رئيس التحرير
عصام كامل

«يوم الكساء».. كيف رسم طلاب الجامعات البهجة على وجوه الأيتام (صور)

فيتو

بخطى حثيثة، وقدم صغيرة تدور حول نفسها دورات قليلة ثم تعود إلى مستقره مرة أخرى، يقبل "أدهم" الطفل ذو التسع سنوات، أسمر اللون دقيق الملامح، ناحية صف الملابس الشتوية المتراصة أمامه في ساحة "مركز إبداع" بحي الدقي في الجيزة، حيث تقام فاعليات يوم الكساء  "دفئهم بقلبك"، الذي يحرص فيه عدد من طلاب جامعة حلوان وبعض الكليات الخاصة، على إحضار الملابس الشتوية وتوزيعها على الأطفال المحتاجين. يطغى الخجل على ملامح وجه أدهم، بينما تدقق عيناه في "بلوفر" صوفي ثقيل أحمر اللون، "أنا بحب اللون الأحمر أوي".

 

 

الساعة تقترب من الواحدة ظهرا، ساحة مقر إبداع تمتلئ بأصدقاء أدهم أو كما يطلق عليه، إخوته وأخواته، الأصوات تتداخل فيما بينها، هنا تنادي إحداهن على صبي يبدو في التاسعة من عمره "صلاح تعالى شوف البنطلون ده هيكون حلو عليك"، تشعر وكأنك في متجر ملابس كبير، مفتوح ذراعيه، ليستقبل أكثر من 30 طفل وطفلة تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 14 عاما، "إحنا النهاردة في يوم الكساء جمعنا حوالي 30 طفلا من أيتام دار الأورمان بالمرج، عرفنا إنهم محتاجين ملابس للشتاء، فقررنا في نشاطنا الطلابي 3dos إننا نساعدهم، ونقدم لهم ملابس وعملنا جروب ودعينا الناس كل حد عنده ملابس مش محتاجها يجيبها وهنعمل يوم نجمعهم كلهم فيه ونسلمهم"، يتحدث أحمد إكرامي الطالب بإحدى الكليات الخاصة والعضو بالنشاط الطلابي.

 

 

 

في زاوية بعيدة عن الصخب الذي يحدثه الأطفال الباحثون عن ألوانهم المفضلة وما يحتاجونه لشتاء العام الحالي، تقف "شهد" 12 عاما، بجسدها الضئيل الذي لا يتناسب مع عمرها، باحثة بين أكوام الملابس الخاصة بالفتيات ذات الألوان الزاهية عن لونها المفضل، تفتش بعينيها بين الجيبات والبلوزات والفساتين، عن فستان وردي ترتديه فور عودتها إلى الدار بعد إنتهاء اليوم "دفئهم بقلبك"، "أنا بحب اللون البينك عايزة يبقى عندي فستان وردي"، يبدو أن المهمة صعبة للغاية في ظل تكدس الألوان فوق بعضها، لكنها ليست مستحيلة على شغف طفلة في الحادية من عمرها.

 

 

 

 خلال حوالي أسبوعين فقط تمكن "أحمد إكرامي" وزملاؤه من طلاب جامعة حلوان وبعض الكليات الخاصة الأخرى، من جمع أكثر من 70 كيلو جرام من الملابس المختلفة استعدادا ليوم الكساء، عكف كل عضو من الفريق على جمع كمية مناسبة لإعادة تاهيلها مرة أخرى من خلال غسلها وكيها جيدا وتطبيقها بالشكل الذي يليق بها سواء كان قميصا أو بنطلونا أو فستانا، "إحنا قعدنا قبل الإيفينت بيومين نفرز اللبس ونحدد لكل مرحلة عمرية اللبس الخاص بها، وبعدين جهزنا المكان هنا ونسقنا مع المسئولين إنه هنحضر الأيتام في باص خاص للساحة هنا، نسلمهم الملابس ونمشي"، اتفق أحمد مع زملائه وزميلاته على أن يكون لكل عضو طفلا يتحمل مسئوليته منذ بداية اليوم حتى نهايته، يلبي له احتياجاته وأيضا يلعب ويلهو معه.

 

 

 

على مقعد خشبي كبير، يغوص بجسده النحيل وقامته القصيرة جدا بين مسندي الكرسي، محتضنا كيس بلاستيكي كبير غير شفاف، ولكنه ينبأ عن وجود صيد ثمين لهذا الصغير في داخله، الكيس الأبيض يتوسطه اسم الطفل باللون الأزرق "صهيب"، يربت صهيب بقوة على أطراف الكيس، يدور بعينيه بين الحضور، "أنا اخترت البلوفر البرتقالي والجاكيت الأزرق علشان بحب الألوان دي، عايز أروح بسرعة ألبسهم وأقعد بيهم مع إخواتي، وأوريهم لبسي الجديد"، أخيرا يخرج صهيب عن صمته وخوفه فهو لا يعتاد هذا الإزدحام في يومه العادي. "أنا لعبت شوية بالكرة والكوباية مع إخواتي وجرينا كتير، لكن أنا خلاص مش عايز ألعب تاني، عايز اروح ألبس اللبس الجديد وألعب كرة".

 

 

 

 يوفر طلاب الجامعات الذي حرصوا على تنظيم يوم الكساء ورسم البهجة على وجوه وقلوب الأطفال الأيتام، العديد من الفقرات والفاعليات التي لا تقتصر على توزيع الملابس والعودة بالأطفال إلى محل إقامتهم مرة أخرى، "إحنا بنخليهم يلعبوا ويعملوا أنشطة مختلفة ونرسم على وجوههم بالألوان، وكمان بنوفر لكل طفل فيهم وجبة يأكلها خلال اليوم"، يتحدث أحمد إكرامي.

 

 

 

لم يكن هذا العمل الخيري الذي سعى خلاله أعضاء 3dos  الذي تأسس في جامعة حلوان منذ 10 أعزام، وتوافد عليه طلاب من فرق مختلفة، نحو تدفئة أجساد وقلوب هؤلاء الأطفال الأول من نوعه، فرغم صغر سنهم وتراوحه بين 19 حتى 22 عاما، إلا أنهم يدركون جيدا قيمة العمل الخيري فقبل هذا النشاط بعام تم عمل نشاط مثله في أحد فنادق القاهرة، وكذلك العمل الخيري الدائم في مستشفى بهية لعلاج سرطان الثدي.

تقول لوجين كمال إحدى عضوات النشاط في هذا الشأن :"إحنا نشاط طلابي بعيد عن الجامعة عددنا وصل إلى 200 فرد من جامعات مختلفة، بيقوم على فكرة 3 جوانب للنجاح، هما العمل الخيري وهو نشاط اليوم، الجانب الثاني هو الخاص بالتقريب بين طلاب الجامعات وطلاب المدرسة والنزول إلى المدارس والتعامل مع الطلاب وتأهيلهم، والجانب الثالث خاص بطلبة الجامعة من خلال مساعدتهم في الحصول على دورات تدريبية في مجالات مختلفة تخص كل طالب من طلاب الجامعة".

 

 

الجريدة الرسمية