رئيس التحرير
عصام كامل

بالأرقام.. تجارة "فيس بوك" تحرم الدولة من 2 تريليون جنيه.. التموين تدرس تقنين بيع السلع على مواقع التواصل الاجتماعي.. ومذكرة رسمية تقدم "حلول السيطرة"

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

«مقلدة أو مغشوشة أو مواصفاتها قريبة بعض الشيء من مواصفات المنتج الأصلى».. ثلاثة سيناريوهات لطالما وجد المستهلك نفسه متورطًا في واحد منها عند لحظة تسلمه المنتج الذي طلبه، بعد اتخاذه قرار الشراء (أون لاين)، والذي انتشر كثيرًا في الآونة الأخيرة، وتزايدت معدلات الإعلان عن السلع المعروضة للبيع وصفًا وشكلا وجودة ومواصفات عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وعن طريق الإيميلات الشخصية للمواقع، وشبكات المحمول الأربعة.

ونتيجة لتزايد معدلات الشكاوى التي يتلقاها جهاز حماية المستهلك، وعدم قدرة وزارة التموين والتجارة الداخلية على الحفاظ على حقوق المستهلك، بسبب عدم خضوع تلك التجارة للرقابة أو السيطرة، تقدم المستشار الاقتصادي العربي ابوطالب رئيس الاتحاد العام للتموين والتجارة الداخلية بمذكرة الى وزير التموين الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، بشأن الجرائم الإعلانية التي ترتكب عبر بعض القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي والإيميلات وشبكات الاتصالات بمصر دون عقاب رادع، وأكدت المذكرة أنها جميعا تمثل جرائم يعاقب عليها القانون، وهي جرائم البائع أو المعلن الذي عرض السلعة بالإعلان عنها للبيع دون ذكر السعر، وعدم جودة المنتج ومطابقته للمواصفات القياسية المصرية، بالإضافة إلى تقليد العلامة التجارية، واستخدام خامات أقل جودة وليست أصلية وهو ما يمثل غش تجاري، إلى جانب التدليس على المستهلك بعرض سلع مجهولة الهوية أو مقلدة أو مغشوشة أو دون مواصفة مسجلة. 

كما شددت المذكرة التي قدمها الاتحاد العربي وهي عبارة عن دراسة أعدها المستشار الإقتصادي العربي أبو طالب رئيس الإتحاد عن على أنه «يتم سرقة المستهلكين سواء عن طريق عرض سلع بتكلفة ومواصفات أقل من المعلن عنها، وعدم إعطائه فاتورة ضريبية للسلع المباعة، فضلا عن إجبار البائع للمستهلك في حالة رفضه استلامه للمنتج عند اكتشافه تقليد للمنتج الأصلي تحمل تكلفة مصروفات النقل، هذا إلى جانب استغلال بعض العصابات هذا الأمر لبيع منتج وهمي كـ«تابلت» أو «تليفون محمول» أو حتى سيارة، ويسطون على المستهلك ويسرقون منه جميع متعلقاته».

 

وأكدت الدراسة أن «هذه التجارة لا يسدد أصحابها ضرائب للدولة عن النشاط الذي يقوم به، والعمل دون ترخيص مزاولة المهنة أو سجل تجاري وملف ضريبي، مشيرة إلى أن «الوسيط» يحصل على تكليف من البائع للتعامل مع عدة شركات أو مواقع للإعلان للمنتج، مؤكدة ارتكابه عدة جرائم منها التكسب والتربح دون دفع للدولة ضرائب عن النشاط الذي قام به، والعمل دون ترخيص مزاولة المهنة أو سجل تجاري وملف ضريبي.

 

كما أوضحت أنه «هناك طرف آخر وهو أصحاب المواقع، الذين يشاركون في تلك الجريمة، وتتمثل في مخالفته للقانون بهدف الإعلان والتكسب والتربح دون النظر للجرائم التي ترتكب من خلال هذا الإعلان، أهمها التكسب والتربح دون دفع للدولة ضرائب عن النشاط الذي قام به العمل دون ترخيص مزاولة المهنة أو سجل تجاري وملف ضريبي، وهذه الجرائم تضيع على الدولة ما يقرب من التريليون جنيه بسبب حركة التجارة غير المرصودة للسلع دون حساب أو رادع أو عقاب يحد من تلك الجرائم».وتابعت: تلك التجارة تخالف القانون 95 لسنة 1945 وكذلك القانون 163 لسنة 1950 وتعديلاته، وكذلك قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 330 لسنة 2017 بشأن الالتزام بالإعلان عن أسعار السلع وعدم البيع بأكثر من السعر المعلن، وتدوين البيانات على عبوات السلع الغذائية أو غيرها، وحظر تداول السلع مجهولة المصدر، وذلك بهدف تطوير منظومة التجارة الداخلية في ظل المتغيرات الحالية وما يطرأ على الأسواق من تغيرات بما يتطلب متابعتها ورقابتها لإحكام السيطرة على الأسواق وضبط الأسعار.

كما تمثل التجارة عبر الإنترنت - وفقا للمذكرة - جريمة لعدم إصدار فواتير بيعية ضريبية متضمنة بيانات السلعة، وفقا للقانون وقرار وزير التموين، وهى شركة أو جهة منتجة أو مستوردة أو مصنعة أو معبئة أو موردة للسلع الغذائية لم تلتزم بإصدار فواتير بيعية ضريبية متضمنة البيانات التي توضح سعر بيع المصنع والسعر المقترح للمستهلك وحقيقة السلعة وكميتها طبقا للقوانين الصادرة بشأن الفواتير الضريبية.

 

 وتتمثل العقوبة في الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، هذا بجانب ارتكاب جريمة عدم الإعلان عن الأسعار، وهو عارض السلع للبيع ولم يعلن عن أسعارها للمستهلك باللغة العربية وبخط واضح وظاهر، وتتمثل العقوبة في الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

 

كما يمثل عدم تقديم المورد للموزع أو التاجر أو المستهلك فاتورة تثبت التعامل أو التعاقد معه على المنتج متضمنة بصفة خاصة تاريخ التعامل أو التعاقد وثمن المنتج وكميته ونوعه جريمة عقوبتها الغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، وفى حالة تكرارها تضاعف الغرامة بحديها،ووفقا لما ورد بالمذكرة، تختص المحكمة الاقتصادية بنظر تلك الجرائم المتمثلة في عدم وجود فواتير أو مستندات تحدد المصدر، إلى جانب مصادرة المنتجات لمزاولة النشاط بدون تراخيص، مخالفات الغش التجاري، حماية العلامات المقلدة والمغشوشة، تدوين البيانات وعلامات التجارية، وحماية المستهلك،وما يتعلق بالسجل التجاري، وطالبت المذكرة أن أن يتم إخضاع الوسيط والجهة المعلنة للسلع للقانون كشركاء لهذه الممارسات بنفس العقوبات، وإدخال فقرة للسلع المعلن عنها عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي والإميلات وشركات الاتصالات، مع تغليظ العقوبة، حيث أنهم لم يتأكدوا من مصادر السلع وموصفاتها ولم يمتنعوا عن نشرها مع عدم نشر سعرها، مما يساعد على ضياع حق الدولة من ضرائب ويؤثر على الدولة اقتصاديًا وعلى المواطنين الذين يقعون فريسة لهذه الممارسات، كما أكدت أن هذه النوعية من الممارسات تحارب الاقتصاد المصري، وتؤدي إلى عدم تنشيط التجارة الداخلية بها والارتقاء بالمنتجات المصرية السليمة صاحبة المواصفات القياسية المصرية والعلامات التجارية المسجلة وصاحب السجلات التجاريــــة والملفات الضريبية.

ومن جانبه طالب العربي محمد أبو طالب، رئيس الاتحاد العام لمفتشي التموين، بإنشاء مركز أو هيئة متخصصة إلكترونية تتبع وزارة التموين والتجارة الداخلية للتعامل مع تلك المواقع ومعاقبتها وذلك لحماية الاقتصاد وللمستهلكين على السواء، وقال إن «القوانين المعمول بها بوزارة التموين وهو القانون 95 لسنة 1945، والقانون 163 لسنة 1950، لا يوجد في نصوصهما وضع الوسيط والمعلن كمتهمين لا تتم محاسبتهم وتوجيه اتهام لهم بعدم الإعلان عن سعر السلعة، كما أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الإعلان عن السلع على مواقع التواصل الاجتماعي بدون تصريح باعتباره يمثل غش التجاري، وعدم تحديد لسعر المنتج، ومواصفات السلعة، وتقليد المنتج الأصلي، ولهذا بات من الضرورى إنشاء جهة أو هيئة تتبع وزارة التموين تختص بتوثيق الإعلان ونشره بطرق معينة، وتكون مهمتها أيضا الموافقة على نشر الإعلان، وهي جهة تلزم جميع الناشرين الرجوع إلى وزارة التموين لطلب النشر أو الإعلان سواء في التليفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي أو شبكات المحمول، وأن يحصل على تصريح رسمي مكود، ويتم دفع رسوم مقابل الموافقة على نشر الإعلان عن سلعة معروفة المصدر مطابقة لمواصفات الجودة ومحدد سعرها، وأوضح أن «هذه الهيئة المزمع إنشائها تساهم في زيادة موارد الدولة نحو 2 تريليون جنيه سنويا، وتحدد رسوم السماح بنشر الإعلانات ومراقبتها وتسجيلها، لجنة مختصة سيتم تشكيلها وإسناد هذه المهمة لها، وتعمل على حصر جميع الإعلانات في جميع مواقع وطرق نشر الإعلانات، وهو ما سيساهم في تنظيم التجارة العشوائية، وفى الوقت ذاته يلزم كل تاجر ومعلن أن يكون له سجل تجاري وضريبي وعلامة تجارية ومواصفات قياسية مصرح بها للمنتج المعلن عنه. 

ومن جهته شدد الدكتور صلاح الجندي، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، على أنه «يجب إخضاع الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات الرقابية، للتأكد من مصدر السلع المعلن عنها، وتقنين عمل الوسطاء والمعلنين، وعدم السماح لهم بالعمل دون تصريح، وإخضاعهم للقوانين الاقتصادية لتنظيم عملهم، وذلك بهدف تنظيم التجارة والتأكد من مصدر وجودة السلع ومطابقتها لمواصفات الجودة، خاصة أن هذه السلع قد تكون مغشوشة أو تضر بصحة المواطنين»، وأضاف أن «الدراسات الاقتصادية تؤكد أن هذه الأنشطة التجارية لا تخضع للضرائب ولا يتم مراقبتها من قبل الحكومة حيث لا تدخل ضمن الناتج القومي الإجمالي على العكس من الاقتصاد النظامي أو الرسمي، كما أن ظاهرة التجارة غير الرسمية تمثل نحو 40 % تقريبا، وتقنين عملية البيع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وإخضاع تلك التجارة إلى الرقابة الحكومية سوف تساهم في رفع الدخل القومي وزيادة موارد الدولة نحو 2 تريليون جنيه، فضلا عن تعويض العجز في الميزان التجاري وتوفير فرص عمل.

نقلا عن العدد الورقي 

الجريدة الرسمية