.. وإعلام التآمر موجود داخليا أيضا !
فاقد الوعى لا يمكن أن يمنح الوعى لغيره . هو في سبات عقلى وظن بالمعرفة. وإعلام التحريض لا يمكن أن يتحول إلى إعلام للتنوير والتبصير . وتدوير قمامة الإعلام لن يعطيك أبدا شراب التفاح الذي تنتظره . هو خلاصة قمامة العقل، لو وجد، وفضلات الوعى المنفعجى! ثم إن الظن بأنك تعرف وتمارس إرسال معلومات على أنها حقيقة هو جريمة فى حق الرأي العام.
من أجل هذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسي يحذر من عدم الدرس قبل البث. قبل الحرف. قبل الرسم. الدراسة المسبقة المتعمقة للقضية موضع البث والحرف والرسم تعنى النجاح المهنى الكامل. ماذا يعنى نجاح وصول الرسالة المنطوقة والمصورة والمرسومة؟ يعنى حدوث تأثير إدراكى ومعرفى، يصنع إقناعا أو جدلا صحيا، تنتشر معه دوائر متداخلة من الآراء الرشيدة، ترقى بالمجتمع وتعزز بصيرته وتعين صانع القرار وتصححه أيضا، وهذا هو ما يسمى الحوار المجتمعي.
ويمكن القول إن الرئيس السيسي هو وزير إعلام مصر منذ تولى المسئولية، وربما قبلها وقت أن كانت الدنيا صخبا وأمواجا متلاطمة. وفى منتدى الشباب الدولي، النسخة الثالثة الأنجح عما سبقها، اعتبر الرئيس عدم المهنية من منابر خارجية تآمرا. واعتبر الإعلاميين والصحفيين شركاء في القتال بالوعى من أجل مصر وليس من أجل استمراره في الحكم. أي إنه وضع كردونا مانعا لتسلق أهل التزلف والنفاق.
كان الرئيس يقصد إعلام قطر المعادى لمصر، و نزيد عليه إعلام الـ BBC التي يوشك بوريس جونسون رئيس الوزراء المحافظ الفائز في الانتخابات البرلمانية قبل أيام قليلة أن يسحب ترخيص البث لها!
اقرأ أيضا: مرسوم ترامب.. اليهودية قومية !
إعلام هؤلاء غير شريف، وإعلام تآمر.. نعم هذا جيد ومقبول ومعروف ومدان وموصوم.. لكن أليس لدينا إعلام تآمر بالجهل وبالنفاق والتزلف وبالسبوبة وبالشللية وبإقصاء المهارات والكوادر المهنية الرشيدة والإبقاء على الغوغائية الحنجورية؟ أليست وجوه كثيرة من هذه الشخوص الأراجوزية المتلونة هم من تصدروا منصات التحريض على الدولة لصالح الفوضى الخلاقة؟ أليس من بايعوا وكان منهم مستشارون للإخوان ومحمد مرسي؟
هؤلاء من يتم استدعاؤهم للمرة الثالثة، لتنوير الناس وهم أصلا معتمون مظلمون فارغون؟ ألم ينتبه من أدخلهم العصارة أنهم مصاصة قصب مهصور؟ لا خير فيهم البتة!
التآمر ليس خارجيا. حين يفهم رئيس الدولة ليس فقط وظيفة الإعلام وخطورته، بل أيضا أسلوب صناعة الرسالة الإعلامية الصحيحة وإرسالها بفعالية، لإحداث إدراك معرفي يقنع الناس بصحة وصدقية القارئ أو المشاهد، وحين يضطر رئيس الدولة من وقت لآخر الى الشرح والتوضيح، فلا معنى لهذا كله سوى أنه يدرك أن القائمين على العملية الاتصالية برمتها هم قوم فاشلون إلا قليلا. ربما يدخلون مربع الهدف لكنهم لا يسجلون فى الشبكة . يظلون فى وضع الحنجلة . لا يدخلون عقول الناس ووجدانهم .
واقرأ أيضا: تبا لنا كم تغيرنا!
فى الوقت نفسه ، انظر كيف تغير أداء رئيس الدولة. النفس أهدأ. الألفاظ موجودة تلتقي المعاني التى يريد ارسالها. والحق أن هذه المنتديات والمؤتمرات والمناظرات جميعها بمثابة جامعة للتعلم والتدريب وتطوير الأداء، وهذا طبيعي فأى رئيس فى بداية تسلمه الحكم لن يكون هو ذاته بعد الثلاث السنوات الأولى من حكمه، من ناحية الأداء والتمكن والوعى والإلمام العام والتفصيلي بالقضايا التى يسأل فيها أو يناقشها والقدرة على التعبير عنها بذكاء وكياسة.
فهل تعلم الإعلاميون المتجمدون؟ هل يشتغلون على أنفسهم؟
لم يعد يجدى استئجارطائفة الهجامين الإعلاميين.. بسحنهم الكئيبة.. هؤلاء باعوا واشتروا واغتنوا وكرشوا العقل قبل البطن! لقد فرحت كل الفرحة بنموذج ابننا شريف منير عامر.. العلم واللغة السليمة، بالعربية وبالإنجليزية، والثقة بالنفس، والثقافة. ومثله من النماذج المفرحة كثيرون..
إعلام المش الحالى مليء بالدود.. وهو ضار بالعقل والبدن الجمعى المصرى.. الكرة الآن فيمن يختار إعلاميين يقومون بدورهم كما يتمنى رئيس الدولة.. ويحلم بإعلام مقاتل دون غوغائية ودون سذاجة ودون سبوبة.