زيارة العائلة المقدسة أرض مصر -1
"هو ذا الرب راكب على سحابة خفيفة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر في داخلها " (اشعياء 1:19) وماهى السحابة الخفيفة إلا السيدة العذارء مريم... خرج يوسف النجار الرجل البار من أرض فلسطين بعد أن ظهر له ملاك الرب في حلم ليعطيه تعليمات تخص سلامة الطفل وليد بيت لحم قائلًا " قم وخذ الصبى وأمه وأهرب إلى مصر ليلًا وكن هناك حتى أقول لك لأن هيردوس الملك مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه" (متى 13:2). فقام وأطاع الرؤيا ونفذ كل ما قاله ملاك الرب.. وبسرعة غادرت القافلة الصغيرة بيت لحم في جنح الظلام أي في النصف الثانى من نفس الليلة ورفقت الركب سالومة القابلة العجوز التي شهدت وعاينت معجزة ميلاد المسيح وتعاهدت أن لا تفارق مريم طوال مدة حياتها.
* دخول الطفل يسوع المسيح على ذراعى أمه القديسة الطاهرة مريم والقديس يوسف النجار باركت بلادنا مصر وأخذت بركة كبيرة لأرضها وشعبها.. فأصبح شعب مصر بطبيعته شعبا متدينًا وروحانيًا يعرف الله حق المعرفة ويعبده بقلبه حتى كملت النبوءة: " فيعرف الرب في مصر، ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقومون ذبيحة وتقدمه " (أش 21:19).
* مجيء السيد المسيح والعائلة المقدسة إلى أرض مصر من أهم الأحداث التاريخية التي جرت على أرض مصر الغالية.. وهذا ما حدث فعندما كان يدخل المسيح وعائلته المقدسة أي مدينة أو قرية في مصر كانت الآوثان تتساقط أمامهم وتسقط في المعابد وتنكسر فيخاف الشعب من هذا الحدث الغير المألوف ويرتعبون من هذه المشاهد.. وهذا تحقيقًا لنبوءة الوحى من جهة مصر.
وكانت رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر رحلة شاقة مليئة بالأتعاب والآلام وكان من الطبيعى ألا تلجأ العائلة المقدسة في هذا الرحيل لطريق مطروق بل بعيدًا عن الظهور تلافيًا لعيون الأتباع والأعداء فسارت مسافة 18 كم حتى وصلت إلى بلدة فارس وأصرو على الرحيل الفورى عندما سمعوا بأنباء مذبحة بيت لحم الذي يقودها هيردوس الملك فقد ظن أن المسيح ملكًا أرضيًا ينازعه مملكته، فغضب جدًا عندما طال انتظاره بعودة المجوس إليه.
كما اتفق معهم بعد تقديم هداياهم للطفل يسوع المسيح فدبر حيلة شديدة الحبكة للتخلص من الطفل يسوع وليس من المسيح فقط بل من جميع أطفال بيت لحم وكل تخومها وأخذا كل الاحتياطات اللازمة ليضمن قتل المسيح من ابن سنتين فما دون ( متى 16:2 ) بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس، فأصدر أوامره الوحشية للتخلص منه فقتل الأطفال في مذبحة بيت لحم وبلغ عددهم مائة وأربعة وأربعين ألف طفل ظانًا أن المسيح من بينهم، فكانوا أول الشهداء في تاريخ المسيحية، فسارت العائلة المقدسة في طريقها إلى مصر عبر برية قاسية بكل الصحارى والهضاب والوديان منتقلة من مكان إلى مكان فهناك الوحوش الضارية والمطاردة في كل مكان وزمان التي كانت مهدد حياتهم في البرارى وقلقها على الطفل يسوع وهو يتعرض للشمس المحرقة وبرد الشتاء وحر الصيف وظلام الليل والعواصف وتقلبات الجو والرياح الشديد والمشى على الأقدام طويلًا فضلًا عن خشية نفاذ الطعام والماء الذي كان معها، رحلة شاقة بكل معانى الكلمة ولكن عناية السماء كانت ترافقها طوال الطريق وتحفظهم من كل المخاطر...
وللحديث بقية