حكم رجل محصن زنى بامرأة محصنة في بلد لا يقيم حد الزنا؟
حذرت الشريعة الإسلامية أتباعها على تجنب الوقوع فى الزنا نظرًا لحرمتة وخطورة على حياة الأفراد والمجتمعات، كما حثت أتباعها على عدم المهاجرة بالمعصية في حالة وقوع أحد منهم بها، ومن الأسئلة التى ترد في باب الزنا هو حكم رجل محصن زنى بامرأة محصنة في بلد لا تقيم حد الزنا ، فكيف يتوب، وهل يجب عليه حتى يتوب أن يقام عليه حد الزنا.
والمتتبع للقرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة يجد العديد من المواضع التى حذرت الإنسان من الوقوع فى الزنا، منها قوله تعالى "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا" وقوله أيضًا " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ".
وفى السنة النبوية نجد أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قد حذر من الوقوع فى الزنا ونهى عنه منه قوله " "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" و وقوله أيضًا " إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان فكان كالظلة فإذا انقلع رجع إليه الإيمان" وحديث عبادة بن الصامت-رضى الله عنه- قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا".
وعن حكم الزنا فى بلد لاتقيم حدة وكيفية التوبه منه ، أوضحت دار الإفتاء أن الزنا كبيرة من الكبائر، وأن من وقع فيه، يجب عليه التوبة والندم وعدم فعل ذلك مرة ثانية، مشيرًا إلى أنه لا يجب عليه إخبار أحد، حيث روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَيَقُولَ: يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ".
حكم تهنئة غير المسلمين بالأعياد والمناسبات؟.. الإفتاء تجيب
وأشارت الدار إلى أنه من أذنب ذنبًا وستره الله فعليه ألا يفضح نفسه، لأن من صفاته تعالى ستر القبيح، فإظهاره كفر بهذه النعمة واستهانة بستره سبحانه، لافتا إلى أنه على صاحب الذنب أن يتوب إلى الله تعالى بالإقلاع عن الذنب والندم على اقترافه والعزم على عدم العودة إليه، وعليه بكثرة الاستغفار، فإن الله تعالى لم يكلف كل من اقترف ذنبًا فيه حد أن يسعى لإقامة الحد على نفسه، بل هو مأمور بالستر على نفسه.
وأضافت الدار أن إقامة الحدود من شأن الإمام أو ولي الأمر، ولذلك لَمَّا أَصَابَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ جَارِيَةً لَا تَحِلُّ لَهُ أَمَرَهُ هَزَّالٌ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِ وَقَالَ لِهَزَّالٍ: "لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ" رواه أبو داود والنسائي.