حكم الشرع في كتابة قائمة للمنقولات الزوجية
من العرف السائد فى عائلتنا هو كتابة قائمة بالمنقولات قبل عقد القران ويقوم العريس بالتوقيع عليها، ورغم أننا لم نكتب إلا الأشياء التى اشتريناها بالفعل فإن والد خطيبى رفض التوقيع على القائمة بحجة أنه لا يوجد دليل شرعى على ذلك، فما هو حكم الشرع في قائمة المنقولات المنزلية داخل منزل الزوجية، وما شرعية إمضاء خطيبى على هذه القائمة؟
أجابت دار الافتاء المصرية قائلة: قررت الشريعة الاسلامية حقوقا معنوية ومالية للمرأة، وجعلت لها ذمتها المالية الخاصة بها، وفرضت لها الصداق (المهر)، وهي صاحبة التصرف فيه، وكذلك الميراث، وجعلت من حقها أن تبيع وتشتري وتهب وتقبل الهبة وغير ذلك من المعاملات المالية، ما دامت رشيدة، شأنها في ذلك شأن الرجل.
قال تعالى في شأن الصداق: "وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا"، وقال سبحانه: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا".
وإذا ما قامت المرأة بإعداد بيت الزوجية بمقدم صداقها سواء دفع الزوج المهر نقدا أو قدمه إليها في صورة جهاز أعده لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون ملكا للزوجة ملكية تامة بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول.
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى تقبيل الرجل لزوجة ابنه
وعادة ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوج أو يؤجره من الغير، فيكون الجهاز تحت يد وقبضة الزوج. فلما ضعفت الديانة وكثر تضييع الأزواج لحقوق زوجاتهم رأى المجتمع كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية (قائمة العفش)، ليكون ضمانا لحق المرأة لدى زوجها إذا ما حدث خلاف بينهما، وتعارف أهل بلادنا على ذلك.
والعرف أحد مصادر التشريع الإسلامي ما لم يتعارض مع نص من كتاب أو سنة أو إجماع، لأنه لا اجتهاد مع النص، وقد ورد عن ابنِ مسعود رضي الله عنه: "ما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأَوا سيئا فهو عند الله سيئ" أخرجه أحمـد والطيالسي في مسنديهما واللفظ لأحمد.
واقرأ أيضا: حكم إلقاء مياه الصرف الصحي في الأنهار والترع
والقائمة إذا استخدمت في موضعها الصحيح ولم تستخدم للاساءة فهى ليست أمرا قبيحا، بل هي أمر حسن يحفظ حقوق الزوجة ولا يضر الزوج، ولا تصادم نصا شرعيا، ولا قاعدة فقهية، وإنما هي متسقة مع الوسائل التي استحبها الشرع في العقود، مثل تفضيل كتابة العقود، وتفضيل وجود شهود عليها، وعدم وجودها في الزمن الاول لا يشوش على مشروعيتها..
لأنها تتسق مع المقاصد العامة للشريعة من السعي لضمان الحقوق، ورفع النـزاع، فهي ليست البدعة المذمومة المنهي عنها، بل هي بدعة مستحسنة، يصح أن يقال فيها وفي أمثالها كما قال عمر رضي الله تعالى عنه: "نِعمَتِ البِدعةُ".
وعليه فقد أكدت دار الإفتاء أنه لا حرج شرعا في الاتفاق على قائمة المنقولات عند الزواج، ولا بأس بالعمل بها، مع التنبيه بعدم إساءة استخدامها.
والله تعالى أعلم.