الصراع المصري التركي إلى أين؟
يمتد الصراع إلى آلاف السنين منذ قيام الحيثيين بتهديد الوجود المصري في عهد تحتمس الثالث وعهد رمسيس الثانى، وانتهت بردعهم وكسرهم بعيدا عن النفوذ المصري في معركة قادش.. كانوا قبائل مهاجرة تجيد الحرب وتعتمد على نهب الدول المحيطة، ولم تقدم للحضارة الانسانية شيئا يذكر مقارنة بالحضارة المصرية التي ألهمت فلاسفة اليونان، ومن فلاسفة اليونان خرجت الحضارة الأوربية الغربية.
هكذا تعتمد تركيا على نهب جيرانها واستغلال أزماتهم، ويتكرر المشهد التاريخي فى يومنا هذا بدءًا من قبرص والأكراد والعراق ثم إيران إلى سوريا.. واخيرا تهديد أوروبا بفتح الحدود للاجئين، هكذا اعتمدت الاستراتيجية التركية.
إن جنون أردوغان مغموس بالجينات التركية نحو التوسع ونهب الثروات امتد إلى ليبيا، متلحفا بالستار الديني لتحقيق أهدافه التوسعية لحل أزمة تركيا الاقتصادية. ورغم تفوق البحرية المصرية التي تم تأهيلها لهذا اللقاء في عهد الرئيس السيسي على مثيلتها التركية ولكن الجيش التركي ما زال فى مرتبة متقدمة.
اقرأ أيضا: جائزة "نوبل" للاقتصاد.. طفرة في استراتيجيات مكافحة الفقر
لذا فإن هزيمة تركيا لن تتحقق إلا بتحالف دولي يقف أمام الفكر التركي المتطرف الهادف إلى نهب ثروات الشعوب، وهنا يظهر دور القوة الناعمة نحو تشكيل تحالف الدول المتضررة من الطموحات التركية في الشرق والغرب.
إن روسيا حليف تاريخي لليونان التي تعاني من الغطرسة التركية وتعاني من رغبات تركيا في نهب حقوق الغاز في المتوسط، وتمتلك روسيا علاقات ومصالح مؤثرة في العمق الليبي، أما أوروبا فترى في اليونان بوتقة الحضارة الغربية، لذا فبدونها أوروبا بلا هوية، ولكنها تحتاج إلى تركيا مرحليا خاصة أنها من أقوى جيوش الناتو، ولكنها مستاءة من التهديدات المستمرة بفتح الحدود أمام اللاجئين.
هذا وتتعامل الولايات المتحدة مع تركيا بمنطق المصلحة.
أما الإمارات والسعودية فيرون أن قطر تعتمد على الجيش التركي في تمردها على الدول الشقيقة، بما يمثل شوكة في ظهر استقرار النظم السياسية إقليميا. وتاريخيا تفشل تركيا في صناعة حلفائها، هكذا خسرت الحرب العالمية الأولى، والتاريخ يعيد نفسه فهي دولة بلا حلفاء حقيقيين.
واقرأ أيضا: السندات الخضراء ممول عالمي مستحدث للموازنة المصرية
رغم أني أستبعد مواجهة مباشرة بين مصر وتركيا، والأفضل هو أن يكون الجيش الليبي الوطني هو رأس الحربة لكن يلزم تكوين تحالف دولي لكسر البلطجة التركية، ولا يكون الجيش المصري وحيدا بدون تواجد يوناني صريح مدعومًا بتاريخ اليونان وعمق علاقاتها سواء مع أوروبا أو روسيا، هذا إلى جانب عضويتها في حلف الناتو الذي انضمت له تركيا.
في كتابه القوى الناعمة شرح “جوزيف س ناي” المفكر الأمريكي دور القوى الناعمة على توجيه الرأي العام الجمعي نحو قضايا محددة، وهو ما يمكن أن تمارسه مصر في أوروبا وروسيا، خاصة في وجود دعائم ودلائل تاريخية توضح تاريخ من الدموية والبلطجة التي يلزم تحجيمها، وأيضا مع وجود دلائل على دعم أردوغان لداعش إلى جانب سلوكها الدموي ضد قبرص والأكراد، وهي من القضايا التي تؤرق المجتمع الدولي، وألا يتكرر نفس المشهد في ليبيا.
هذا وإلى جانب التلاعب التركي في الداخل الصيني ولا يجب تغافل وجود معارضة وطنية قوية في الداخل التركي تمثل ردع لأردوغان في أفكاره المتطرفة.. ولكن تطرح معادلة التوازن الإيرانية العربية نفسها.. وقد يعيد التاريخ نفسه فعند انكسار قوة الحيثيين برز تنامي قوة الآشوريين في تهديد مناطق النفوذ المصرية والحيثية، مما دفع بالطرفين المصري والحيثي إلى توقيع معاهدة سلام كأول معاهدة سلام في التاريخ.