رحلة بحث مرضى الأورام عن أدوية علاج الألام في "دواليب المخدرات".. نقص العلاج السبب.. وضوابط مشددة لمنع الإتجار
"أدوية الآلام".. مصطلح لا يعرفه إلا الأطباء والمرضى الذين سقطوا ضحية لأمراض الأورام السرطانية، وهى عبارة عن عقاقير من مشتقات (الترامادول) ومسكنات أخرى، ويتم توفير هذه الأدوية في مراكز علاج الأورام الحكومية والجامعية، وصرفها يجرى وفقط ضوابط محددة، لا سيما وأنها غير متوافرة خارج المراكز سابقة الذكر، ولا يتم تداولها في السوق الحر (الصيدليات) تحسبًا لمنع استخدامها بشكل سيئ.
رحلة العذاب المثير في الأمر هنا، أنه رغم الأهمية الكبيرة التي تمثلها "أدوية الآلام" في رحلة علاج مرضى الأورام، إلا أن هذا لا يبدو أنه كان كافيًا لدى الجهات المعنية لتوفير الكميات المطلوبة منها، فبحسب مصادر تحدثت إليها «فيتو»، فإنه هناك نقص في هذه النوعية من الأدوية، وأصبح المرضى يحصلون على "نصف الجرعة" منها، مما يمثل مشكلة لمرضى الأورام الذين يعيشون عليها حيث تخشي المراكز الحكومية من حصول أهالي المرضي على مسكنات الترامادول وبيعه والاتجار به.
وفى هذا السياق قالت إيمان محمود، منسقة الجمعية المصرية لدعم مرضي السرطان: "مرضي الأورام الذين يحصلون على مسكنات الألم على نفقتهم الخاصة يجدون صعوبة في الحصول عليها من الصيدليات، فضلا عن أن مشتقات الترامادول المتوافرة غير موثوق بها، وهناك احتمال كبير أن تكون مغشوشة، وكذلك المتوفر في السوق السوداء يصل سعر الترامادول بها إلى 700 جنيه بدلا من 35 جنيها ثمن العقارى الحقيقى"
وأضافت أن «مرضي نفقة الدولة والتأمين الصحي يصرفون الجرعات المحددة لهم من مراكز الأورام، غير أنه تواجههم كثرة الإجراءات الروتينية والعرض على لجان طبية للتأكد من أحقية عملية الصرف، كما توجد لاصقة مخدرة على الجسم يحتاج إليها بعض المرضي الذين لم يعد يصلح لهم تناول الأقراص بالفم، وهى الأخرى ناقصة في السوق والمراكز الحكومية».
المسكنات من جهته قال الدكتور سامي رمزي، استشاري الأورام بالمعهد القومي للأورام: أدوية المسكنات لمرضي الأورام في غاية الأهمية، ومطلوبة في كل مراحل العلاج، وتزيد أهميتها بعد انتشار الورم بالجسم حينها يحتاج المريض إلى علاج تلطيفي، وعلاج المسكنات يبدأ مع المرضي تدريجيا من أول مراحل العلاج وتزيد أهميته عندما يبدأ الورم في الضغط على الأعصاب، ويتم استخدام المسكنات البسيطة،منها الأسبرين، التي لا تحتوي على كورتيزون في بداية المرض.
وعندما يزيد الألم يتم زيادة جرعة المسكن من قبل الطبيب المعالج وتتضاعف الجرعات ثم يلجأ المريض إلى مشتقات المورفين ومنها الترامادول بكل أنواعه، وهناك أدوية تعمل على الأعصاب الطرفية أو المخ نفسه، ثم مرحلة ثالثة من مسكنات الألم عندما لا تحقق مشتقات المورفين أي نتيجة وهي علاج موضعي بالأشعة التداخلية.
ويلجأ الطبيب إلى حقن العصب بالكورتيزون ثم يصل إلى مرحلة أشد وهي موت العصب بأشعة التردد الحراري ثم قطع مسلك أعصاب الألم في النخاع الشركي الواصل إلى المخ وهذه عملية خطيرة، وبشكل عام فإن مسكنات الألم هي العلاج التلطيفي ومتروك للطبيب يختار نوع العلاج المناسب لكل مريض.
المورفين وأكد أن "مشكلة علاج الألم هي مدي توافر الخط الثاني من العلاج وهو مشتقات المورفين لأنها أدوية مدرجة كجدول أول وثاني وممنوع تداولها في السوق الخارجي بالصيدليات، كما أن استيراد هذه النوعية من الأدوية يحتاج إلى موافقات خاصة ويستوردها معهد الأورام استيراد خاص للمرضي المترددين على المعهد، وكذلك بعض مراكز الأورام وليس جميعها، ومرضي الأورام في المرحلة المتقدمة الذين يحتاجون إلى مشتقات المورفين يأتون إلى المركز العلاجي للكشف وفتح ملف لهم وعند صرف العلاج يتواجد المريض بنفسه والمرة الثانية أحد الأقارب من الدرجة الأولى ثم المريض في المرة الثالثة".
وهكذا تيسيرا على المريض، وأيضا للتأكد أنه لا يزال على قيد الحياة لمنع صرف الدواء لغير المستحقين أو مرضي متوفيين أو المتاجرة به نظرا لخطورة تداول تلك الأدوية وسوء استخدامها، مع الأخذ في الاعتبار أن الإفراط في تناول المريض لها يسبب الإدمان».
ضوابط الصرف كما أشار «د.سامى» إلى أن صرف هذه النوعية من الأدوية يخضع لضوابط مشددة وجرعات محدده خوفا من الاستغلال الخاطئ لها، والمسألة ترجع إلى الضمير أوولا وأخيرا، موضحًا أن «أغلب مشتقات المورفين المستخدمة لمرضي الأورام مستوردة من الخارج، والمريض في حالة عدم إيجاد تلك الأدوية في مراكز الأورام بالمحافظات يمكنه أن يأتي لمعهد الأورام ويفتح ملف للعلاج به، وفي حالة عدم توفر الأدوية يلجأ الطبيب إلى حقن العصب».
فيما أكد أحد أساتذة الأورام - تحفظ على ذكر اسمه - أن قانون استيراد الأدوية المخدرة وجرعاتها قديم يتضمن صرف جرعات بسيطة وتحديد كمية صرف للمريض ووضع حد أقصى، لذا يجب تعديله والسماح بصرف جرعات أكثر لمرضى الأورام بالأخص، وزيادة الكميات التي تستوردها الشركات، و«ليس معني الخوف من إساءة استخدامها منعها عن المرضي المحتاجين لها».
ومن جانبه قال الدكتور أحمد حلمي، رئيس وحدة الألم بالمعهد القومي للأورام: أدوية مسكنات الألم غير متوفرة في السوق الخارجي وموجودة فقط داخل المعهد القومي للأورام ومراكز ومستشفيات علاج الأورام، ولها طرق صرف مقننة بنظام محكم حتى لا يساء استخدامها، وبعض المرضي يعيشون على مسكنات الألم لفترات طويلة وكل مريض تختلف حالته عن الآخر، وكل من معهد الأورام ووزارة الصحة وفروا أحدث الأدوية الموجودة بأمريكا لعلاج الألم للمرضي والنظام الصارم للصرف ليس فقط في معهد الأورام ومراكز الصحة بل أيضا داخل القطاع الخاص.
من جانبه قال الصيدلي على عبدالله مدير مركز الدراسات الدوائية: المسكنات أنواع مثل باراسيتامول وثانيا الأدوية غير الاستروديه NSAlDs مثل الأسبرين والبروفين والنابروكسين وغيرهم وثالثا مسكنات أفيونية مثل مشتقات المورفين مثل المورفين سلفات والترامادول والفينتانيل، ورابعا مضادات الاكتئاب مثل دولوكستين، خامسا مضادات الصرع مثل بريجابلين، وسادسا باسطات العضلات مثل الباكلوفين، العلاج يتوقف على درجة الألم وعلى أساسه يوصف المسكن، ومرضي السرطان يستخدمون المسكنات الأفيونية والترامادول والفنتنيل والمورفين والبيسلين حقن.
آثار جانبية كما أكد أن "هذه الأدوية أثارها الجانبية متعددة، ويتم اختيارها حسب حالة المريض وتاريخه المرضى سواء في القلب أو الأمعاء أو تؤدى إلى جلطات القلب، وتكمن أهمية المسكنات في استخدامها في علاج الأزمات القلبية أو مشكلة في الشرايين التاجية أو التعرض إلى ذبحة صدرية، والخوف من الترامادول يرجع إلى قابلية حدوث الإدمان والتعاطى وإساءة الاستخدام لذا وضعتها الحكومة في جداول منظمة للصرف".
ومنذ إدراج الترامادول جدول أول مخدرات أصبح الحصول عليه في الشركة المصرية لتجارة الأدوية صعب لأنه يحتاج إلى نماذج صرف معينة وروشتات مختومة مستوفاه لعدة شروط منها اسم الطبيب والختم وتوقيعه وبيانات المريض وتسجيل ذلك في دفتر لدى الصيدلي ويصرف الدواء بحد أقصى شهر، ويحتفظ الصيدلي بالروشتة ويسجل نفسه لدى مديرية الصحة بالمحافظة التابع لها ويكون من حقه صرف أدوية الجدول الأول أو الأدوية المؤثرة على الحالة النفسية.
وأكمل: إدراج الترامادول في جدول أول مخدرات أثر على توفره في السوق وأصبح له سوق سوداء وموازية ورفع سعره من 10 جنيهات إلى 600 و700 جنيه وخلق سوق بديل ومهرب من دول الهند أو الصين، ووجود عبوات مغشوشة منه مما يعرض المستحقين للضرر سواء بحرمانهم من الدواء أو اللجوء إلى الترامادول غير المضمون ومشكوك فيه ويباع في دواليب المخدرات.
نقلًا عن العدد الورقي...،