رئيس التحرير
عصام كامل

الغاز مقابل الذل!


ما تفعله قطر بمصر الآن ما هو إلا مثال مؤسف ومخزٍ لنتائج السياسات الخاطئة التي كان يدار بها سوق الغاز في مصر، حين سمحت الحكومة لشركات دولية بتصدير الغاز بشكل حر دون أن تضع المستقبل في الاعتبار، وهو ما أوصلنا إلى هذا الوضع السخيف الذي ترفض فيه قطر الآن إمدادنا بالغاز إلا بعد الاتفاق على كيفية السداد وبالسعر الذي تحدده.


باتت مصر الدولة الأكثر إنتاجا في أفريقيا بلدا مستوردا للغاز للمرة الأولى في تاريخها، والأغرب أن ذلك يتزامن مع إعلان إسرائيل التي كانت تحصل على 40% من احتياجاتها من مصر عن قرب بدء إنتاج وتصدير الغاز من حقل تمار البحري، حيث وقعت الشركات المستغلة هناك عقود تسليم غاز بقيمة 36 مليار دولار، لدرجة أن وزير الخارجية الإسرائيلى أكد أن بلاده لا تمانع في تصدير الغاز لمصر نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها، خصوصا بعد أزمة أنقطاع الكهرباء الأخيرة وتوقف العديد من المصانع بسبب نقص الطاقة الموجودة في مصر.

وهو ما يدعونا للتساؤل كيف حدث هذا بالرغم من أن الثورة أوقفت ضخ الغاز لإسرائيل؟ كما أن وزارة البترول أعلنت مؤخرا عن اكتشافات كبيرة من الغاز، وهو ما يعنى أن كميات إنتاج الغاز في مصر زادت بعد الثورة وبالتالى لا يوجد أي داعٍ للظلام الذي يعيشه المواطن الآن والخراب الذي لحق بالمصانع بسبب توقف ضخ الغاز لها.

هل فعلا لدينا مجلس أعلى للطاقة؟ ولماذا تستمر وزارة البترول في الكذب لاسيما فيما يتعلق بحقيقة حجم الإنتاج الفعلى وحصة الشريك الأجنبى، وما هى الحلول المقترحة لحل الأزمة من جانب الحكومة؟ إذا كانت هناك حكومة في الأصل خاصة أن الأرقام والأبحاث والتقارير تؤكد أن مصر مقبلة على أزمة طاقة بحلول عام 2020.

وهو ما يعنى انهيار الدولة والاقتصاد وتوقف المصانع عن العمل، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء بشكل دائم، وبالتالى فشل الدولة في توفير الاعتمادات اللازمة لاستيراد الطاقة بسبب انهيار معدلات النمو وعدم وجود نقود، ناهيك عن إلغاء كل أنواع الدعم والتعويم الكامل للجنيه.

لذا نرجو من الحكومة البحث فورا عن بدائل، لأن ذلك أفضل بكثير من الذل القطرى أو الغاز الإسرائيلى الذي يبدو أنه سيكون أمرا حتميا، خاصة بعد إعلان إسرائيل مبادرة (الغاز مقابل السلام) أي الحصول على الغاز مقابل التطبيع الكامل!
Makled10@yahoo.com
الجريدة الرسمية