الطالب والعاهرة و"الديلر".. قصة شاب بدأت بالزواج العرفي في الجامعة وانتهت بتذكرة "بودرة"
لم تكن هذه الجثة التي تتمدد على الأرض والناس حولها يحوقلون، فيما تطوع البعض وستر عورة الموت بوريقات من الجرائد، سوى الفصل الأخير من بقايا إنسان أضاعها في السهرات الحمراء والزواج العرفي ومصاحبة الساقطات الجامعيات للأسف، حتى وصل به الحال إلى ليالي الدخان الأزرق وجلسات "ضريبة" البرشام، التي أدمن فيها على تعاطي "البودرة"، إلى أن تحول إلى هيكل مسخ بشري.
لم تكن جثته سوى المحطة الأخيرة في رحلة مع الحياة لم تبدأ، ليقتنص الموت مشروع إنسان كان من المنتظر أن يملك مستقبلا مشرقا ويتمتع بمكانة كبيرة، لكن انتهى حلمه إلى كابوس، مسجى على ظهره والدماء تنزف من أنفه وفمه، ظل يركض ويركض هاربا من مطاردة الشرطة بعد أن حاول سرقة هاتف محمول (موبايل) من إحدى السيدات، ليبيعه ويشتري بثمنه تذكرتي من مخدر الهيروين الذي أدمن عليه، وعندما شعر أن الحصار أحكم حول عنقه، قفز من أعلى سلم المشاة بميدان المطرية، ليسقط بجوار محطة المترو جثة هامدة، وقد خمد جسده إلى الأبد، أما روحه فماتت قبل هذا اليوم، وتحديدا منذ أن سقط في "شبكة الموت" التي أطبقت بمخالبها في رقبته بالخمر والمخدرات والنساء، وكأنها أظافر تنهش سنوات شبابه، حتى تحول إلى جلد على عظم، وصار هيكلا لا وجود لماء الحياة فيه.
أعداد المارة تتزايد، كل منهم يأتي ويلقي نظرة على الجثة المغطاة بأوراق الجرائد، ثم يتمتم بكلمات ويذهب إلى حال سبيله، وبينما هم كذلك تأتي من الخلف صرخة ممزوجة بلوعة الفراق الحارقة، والد الشاب يصرخ في الناس "هذا ابني وهذا ما جنته عليه المخدرات والنساء"، في الوقت الذي بدأ فيه رجال الشرطة فرض كردون حول مسرح الواقعة، والقيام بتفتيش ملابس الشاب، ليعثروا داخلها على "أمبولين" عبارة عن حقن مخدرة، وبينما يواصل رجال الشرطة عملهم، حضر محققو النيابة ليأمروا على الفور بنقل الجثة والتحفظ عليها بمشرحة المستشفى العام، لحين ورود الصفة التشريحية، لمعرفة سبب الوفاة. الأب يحكي قصة ابنه. --- وأمام اللواء رفعت خضر، مساعد وزير الداخلية لشرطة النقل والمواصلات، وقف والد الشاب يحكي فصول المأساة، فقد دخل ابنه الجامعة حالما بمستقبل كبير، لا شيء يمنعه من ترقي المراتب الاجتماعية والوصول إلى مكانة كبيرة، فأهله ميسورون الحال، وقريبه الذي يتمتع بنفوذ كبير ويشغل منصبا دقيقا وعده بالسعي له في وظيفة بأحد البنوك الكبيرة تليق به بعد أن يحصل على شهادة البكالوريوس في كليلة التجارة التي التحق بها. مر العام الدراسي الأول بنجاح باهر، حصل خلاله على تقدير جيد جدا، وها هي أحلامه بدأت تتجسد واقعا حيا، بكثير من الاجتهاد والصبر سيصل إلى هدفه، ليس هناك ما يعوق آماله، المال متوفر، والحسب والنسب مترسخان في عائلته، والعلاقات بذوي النفوذ طيبة.. ما الذي يمنع أن يصبح ذا شأن وجاه؟ لم يكن يعلم أن درجات السلم الجامعي التي أخذ يقفز عليها بوثبة كالنمر نحو هدفه، ستكون هي نفسها دركات السقوط إلى القاع وسببا في ضياع مستقبله، ولم يأت العام الدراسي الثاني حتى تعرف على "شلة" من مدمني المخدرات بالجامعة، أوصلته إلى هذه النهاية المفجعة.
سيجارة في راس السنة.
بدأ الموضوع بسيطا بسيجارة، وهو الذي لم يدخن في حياته، وفي ليلة رأس السنة من العام الماضي، ولأنه ميسور الحال وأهله أثرياء، فقد أصبح صيدا ثمينا لإحدى الفتيات من زميلاه بالجامعة، التي دعته للاحتفال معها بالعام الجديد، وأوهمته بحبها له، بينما كانت ترسم خطة شيطانية مع "الديلر" الذي كان يمولها بـ"تذاكر البودرة"، واتفقت معه على جرجرة رجل الشاب إلى "شبكة الموت" وإدمانه على المخدرات، حتى يصبح زبونا عند صديقها، مقابل تمويلها بالهيروين مجانا، وبالفعل نجحت خطتها في الإيقاع بـ"الزبون" الذي دخل إلى المصيدة برجليه، وبدأت العتبة الأولى من ليالي الحرام التي قضاها مع هذا الفتاة ينزف فيها جنون شبابه وعنفوان قوته ليلة تلو الأخرى، حتى خارت قواه وأكل الجنس من عافيته.
الزواج العرفي منتشر في الجامعة.
وفي إحدى هذه الليالي الرخيصة، كان في غاية التعب لا يقوى على شيء، فعرضت عليه الفتاة أن يستنشق "شمة" واحدة من هذا المسحوق الأبيض الساحر، ليستعيد فحولته ويمتطي صهوة "الفرسة"، ولأنها كانت كريمة معه لم تحرمه من كل سبل المتعة خاصة أنه وجد من حوله طالبات جامعة يتزوجن عرفيا ، فقد وافق على عرضها، وأرغم أنفه في على ظهر يدها ليستنشق أول خيط من خيوط الموت، وكانت أول جرعة هيروين، شعر بعدها بأنه بقوة 4 حصان، ونال غايته في ليلة ليلاء قضاها غارقا في بحر اللذة والخطيئة.
وفي ذات ليلة انتابه نفس الشعور بالتعب والإرهاق، فطلب من فتاته "شمة"، فأخبرته، فكان ردها "كان على عيني يا حبة عيني"، فتوسل إليها أن ترحمه من الصداع الذي كادت رأسه أن تنفجر من أثره، والمنشار الذي ينشر عظمه، وهنا أدركت الشيطانة أن الصيد وقع في الفخ، فطلبت منه مالا لتحضر له "البودرة"، فأخرج كل ما في جيبه دون تفكير وأعطاه لها، فاتصلت بـ"الديلر" الذي جاء وأسعفه بترياق المزاج، ليصبح زبونا عنده.
وشعر الشاب في يوم بوخز في ضميره من اقتراف الآثام، فطلب من فتاته أن يتزوجا عرفيا، فلم تمانع، و"ضرب" ورقة بزواجها حتى يحلل الحرام ويقنن الجريمة، وأصبحت قدمه تعرف طريق التاجر كل يوم، وأنفق كل ماله وما يجود به أبوه عليه، وعندما نضب معينه، وجف ماؤه، وأصبح "على الحديدة" لم يجد أمامه سوى هاتفه ليبيعه ويشتري الهيروين.
كشف غموض العثور على جثة طفل عارية بكفر الشيخ
السرقة من أجل الشم.
ومهما كانت كنوز الدنيا فإنها تنفد، والكيف الساحر باقٍ يغري كل من اقترب من شطه، فاتجه الشاب إلى سرقة أموال أبيه، ومصاغ أمه، في دائرة جهنمية لا تنتهي إلا بالسجن أو الموت، وقد كان، حتى علم أهله بمصيبته وعرفوا بتورطه في قاع الهاوية، فحجزوه بمصحة في مدينة فايد بالإسماعيلية ظل بها لمدة 6 شهور، لكن حالته ساءت بسبب سوء المعاملة من مشرفي المصحة والعنف الذي ينتهجونه ضد المدمنين، وفي يوم الواقعة، تمكن من الهرب منهم، وذهب كالمجنون يبحث عن "الديلر" ليعطيه "شمة" بودرة، لكن الشيطان كان حاسما "اللي معهوش ميلزموش"، فلم يجد أمامه سوى محاولة سرقة هاتف إحدى السيدات بميدان المطرية، لكن المارة شاهدوه وصاحوا نحوه، فطارده رجال الشرطة، وأثناء محاولته الهرب، قفز من أعلى سلم كوبري المشاة، فسقط على بجوار قضبان المترو صريعا، وفاضت روحه كما تلاشت أحلامه.....