رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسي ودولة الجماعة 50


تتقدم سوريا الأسد من أجل وحدة التراب السوري، بينما تُحيطها التهديدات من تركيا وإسرائيل، اللذين يعتبرهما الإخوان حليفيهم في المنطقة دون أدنى خجل. هذا في الوقت الذي تزداد الخطورة حيال مصر، في الجنوب من قبل إثيوبيا، فيما يتعلق بمياه النيل، ومرسي كما نقول في مصر: "مش نافع ببصلة" ولكنه الطبيعي من إخواني لا يؤمن بالوطن ويتعمد تشويه الدين!!

ورغم أن كل تلك التهديدات هي من الآثار المُباشرة لنكسة يناير 2011، إلا أنني على يقين بأن الإدارة المصرية الحقيقية، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، قادرة على تجاوزها.

ولا تزال بعض النخبة تُعاني الهزال الفكري، وهي أسوأ ما أنتجت مصر مبارك، من سطحية في الرؤية المُستقبلية لمصر. فبعض تلك النخبة، كما أسلفت، تؤكد أنها ترفض نزول الجيش للشارع وتوليه أي مسئولية مؤقتة، عند زوال حكم الإخوان. حيث ينبُع هذا الرفض من عاملين أساسيين:
الأول: أن تلك النخبة تخاف من المُحاسبة، حيث ترى أن الكثير من المواطنين سيلجئون للقانون من أجل مُحاسبة كل من أفسد الحياة السياسية على مدى السنتين الأخيرتين، ويدركون أنهم أفسدوا وأفتوا فيما لا يعرفون، وأن للشعب المصري الحق في تطهير البلاد من جهل المُتعلمين ممن يفضلون الإفتاء فيما لا يعرفون.

الثاني: أنهم يستقوون بالولايات المتحدة الأمريكية ضد بلادهم. فقولهم برفض نزول الجيش هو نوع من ترديد ما أُملي عليهم في فترة ما من قبل الولايات المتحدة. وأكثرهم من الخونة والعُملاء، كما أثبتت الأيام من منطلق أفعالهم وليس كلماتنا. وما خفي كان أعظم، ولكن لكل حادث حديث!!

إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، ذات التاريخ والدستور الديمقراطيين، تعرضت لأزمات اضطرت فيها لأن ينزل الجيش إلى الشارع ليحفظ الأمن ويصون الأرواح والمُمتلكات، ولم يكن ما يقوم به الجيش الأمريكي في ذلك خاصا بفوضى مُستمرة كالتي تحياها مصر اليوم، لكن مؤقتة!!

فعلى سبيل المثال لا الحصر، وبعد نحو 200 عام على وضع الدستور الأمريكي، وتحديدًا في أبريل 1992، حدثت أحداث بالولايات المتحدة تعرضت للموروث الأمريكي بعنف، حينما نزل السكان السود إلى الشارع في مدينة لوس أنجلوس، مُعترضين على حكم قضائي ضد رجل أسود يُدعى "رودني كينج" تعرض للضرب المُبرح من قبل ضُباط شرطة بيض.

وقد قُتل في الأحداث 53 أمريكيا وأُصيب أكثر من 2000 مواطن، مما أدى إلى أن ينزل الجيش الأمريكي إلى الشارع بالمدينة بعد فشل الشرطة في وقف العنف.

وهنا لا يُمكن مُقارنة تلك الأحداث في دولة ذات تقليد ديمقراطي راسخ بما تعرضت وتتعرض له مصر على مدى العامين السابقين، في ثقافة مختلفة كليا. ومع ذلك، ورُغم التجربة الديمقراطية الطويلة، أثبتت أحداث لوس أنجلوس في أبريل 1992 أن هناك أمورا من الممكن أن تُفجر المُجتمعات من داخلها بشكل كبير، حتى لو كان قد مر على ديمقراطيتها أكثر من 200 عام!!

فكيف لمن يحيا في بلد ليس به دستور يمكن احترامه أساسًا، أن يطلب من المصريين أمرا غريبا عنهم ومُعاكسا لموروثهم الثقافي غير الديمقراطي ويرفض إمساك الجيش بزمام الأمور، في ظل ازدياد الإرهاب والمُشاحنات والحروب الإقليمية على أُسس دينية وعرقية، تتعمد أن تُنسي العرب صراعهم التاريخي حول القضايا العربية الكُبرى وبالذات تلك التي مع إسرائيل؟!

من يقوم بذلك لا يخدم إلا أجندة إسرائيلية واضحة تمامًا، مُستهدفًا المُساهمة في تطبيق مشروع "الشرق الأوسط الكبير"!!
لكن.. لن تسقط مصر!!
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادي، وتبقى مصر أولًا دولة مدنية.
الجريدة الرسمية