من عمرو بن العاص إلى نخبة السائد فى الوسائد
فوجئت بأحد أعضاء النُخبة المزعومة بعد مقالى الموثق بالمعلومات حول مرسى: "لا هو أول رئيس مدنى.. ولا هو أول رئيس منتخب لمصر" والذى نُشر فى الموقع الإلكترونى "لفيتو" يوم الخميس الماضى، الموافق 3 يناير 2013، يقول لى: "لقد استقر فى الوجدان الشعبى أن مرسى أول رئيس مدنى وأول رئيس منتخب لمصر!! مش حنيجى إحنا بقى نقف ضد التيار وكمان نرجع فى كلامنا، لأننا حيبقى شكلنا صغيرين أوى".
فوجئت بكلماته، وكونه يُعتبر واحد من تلك النخبة، وأنه يخاف على شكله وليس على الحق ومصر وشعبها. وأن كلماته التى يكتبها طيلة الوقت (بأن العودة للحق فضيلة) ما هى إلا كلمات يُطلقها فى الهواء، دونما أن يؤمن بمعناها! بمعنى آخر، فهو يقول: أنه ليس من النُخبة وإنما هو "أقل من القطيع"، لأنه يمضى خلف هذا القطيع، مُرددًا كلماته وليس هو من النخبة الأعلى مقامًا بعلمها، ولا يمكنه أن يقول أنه أخطأ ليصحح للناس!! إنها بالفعل مصيبة، أن يكون هذا هو حال النُخبة فى مصر، وبالفعل، هو لخص وضع الكثيرين فى تلك النخبة، من المتلونين، الذين ليس لديهم خلفية بأُسس العلم، لأن أحد مكونات العلم، هو إدراك الخطأ.
إن تلك النخبة (ليس كلها بالطبع ولكن أغلبها كما اتضح)، تُفضل المواقف السائدة، إرضاءً للجمهور العريض الذى يهتف ويصنع البطولات الوهمية لتلك النخبة. إنها تُفضل الوسائد المُريحة، بعيدًا عن المحاججة والحجة وتسييد العلم والمعرفة الحقة، بينما طالب العلم لا يرتاح، لكنه دومًا فى نضال عقلى، من أجل أن تسود الحقيقة ويتغير الواقع المحيط.
وقت أن قال لى ذاك الشخص: إنه يجب أن يمضى وفقًا للسائد فى وسائد من لا يريد أن يُصحح الخطأ، تذكرت مقولة عمرو بن العاص، حينما قال رأيه فى مصر: "نيلها ذهب ونساؤها لعب ورجالها مع من غلب"، وإن عُدلت المقولة قليلًا، فلربما تجده يقول اليوم: "ونُخبتها أو ساستها مع من غلب". إن تلك النوعية من النخبة، تظن أن الغالب هى ثورتهم ويريدون إرضاء شبابها ولو جهلًا.. بينما أرى أن الغالب هو الحق ومصر بشعبها فى مُجمله مهما طال الزمان!!
إن القراءة تُعلمنا، أن من يريد أن يقول الحقيقة، يقولها كاملة وفقًا لمعرفته دون تشويه ويعود عن خطئه ولا يهمه من يكسب أو من يخسر، احترامًا لنفسه ومن حوله وتلك الحقيقة، لأن العودة عن الخطأ فضيلة وشجاعة، ولأن التجهيل ليس مهنة النخبة وإنما العكس، وليس هدفها أبدًا هو السلام الفكرى لها أو للجماهير وإنما استمرار حراك الفكر فى المجتمع، لأن الله سيُحاسبها على قول الحق، وليس تلبيس الباطل به.
أيتها النُخبة العارية، إن الحقيقة هى أن "مرسى لا هو أول رئيس مدنى.. ولا هو أول رئيس منتخب لمصر"، وأُرفق لينك ذاك المقال، للتأكيد على ما كتبت لأننى لن أتراجع عن حق لممارسة تجهيل الشعب معكم، وأن خسرت الأشخاص، لأكسب نفسى والحق ووجه الله:
http://www.vetogate.com/30761
لقد صدق صديقى المتنور الراحل «أيمن عبد الرسول» الذى تُوُفِّىَ فى أغسطس من العام الماضى: "لو كان فى مصر نخبة، ما كانش اللى حصل حصل"!!
وتبقى مصر أولا دولة مدنية.