ما المقصود بالآية الكريمة "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى"
تحدث القرآن الكريم عن التقوى فى عشرات المواضيع فتارة يبين لنا أن تقوى الله هي خير زاد يتزود به الإنسان لدنياه وآخرته فيقول تعالى "وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى "، وكما يقول محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق ــ رحمه الله ــ المقصود بالآية الكريمة أن تزودوا أيها المؤمنون من القول الطيب والفعل الحسن والعمل الصالح الذى ينفعكم فى حياتكم وبعد مماتكم ، فإن تقوى الله تعالى وخشيتهوالخوف منه وطاعته فى السر والعلن هى خير زاد لكم.
وتارة يبين لنا أن تقوى الله هى الطريق الذى يوصل إلى العلم النافع وإلى الفهم الصحيح للأمور ، وإلى المنهج القويم للسلوك الحميد فيقول تعالى :" واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم " .. وتارة يبين لنا ان تقوى الله توصل الى تكفير السيئات والى فتح باب الخيرات والبركات فيقول تعالى "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ".
وتارة يرشدنا القران الكريم إلى أن تقوى الله تفرج الكروب وتأتى بالأرزاق من طرق لا يعلمها إلا الله تعالى وتيسير الأمور العسيرة وتكفر السيئات .
وقد أكرم الله تعالى عباده المتقين الذين يحافظون على أداء دينهم وواجباتهم محافظة تامة ، أكرمهم إكراما لا مزيد عليه ، ولا حدود له .
ومن الأدلة على ذلك أنه سبحانه اختصهم بولايته ورعايته فقال "إن أولياؤه إلا المتقون ، ولكن أكثرهم لا يعلمون " .كما انه سبحانه وتعالى بشرهم بالأمان وعدم الحزن فى الدنيا والاخرة فقال " إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة " .
علي جمعة: 95% من آيات القرآن تتناول العقيدة والأخلاق
كما أخبر سبحانه فى آيات متعددة أنه معهم بعونه ونصره وتأييده ومحبته فقال "بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين " . وتقوى الله عز وجل إذا رسخت فى القلب واختلط بالعروق والدماء وخالطت بشاشتها النفوس جعلت صاحبها لا يكتفى بالابتعاد عن الحرام او المكروه ، وإنما يلتزم فى ماكله وفى مشربه وفى ملبسه وفى معاملاته تحرى الحلال الذى لاتحوم حوله شبهة ، ولا تطوف به ريبة ولا تقترب منه خيفة.
وإنما صاحب هذه التقوى يعمل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كاراعى يرعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله فى أرضه محارمه ، ألا وأن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ..ألا وهى القلب " اى ان طهرة القلب رأس مكارم الأخلاق وأصل فروع الفضائل .