التشريعات المعطلة تعود إلى أجندة البرلمان.."الأحوال الشخصية" و"الإيجارات القديمة" و"التجارب السريرية" على جدول النواب
طوال الأسابيع القليلة الماضية برزت على السطح أزمة "دور انعقاد البرلمان الأخير"، لا سيما أن هناك أصواتا أشارت إلى أن يناير المقبل سيكون الموعد القانوني لـ"فض الانعقاد"، الأمر الذى كان من شأنه أن يخلق حالة من "الفراغ التشريعى" لأشهر عدة.
الموقف الدستوري غير إن الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، خرج فى الجلسات الأخيرة للبرلمان ليحسم الأمر، ويؤكد أن "الدستور أقر أن مدة الفصل التشريعى 5 سنوات كاملة، وحيث إن المجلس بدأ فى يناير 2016، فمدته الدستورية والقانونية تنتهى فى يناير 2021"، موضحا أن "الدستور لم يفصل أعداد أدوار الانعقاد، لذلك فللمجلس -كما يرى- مد دور الانعقاد الخامس، أو الدعوة لدور انعقاد سادس".
ما أقره رئيس مجلس النواب، يمكن القول إنه جاء فى مصلحة عدد من التشريعات التى كانت تنتظر الكلمة الأخيرة للنواب، فاستمرار البرلمان طوال هذه المدة يعطى عددا من التشريعات قبلة الحياة لترى النور، حيث إنه أصبح للمجلس متسعا من الوقت يجعل لمشروعات القوانين حظا فى المناقشة والحوار المجتمعى المطلوب.
الإدارة المحلية وفى بداية دور الانعقاد أكد "عبد العال" أنه سيفتح الباب أمام النواب للجانب الرقابى، حيث إن المجلس أدى دوره التشريعى على النحو المطلوب، مشيرا إلى أنه لم يتبق أمام المجلس غير التشريعات المتعلقة بالاستحقاقات الدستورية، وفى مقدمتها قانون الإدارة المحلية، وتقسيم الدوائر، وانتخاب مجلس النواب، وانتخاب مجلس الشيوخ، وقانون مباشرة الحقوق السياسية.
ولم يُشِر «عبد العال» فى تصريحاته تلك لعدد من التشريعات المهمة الأخرى، إلا أنه وبعد إعلان استمرار المجلس حتى يناير 2021، لم يعد أمام البرلمان أي سبب لعدم الانتهاء من تشريعات بعينها.
الإيجارات القديمة وتمثل التشريعات التى كتب لها أن ترى النور فى الفصل التشريعى الحالى، مشروع قانون بتعديل قانون الإيجارات القديمة، وأثار هذا التشريع لغطا كبيرا، لا سيما بعد حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان إحدى فقرات مواده، وهو ما ترتب عليه بتقدم الحكومة بتعديل تشريعى عملا بالحكم الصادر، وناقش البرلمان التعديل المقدم، والذى كان ينص على إنهاء الإيجارات القديمة للأشخاص الاعتبارية. وخلال مناقشتها للتشريع رأت لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب، برئاسة علاء والى، إضافة تعديل آخر على ذلك المقدم من الحكومة، بحيث يتم النص على تعديل عقود الإيجارات القديمة للأشخاص العاديين للأماكن فى غير الغرض السكني (التجاري)، وتمت الموافقة عليه داخل اللجنة، أمام اعتراضات كبيرة من عدد من النواب.
وعلى الرغم من إدراج مشروع القانون على جدول أعمال البرلمان فى دور الانعقاد الرابع، إلا أنه لم تتم مناقشته، حرصا على عدم وجود مشكلات بين أصحاب الأملاك والمستأجرين، وتم تأجيله لأجل غير مسمى.
التعديل الذى أدخلته «إسكان النواب» لم يتم وفقا لحوار مجتمعى شامل وواسع وممثلا لجميع الأطراف، لذلك تم التخوف من الموافقة على التعديلات حسب الصورة التى خرجت من اللجنة، وبما أن البرلمان أصبح لديه متسعا من الوقت فمن المتوقع أن يتم إعادة فتح الحوار بشأن هذا التشريع المهم، وإعادة النظر فى التعديلات التى أدخلتها لجنة الإسكان، إما بالموافقة عليها أو بالعودة إلى المشروع الأساسى المقدم من الحكومة.
التجارب السريرية ومن بين التشريعات المهمة الأخرى، التى أصبح من الإمكان مناقشتها فى الفصل التشريعى الحالى، مشروع القانون الذى أعاده الرئيس عبد الفتاح السيسى للمجلس، بسبب الاعتراض على عدد من مواده، وهو القانون المعروف بـ«التجارب السريرية»، وعلى الرغم من تشكيل لجنة برئاسة الدكتور السيد الشريف، وكيل اللجنة، بمراجعة المواد محل اعتراض الرئيس، إلا أن اللجنة منذ دور الانعقاد الماضى، وحتى الآن، لم تعقد غير اجتماعا واحدا لهذا التشريع، وكان اجتماعا تعريفيا بالمواد محل الاعتراض، وآليات المناقشة.
وفى هذا السياق أكد الدكتور السيد الشريف، رئيس اللجنة، وكيل المجلس، أن «المناقشة والحوار سيتم فقط فى المواد محل الاعتراض ولن يتم التطرق لأى مواد خلافية أخرى، عملا باللائحة الداخلية للمجلس فى هذا الشأن».
ومن المتوقع أن يدخل مشروع قانون الأحوال الشخصية هو الآخر دائرة اهتمامات اهتمام المجلس، لا سيما أن هذا التشريع يمثل أهمية كبيرة، وثارت حوله العديد من الخلافات، سواء على التشريع القائم أو مشروعات القوانين المقدمة، إلا أن الجميع اتفقوا على أهمية إدخال تعديل على القانون الحالى، أو صياغة مشروع قانون جديد.
الأحوال الشخصية وكان قد أحال المجلس خلال أدوار الانعقاد الماضية عددا من مشروعات القوانين فى هذا الشأن، لعل أبرزها التشريع المقدم من النائب محمد فؤاد، وغيره من الأعضاء، إلى أن وصل الخلاف ذروته بعد إعلان الأزهر الشريف إعداد تشريع خاص به.
خلاف النواب مع موقف الأزهر الشريف، نظرا لأنه طلب رأى الأزهر أكثر من مرة فى المشروعات المقدمة ولم تتم الاستجابة، فضلا عن عدم أحقية «الأزهر» فى صياغة تشريعات وفقا لما نص عليه الدستور فى هذا الشأن، ولم يتوقف الخلاف بين النواب والمشروع المنسوب للأزهر الشريف عند قانونية تقديم تشريع من عدمه، لكن الأمر وصل إلى الخلاف حول مواد المشروع المقترح وأنها لم تقدم حلا للمشكلات القائمة.
تجدر الإشارة هنا إلى أن قانون الأحوال الشخصية، يحتاج إلى حوار مجتمعى شامل يضم كل أطياف المجتمع وكل الجهات المعنية لما يمثله من أهمية كبرى لقطاع عريض من المواطنين، كما أن تعديله ينهى أزمات العديد من القضايا التى امتلأت بها ساحات محاكم الأسرة.
نقلًا عن العدد الورقي...