صوت القنابل يلهم محمود الشريف نشيد "الله أكبر"
يتردد كل يوم نشيد الله أكبر فى كل مكان من القاهرة إلى أسوان وإلى بورسعيد فى المدارس والمصانع وكل مكان، بدأت قصة النشيد فى بيت الملحن محمود الشريف حيث كانت صفارات الإنذار تنطلق معلنة الغارة فيصاب الجميع بالذعر.. وصار على محمود الشريف أن يلتزم البيت ليطمئن على كل من فيه بالليل والنهار، وكما نشرت مجلة الكواكب أوائل عام 1957 كان إلقاء القنابل يحدث دويا يصم الآذان، ومع كل قنبلة يرتفع الصوت بالعويل والبكاء فينظر الجميع إلى السماء.
حدث ذلك أثناء العدوان الثلاثى على بورسعيد عام 1956 ومحمود الشريف يفكر فيما حدث لمصر وكيف أن الله -سبحانه وتعالى- ألهمنا القوة وأعطانا الإيمان لنصمد فى وجه ثلاث دول قوى تتفوق علينا كثيرا.. إن الله -سبحانه وتعالى- يفعل ما يريد وهو فوق كل طاغ متجبر، وفجأة حلقت فوق بيت الشريف طائرة من طائرات الأعداء تصعد إلى أعلى كى تبتعد عن مرمى المدافع المصرية التى كانت تلاحقها، وأطلق أبناء الشريف صرخة واحدة وتشبثوا بأبيهم الذى أيقظته الصرخة من شروده فهتف كالمجنون "الله أكبر الله أكبر الله أكبر، وابتعدت الطائرة وما زال الشريف يردد الله أكبر والأولاد يرددون خلفه الله أكبر، وبدأ يدندن "الله أكبر فوق كيد المعتدى"، واستقر رأيه أن يكون هذا مطلع نشيد قوى نشيد النصر فإننا بفضل الله صمدنا، وبفضل الله وقفنا وقفتنا ولا بد أن نذكر الله -سبحانه وتعالى- فى أناشيدنا ليكون جل جلاله معنا فى معركتنا.
كان محمود الشريف يعرف شاعرا قويا تفيض روحه بالوطنية، واقتنع به ليكتب نشيد المعركة هو الشاعر عبد الله شمس الدين الذى وصفه النقاد بالشاعر الرهيب لفرط ما فى شعره من قوة فأبياته كانت معارك ومواقع وميادين قتال وكان يوضع فى صفوف المتصوفة من الشعراء لأن له خلوات إلى الله -سبحانه وتعالى- ينظم فيها شعرا ناعما كله إيمان وتبتل ودعاء وعرفان بفضل الله، وتقابل الشريف وشمس الدين وأخذ شمس الدين مطلع النشيد من الشريف وبعد ساعة واحدة قدم له النشيد وكأنما كانا على موعد.
تقول كلمات النشيد: الله أكبر فوق كيد المعتدى.. الله للمظلوم خير مؤيد.. أنا باليقين وبالسلاح سأفتدى.. بلدى ونور الحق يسطع فى يدى.. قولوا معى قولوا معى.. الله الله أكبر.. الله فوق المعتدى.
عاد الشريف إلى بيته وسط ذهوله وهو يدندن وأصوات المدافع تتجاوب معه.. فقد كانت هناك غارة جوية، وحين وصل منزله كانت موسيقى أغلب النشيد فى رأسه، واختار الشريف أن يؤدى النشيد مجموعة من الناس مكبرة لأولاده الصغار الذين رددوا معه من قبل فى خشوع الله أكبر فوق كيد المعتدى وليكون النشيد نشيد مصر كلها.