديدة إعلامية بامتياز !!
يعد الإعلام فى العصر الحديث أحد أهم أدوات تشكيل الوعي لدى الرأي العام، وعملية تشكيل الوعي بواسطة وسائل الإعلام ليست بريئة على الإطلاق، فدائما ما تتحكم فيها مصالح القوى المسيطرة على هذه الوسائل، سواء كانت قوى سياسية أو اقتصادية، وغالبا ما تنحرف هذه القوى بوظيفة الإعلام الرئيسية فبدلا من أن تسعى إلى تشكيل وعي حقيقي للرأى العام من خلال نقل الحقائق والمعلومات بموضوعية وشفافية، فإن ما يحدث هو العكس حيث تسعى هذه القوى إلى تزييف وعي الرأى العام.
وخلال المرحلة الأخيرة ظهر الدور الخطير للجنرال إعلام، حيث أصبح أحد أهم الأسلحة التي استخدمها المشروع الأمريكي لتنفيذ مخطط تقسيم وتفتيت منطقتنا العربية في إطار ما عرف بالربيع العربي، أو مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وتم استخدام الجنرال إعلام للتلاعب بأمن واستقرار المنطقة العربية، وخلال هذه الحرب سقطت سريعا العديد من الاقطار العربية بفضل الجنرال إعلام الذي قام بتزييف وعي الجماهير وإيهامها بأن ما يحدث هو ثورة ستحقق لهم العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبالطبع لم تجني هذه الجماهير أى مكاسب من تصديقها للجنرال إعلام بل فازت أمريكا وكيانها الصهيونى فقط عبر التسع سنوات الماضية.
اقرأ ايضا : الفساد فى الوطن العربى.. إلى أين؟!
ومنذ قررت أمريكا خوض حربها الجديدة الخبيثة فى إطار ما يطلق عليه الجيل الرابع للحروب، قامت باستخدام الجنرال إعلام حيث سعت لتزييف وعي الرأى العام العربي والعالمي وغسل الأدمغة بهدف إحداث تغيير جذرى في بنية المجتمعات العربية لكى تلحق بقطار النهضة والتقدم، وزاد الإعلام في تضليله حين حاول تغييب الواقع الفعلى ورسم صورة وهمية لما يحدث على أرض الواقع..
وبالطبع لم يتمكن الإعلام الوطني ذو الامكانيات المحدودة من مواجهة الآلة الإعلامية الأمريكية الجبارة وكشف زيفها وتضليلها، بل قامت العديد من وسائل الاعلام الوطنية بالدوران في فلك الأعلام الأمريكي الذى يهيمن عليه اللوبي الصهيونى ويضخ به مليارات الدولارات، ورغم مرور تسع سنوات على هذه المواجهة إلا أن الجنرال إعلام مازال يلعب دوره دون كلل أو ملل..
وعلى الرغم من فشل المشروع في تحقيق بعض أهدافه في بعض الدول ونجاحه في دول أخرى، إلا أنه حتى اللحظة يسعى لتزييف وعي الجماهير بحقيقة ما يحدث على أرض الواقع - وللآسف مازالت الجماهير العربية تسمع له وتشاهده وتصدقه - خاصة على الساحات العربية التى مازالت مستهدفة لزعزعة أمنها واستقرارها بهدف الوصول لمرحلة تقسيمها وتفتيتها.
ولم يكتفي الجنرال إعلام بوسائله التقليدية المتمثلة في الصحافة والإذاعة والتليفزيون بل قام بتطوير آلته الإعلامية الجهنمية الجبارة، فأستحدث أسلحة جديدة تمثلت في ما يطلق عليه وسائل الإعلام الجديدة المرتبطة بالسلاح السحرى الجديد المعروف بالشبكة العنكبوتية –الإنترنت– حيث المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك الأكثر شيوعا وانتشارا في العالم اليوم وتويتر واليوتيوب وغيرها..
واقرأ ايضا : أمريكا تستهدف أحرار العالم
وبذلك أصبحت وسائل الإعلام ليست عامة بل خاصة حيث أصبح لكل مواطن وسيلته الإعلامية الخاصة، وعبر هذا الإعلام الجديد بدأت عمليات تزييف الوعي للمواطن العربي الشغوف بهذه الوسائل التكنولوجية الجديدة، والتي يقضى عليها معظم وقته ولا يتركها طوال الوقت، ففي كل مكان وزمان تجده متمسكا بجهازه السحرى الذي يستقي منه كل معلوماته، حيث تتشكل رؤيته للعالم عبر هذا الجهاز السحرى الصغير..
وأدرك العدو الأمريكي أهمية الجنرال إعلام الجديد وتأكد أنه قد نجح في ربط المواطن العربي بهذا الساحر الجديد، فبدأ في إطلاق جيوشه الإلكترونية لتنشر بذور الفتنة داخل مجتمعاتنا، وبما أن طبيعة التربية والتعليم داخل مجتمعاتنا قائمة على الحفظ والتلقين دون إعمال للعقل والنقد، فإن أى معلومات تبث عبر وسائل الإعلام الجديد يتم التعامل معها على أنها حقائق مطلقة، ومن هنا ينتصر الجنرال إعلام وجيوشه الإلكترونية على المواطن العربي.
فالجنرال إعلام صنيعة أمريكية، يجب أن نحترس منها وندرك دورها التدميرى حيث تقوم بعملية تجريف للعقل الجمعى العربي، فالمعركة الجديدة بيننا وبين الغرب الاستعمارى لاستمرار وتكريس تخلفنا قد تجاوزت الأسلحة التقليدية فلم يعد الاحتلال العسكرى ممكنا في الألفية الثالثة، ولم يعد الاحتلال الاقتصادي وسيلة وحيدة قادرة على إخضاعنا وإذلالنا، ولم يعد الاحتلال الثقافي التقليدي كافيا بل تم تطوير أسلحته ومنها وسائل الإعلام الحديثة التى أصبحت جنرالا أساسيا في ظل الجيل الرابع للحروب، وإن لم نلتفت للجنرال إعلام ونواجهه فعلى مجتمعاتنا العربية السلام، اللهم بلغت اللهم فاشهد.