رئيس التحرير
عصام كامل

الجنسية المصرية.. والجامعات الجديدة والقديمة!

فى بداية الثمانينيات عملت فى إحدى الدول الخليجية، واكتشفت أن أحد الأصدقاء -من بلد عربى أفريقى شقيق- لم يزور بلده من سنوات طويلة،عندما سألت عن السبب قيل إنه يريد الحصول على جنسية البلد الخليجى الذى نعمل به، ومن شروط منح الجنسية هو عدم الخروج من الدولة لمدة عشر سنوات متتالية تحت أى سبب من الأسباب..

 

ومنذ أيام أبلغنى صديقى الذى سافر ابنه إلى أستراليا راغبا فى الحصول على الجنسية والعيش فيها، أنه حتى الآن لم يقدم للحصول على الجنسية، لأن مجرد التقديم يستلزم مرور أربع سنوات على إقامته فى أستراليا، وهناك بعض الدول منها الخليجية وألمانيا على وجه التحديد تدرس مدى حاجة البلد للشخص المتقدم لنيل الجنسية، هذا أذكره الآن ربما فات الأوان بعد أن أصدر رئيس الوزراء قرارا بقواعد منح الجنسية المصرية للأجانب، والتى اهتمت فى المقام الأول  بحجم الدولارات التى سيتم تحويلها للبنك المركزى..

وهذا يقودنا إلى أمر فى غاية الأهمية ولا أتصور أنه بعيد عن أمناء الوطن فى الأمن المصرى، هو التنبه إلى من سيتقدم لنيل الجنسية ويختفى تحت ستار جنسية أخرى، غير الصهيونية، وهو فى الحقيقة صهيونى الفكر والعقيدة وحصوله على الجنسية المصرية مجرد مدخل للتخريب، ربما بصور لا تخطر على البال، وكلنا ثقة فى أمناء الوطن فى الامن المصرى بكل مؤسساته المختلفة.

اقرأ أيضا : غزل المحلة من انفتاح "السادات" إلى خصخصة "مبارك"!

 

أعود إلى بعض القضايا التى أرى ضرورة الحوار حولها، لأن هذا ضمانة حقيقية لإنجاح أى خطوة مستقبلية، أعلن الرئيس السيسى أن هناك جامعات على أعلى مستوى يتم إقامتها، ومؤكد هذا الأمر يدعو للتفاؤل بأن هناك مسايرة للعلم لمستقبل أجيال ستجد الجامعات المؤهلة للمنافسة العلمية العالمية، ولكن أتصور فى نفس الوقت وفى خط مواز لهذه الخطوة يدور الحوار المجتمعى بين المتخصصين والمهتميين وأيضا رجل الشارع فى كيفية تطوير الجامعات المصرية العريقة، التى تجاوزعمر بعضها المئة عام مثل جامعة القاهرة..

 

فإذا كانت الجامعات الجديدة فى العاصمة الإدارية ستستوعب عدة آلاف، ربما تكون لمن يملك المال، وتنال الاهتمام الكبير من رأس الدولة فإن الجامعات الأخرى يجب أن تنال اهتماما أكبر ، لأنها تستوعب ملايين، نعم ملايين وليس عدة آلاف، نحن مع الجامعات الجديدة التى ستبنى على أحدث رؤية علمية فى العالم، وأيضا لابد من الاهتمام بالجامعات الأخرى، خاصة أن الكثير منها عشش فيها الفساد والتوريث والإهمال واللامبالاة..

واقرأ أيضا: قهوة صباحية مع نزار قبانى!

رائع أن اهتم بالجديد والذى يجعلنا نصارع التقدم، ولكن الجامعات الأخرى الحكومية تحتاج نظرة واهتماما غير تقليدى، لا يحتاج لرؤية وزير أيا كان بل رؤية علمية مجتمعية، وكفانا ما نعانى من أفكار وزير التربية والتعليم، مع التسليم بحسن وصدق النوايا إلا أن ابتعاده عن المجتمع والناس خلق فجوات عميقة تحتاج إلى الكثير والكثير من الوقت والجهد لعلاج اثارها والقفز من عقباتها الى الطريق السليم .

 

ومثلما كان الاهتمام بالجامعات الجديدة، ومطالبتنا بالاهتمام بالجامعات الحكومية التى بها ملايين من أبنائنا، علينا الانتباه إلى نوعين من الجامعات التى تعمل فى مصر، الأولى هو الجامعات الخاصة المصرية التى تحولت إلى مشاريع تجارية لا يهم أصحابها سوى الربح وجنى الملايين منها، وليس صحيحا أنها تحت المراقبة الحكومية، لأنه لو الأمر كذلك لأصبح هناك تواطؤ بينهما على حساب الطالب ومستقبل مصر، النوع الثانى هو الجامعات الغربية مثل الفرنسية والألمانية والأمريكية، فلابد من متابعتها ومراعاتها لأنها تحصل على مئات الألوف من جيوب الطلبة، وفى نفس الوقت تحصد الثمار وتصدره إلى الخارج، فالمنح التى تعطى للمتفوقين منهم للسفر والإغراء بالدراسة يتبعه منح الجنسية، وخسارة مصر لعقول هى تحتاجها اليوم وغدا!

 

الأمر كله لله.. وننتظر توجيهات السيد الرئيس لأن الوزراء لن يفعلوا شيئا بدون توجيهاته، وطالما كذلك فالأمر نضعه أمام السيد الرئيس وربنا الموفق.

وتحيا مصر.. وتحيا مصر.. تحيا مصر !

الجريدة الرسمية