رئيس التحرير
عصام كامل

إيران تعكر صفو العشاء "الفرنسى- الروسى -الأمريكى" حول سوريا.. لافروف يهاجم ويتمسك بالأسد.. وكيرى وفابيوس يؤكدان على ضرورة عودة الجيش لثكناته.. والتوافق على ضرورة وقف القتال قبل "جنيف 2 "

جانب من لقاء سيرجى
جانب من لقاء سيرجى لافروف و جون كيرى

سلطت صحيفة السفير اللبنانية الضوء على تفاصيل جلسة العشاء التي جمعت وزراء خارجية روسيا سيرجي لافروف والولايات المتحدة جون كيري وفرنسا لوران فابيوس أمس الأول بباريس، حيث لعب الروسي فيها دور المهاجم، بينما الأمريكي في دور المستمع والحكم أحيانا، والفرنسي في دور المدافع عن المعارضة.


وقالت: إن النقاشات الثلاثية تمحورت حول النقاط التمهيدية لمؤتمر «جنيف 2»، من مشاركة إيران إلى تكوين الوفود المعارضة إلى جدول الأعمال، وحتى المواعيد المقترحة، وبدا أن المقاومة التي تواجه الروس في تمسكهم بجنيف تأتي من الفرنسيين، وليس من الأمريكيين.

وأضافت الصحيفة: "يبدو أن التفاهم الأمريكي ـ الروسي محاولة أمريكية لإخلاء المكان للروس لاختبار قدرتهم على تقديم حلول للأزمة السورية، والمراهنة على استعادة المبادرة عند استنفاد المحاولات الروسية أو فشلها، حيث شكل إشراك إيران إحدى نقاط التصادم في العشاء الفرنسي مع الوزيرين الروسي والأمريكي.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع أن الأمريكيين لم يبدو اعتراضا على الاقتراح الروسي بإدخال طهران في «مجموعة العمل الدولية حول سوريا» ومنحها مقعدا في جنيف، بينما عارض الفرنسيون الأمر بشدة، واعتبروا الإيرانيين جزءا من المشكلة ولا يمكن أن يكونوا جزءا من الحل، كما أن منحهم مقعدا في جنيف سيعقد من العمل معهم على المسار النووي.

وأثار الفرنسيون نقاشا حول تشكيل وفد المعارضة التي يريدون أن يكون «الائتلاف» المعارض مرجعية أساسية في تشكيلها، على أن يعهد إليه أيضا أمر تحديد ممثلي أطياف المعارضة السورية من خارجه وهو ما رفضه الروس، وتبنى الأمريكيون موقفا قريبا من الروس يدعو إلى اعتبار التمثيل مفتوحا ومحسوما على قاعدة تقاسمه بين «الائتلاف» وبيئته المباشرة والحليفة، كميشال كيلو وأحمد معاذ الخطيب، بينما تمثل «هيئة التنسيق» ومعها «تيار بناء الدولة» وفد معارضة الداخل، ورفض الأمريكيون مرة أخرى اقتراحا روسيا بضم معارضين كقدري جميل وعلي حيدر في صفوف وفد المعارضة.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي: إن باريس أيدت تمثيل ميليشيا «الجيش الحر»، ودفع الفرنسيون بقوة نحو ضم رئيس الميليشيا سليم إدريس إلى وفد معارض محتمل إلى جنيف.

ونشب خلاف على عملية نقل الصلاحيات إلى هيئة تنفيذية، وعبر الروس عن عدم اقتناعهم بأن على عملية نقل الصلاحيات أن تشمل كامل الصلاحيات بما فيها الأمن والجيش، ويعتبرون أن الأمن والجيش يدخلان في نطاق صلاحيات الرئيس، وينبغي ترحيل الملف لطرحه برمته عند الوصول إلى القضايا الخلافية الكبرى، كتحديد مصير الرئيس وهو قائد الأمن والقوات المسلحة أيضا، بانتظار أن يحسم ذلك دستور سوري جديد أو إعلان دستوري خلال المرحلة الانتقالية، وليس خلال عملية بناء الحكومة الانتقالية.

ويتمسك الفرنسيون والأمريكيون بنقل كامل للصلاحيات، خصوصا ما اتصل منها بالأمن والجيش، باعتبارها أحد تدابير بناء الثقة، لتسهيل تطبيع الأوضاع، وسحب الجيش إلى ثكناته.

وسعى الروس إلى أن تحديد جدول أعمال مؤتمر «جنيف 2» يذهب إلى أبعد من تحديد الحكومة الانتقالية ليشمل مستقبل سوريا السياسي وموقعها والتزاماتها الدولية، وهو ما يشكل غطاءً دستوريا سوريا، لتقاسم النفوذ بين الكبيرتين وتحديد مستقبل الموقع السوري بينهما، كما يطالب الروس بأن ينظر المؤتمر أيضا في قضايا إعادة الإعمار ومشاريعه والتزاماته.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي: إن قضية وقف إطلاق النار طرحت لمعرفة ما إذا كان من الممكن فرضه قبل بدء المفاوضات، وأن فرنسا لا تؤيد إجراء المفاوضات بينما يستمر القتال، واعتبر أنه من المستحيل التوصل إلى مفاوضات رصينة وهادئة بينما تخوض سوريا معارك شبيهة بما تعيشه في القصير.

ولم يجر تحديد موعد نهائي للمؤتمر، لكن مصادر دبلوماسية، فرنسية وغربية في جنيف وباريس، تقول: إن ضغوطا أمريكية وروسية كثيفة تمارس على جميع الأطراف لعقد الجلسات الأولى قبل وصول الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك أوباما إلى قمة مجموعة «الثماني» الكبار في 17 يونيو المقبل في أيرلندا.
وقالت مصادر دبلوماسية، في جنيف: إن المؤتمر قد يعقد في 15 و16 يونيو المقبل، لكنهم أضافوا: أنه لم يتم الاتفاق بعد على تفاصيل تنظيم المؤتمر، ولا يوجد اتفاق مؤكد على الموعد.

ويقول المصدر الدبلوماسي الفرنسي: إنه من المهم أن ينعقد المؤتمر قبيل ذلك التاريخ، ليسمح بتحديد العقبات والمشاكل التي ستواجه المفاوضات مبكرا، لحلها خلال لقاء الرئيسين الأمريكي والروسي، أو تشجيع السوريين على التقدم بسرعة بمجرد انعقاد طاولة المفاوضات.

وكانت الساعات التي تلت اجتماع باريس شهدت تصعيدا تقليديا، يسبق اقتراب مواعيد المفاوضات، إذ تزامن الاجتماع الباريسي مع قرار الاتحاد الأوربي رفع حظر الأسلحة على المعارضة السورية، مع تأجيل النظر بتسليحها حتى مطلع أغسطس المقبل، وهو ما اعتبرته موسكو محاولة لتقويض جهود عقد مؤتمر جنيف.

وعلى جبهة مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف طالب الأتراك والقطريون والأمريكيون بجلسة خاصة لبحث قرار يدين التدخل في القصير، من دون الإشارة إلى «حزب الله» بالاسم، وهو ما وضعه الروس في خانة عمليات تقويض جنيف، ووصفه لافروف بأنه «غير نزيه». والمجلس لا علاقة له بالأحداث الجارية على الجبهات العسكرية السورية، لكنه يدخل في إطار الهجوم المضاد على جنيف كما فهمه الروس.

وعبر الروس عن غضبهم من ازدواجية المواقف الأمريكية والأوربية التي تعمل في مسارين متناقضين، أحدهما يدفع نحو «جنيف 2»، بينما يقوم الآخر بإطلاق النار عليها.

وقال لافروف: إن «على الغرب ـ بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة ـ أن يحسم هل نريد عقد مؤتمر جنيف 2 وإذا كان الأمر كذلك فعلينا الامتناع عن أعمال ترمي في الواقع إلى إفشال الفكرة، أما إذا واصلنا اتخاذ خطوات من هذا القبيل، فيجب ألا نتحدث عن المؤتمر.
وقال لافروف: «نحن بحاجة إلى وضوح. لقد أعلنت الحكومة السورية أنها ستشارك في المؤتمر، والآن على معارضي النظام تحديد موقفهم بنفس الدقة».
واتهم مصدر دبلوماسي في باريس الغربيين بعدم احترام حظر الأسلحة المفروض على المعارضة السورية، وقال المصدر: إن الليبيين اشتروا في الأشهر الأخيرة أسلحة من ثلاث دول أوربية، هي إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وقاموا بتسليمها إلى المعارضة السورية عبر تركيا.
الجريدة الرسمية