د. محمود فوزي يكتب: "جماعات المصالح" جوكر المسئولية الاجتماعية للشركات
تعتبر المسئولية الاجتماعية للشركات مثل إدارة المخاطر؛ كأحد الآليات التي تنتهجها الاستراتيجية الاتصالية للمنظمة، من أجل دعم وتعزيز سمعتها وصورتها الذهنية، التي يتطلب بناؤها عقودًا زمنية طويلة، لكنها سرعان ما قد تتعرض للتدمير والتشويه خلال بضع ساعات لا أكثر؛ نتيجة لتعرض المنظمة لحوادث وفضائح مثل الفساد، والحوادث البيئية، وحملات التشهير، وغيرها من المواقف السلبية التي دفعت المنظمة إلى إدراك ضرورة وأهمية تشكيل ثقافة تنظيمية مع أصحاب وجماعات المصالح في المجتمع.
وقد ظهر مصطلح جماعات المصالح في عام 1984؛ كنتيجية للتزايد المطرد في تأسيس عدد كبير من الشركات متعدية الجنسيات، ومن ثم أصبح وجوبًا عليها الالتزام بأربعة محددات رئيسية هي: "الالتزام الأخلاقي" كونها مواطنًا صالحًا في المجتمع؛ يتصرف وفق مسئولية أخلاقية ضابطة لممارساته، و"الاستدامة" بمعني تلبية احتياجات الحاضر وإشباع رغباته، دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها.
وجاء المحدد الثالث متمثلًا في "ترخيص العمل" كموافقة ضمنية وصريحة من الحكومة والمجتمعات المضيفة بمصداقية الشركة وشرعية أعمالها، بينما جاء عنصر "إعادة الإنتاج" ليعني تعزيز العلامات التجارية للشركة، وتدعيم صورتها الذهنية، نظرًا لفرضية الارتباط الإيجابي بين المسئولية الاجتماعية للشركة وبين قدرتها علي تعزيز أدائها المالي، وتقديم صورة إيجابية لعملائها.
وأمام رغبة الشركات متعدية الجنسيات في تعزيز استثماراتها المالية، كي تكون مسئولة نحو المجتمعين المحلي والدولي، بدأت دراسات العلاقات العامة والمسئولية الاجتماعية سعيها الحميد في إرساء الأسس الاستراتيجية للمنظمة في إدارة علاقاتها مع أصحاب المصالح؛ والتي تمثلت في ضمان إشراكهم في تخطيط استراتيجيات المسئولية الاجتماعية للشركات، وعقد والكشف عن تصوراتهم وأهدافهم من برامج المسئولية الاجتماعية للمنظمة، وتقييم هذه الأهداف والفرص المرتقبة منها وفقا لمعايير محددة وموضوعية.
ثم بدأت الدراسات الأكثر حداثة في البحث عن مزايا تطوير الشراكة المتبادلة بين كل من المنظمة وجماعات المصالح والمجتمع المحلي الذي يعملون فيه؛ من خلال بناء علاقات استباقية مستدامة مع جماعات المصالح كميزة بحثية في توفير المعلومات واتخاذ القرارات الصائبة والتنبؤ بالأزمات المحتملة، و المساهمة في دعم أجندة التنمية الحكومية، عبر مذكرات التفاهم وعلاقات العميل المشتركة، وإضفاء شرعية اجتماعية لجماعات المصالح، وتقديم تيسيرات ضريبية وحوافز مالية لهم.
هذا إلى جانب توفير فرص مناسبة لانخراط جماعات المصالح في هيئات المجتمع المحلي لضمان الاتساق وعدم ازدواجية وتضارب المصالح بين المجتمع وبين المنظمات الداعمين له، و ضمان امتثال جماعات المصالح للمعايير والممارسات الأخلاقية المتسقة مع قيم المجتمع؛ كي تستمد المنظمة نفوذًا سياسيًا من علاقاتها بجماعات المصالح من الشركات متعدية الجنسيات.