طلال سلمان.. هل من أمل؟
هذه حرب ليست كبقية الحروب العربية، إنها حرب بين «العناصر الأولية» لمكونات الهوية، أو هكذا تدار.
أمسينا طوائف، نتكلم بقاموس المِلل والنِحل.
يوم الإثنين الماضي كتب رئيس تحرير «السفير»، الصحفي اللبناني المعروف، طلال سلمان عن تورط لبنان في الحرب السورية، وهو يعني تدخل حزب الله إلى جانب بشار الأسد، في مقابل تدخل متطوعين، سُنة، مع الثوار، بعد أكذوبة سياسة «النأي بالنفس».
كلام طلال سلمان لافت؛ لأن الرجل، رغم كونه شيعيًا بالمعنى «البيولوجي» للكلمة، لكنه لم يكن يومًا إنسانًا أصوليًا، أو من أتباع فكرة ولاية الفقيه، على العكس فهو عروبي الهوى، منفتح الثقافة، وصحفي ماهر، وصاحب تاريخ مهني، لكنه يقارب تدخل حزب الله، وتورط لبنان في هذه الحرب الرهيبة بسوريا، من منظور لا تستطيع أن تنفي عنه هواجس الطائفة، بالمعنى الاجتماعي والنفسي، لا الديني.
يقول طلال سلمان: «إنها معركة دفاع عن النفس قبل أن تكون دعمًا للنظام في سوريا».
ويسجل لحزب الله، أن تدخله في الحرب كان متأخرًا جدًا، عن التنظيمات (السُنية) ذات الشعار الأصولي، والتي أوفدت ولا تزال توفد المجاميع..
ويكثف هواجسه بهذه الجملة التي تندرج ربما تحت عنوان: أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!
فيقول: «وقد تكون هذه المعركة استباقية في توقيتها منعًا لتمددها، ولكنها متوقعة، وهي حرب مفروضة لا مفر من مواجهتها قبل أن يتوسع مسرحها لإدخال المنطقة جميعًا في (فتنة كبرى) لا تبقي ولا تذر».
الحق أنها ليست حربًا لا مفر منها، بل كان يمكن الفرار منها بعيدًا بعيدًا، لولا سياسات إيران الهجومية الخمينية، ولولا شعارات إيران التي «نشّطت» الشعارات الأصولية السُنية المقابلة، وبثت فيها «إشعاعا» نوويا، ومن دق الباب سمع الجواب كما يقال.
حزب الله، هو شظية عضوية، من جسد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ذات الأيديولوجيا الخمينية، القائمة على فكرة من صميم الثورية الإسلامية، بنسخة شيعية، فيها قبسات إخوانية قطبية، كان يقال من بداية الثورة السورية، حينما كانت سلمية، وشعاراتها وطنية، قبل ولادة ما سمي جبهة النصرة، كان يقال للنظام: صالح وأصلح، وللعالم، دعم المطالب، واحضن المعارضة، وحينما تحولت المعارضة إلى خيار السلاح، بعد بضعة أشهر، وبعد مجازر النظام، كان يقال للعالم الغربي والعربي، بادر باحتضان الثوار «الوطنيين» حتى لا تلجأ الناس إلى اليأس فيستعان بشيطان «القاعدة» والتكفير والجن الأزرق..
كان يقال كل هذا.. ولا جواب.. ولا مجيب.
الآن، نحن نعيش نتيجة هذا التخاذل، والتكاذب الذي كان حزب الله يمارسه أيضًا من خلال دعواه أنه لم يتدخل وأنه مع المعارضة الإصلاحية... وأنه وأنه، ثم لما أحس النظام بوطأة المعارضة المسلحة، ودفع حزب الله ثمن انحيازه العقائدي، ها نحن نرى الثمرة، ونعمى عن الشجرة التي تدلت منها هذه الثمار!
هل من أمل؟
لا ندري، لكن بشار الأسد يؤكد مجددًا كما في مقابلته مع فضائية «المنار» التابعة لحزب الله، أنه «وحزب الله في محور واحد».
ربما كان لفوز شخص مثل هاشمي رفسنجاني أن يفتح ثغرة نور في جدار الصلف الإيراني، لو نجح ترشحه، لكن رجال المرشد منعوه، وقد قال الرجل الأربعاء الماضي في كلمة له بحضور أعضاء حملته الانتخابية إن أهم سبب دفعه للترشح هو وضع حدٍّ للخلافات بين السُّنة والشيعة في المنطقة، حسب وكالة «إيلنا» العمالية شبه الرسمية.
نعم هناك من يكره الشيعة، ويكفرهم، وهم موجودون باستمرار، ويحبون أن يروا العالم بمنظار طائفي فقط، ومن أجل ذلك، بوجه خاص، كنا نحذر في الكارثة السورية من موقف حزب شيعي يرفع شعارا أصوليا، كحزب الله، ويمارس السياسة من بوابة «ولاية الفقيه» ويتبع دولة ينص دستورها على أنها دولة شيعية تتبع قيادة المرشد، ويقاتل رجالها في إيران والعراق تحت شعارات وهتافات طائفية.
كنا نحذر.. ولا مجيب ولا جواب.
هذه هى النتيجة، للأسف، والخاسر هم أعداء الطائفية من الجانبين... إلى أجلٍ غير مسمى.
نقلًا عن الشرق الأوسط