كيف تحصل على أجر يعادل 50 من الصحابة؟
قال الدكتور خالد بدير، من علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إنه في ظل المستجدات العصرية ووسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة؛ تكثر معها الفتن واختلاط الأمور؛ وعلى المسلم أن يعمل جاهداً صابراً عن المعاصي والمحرمات؛ وأن تذل نفسك وتقهرها عن فعل المنكرات، مضيفا: إنك إذا فعلت ذلك مع ما يحيط بك من فتن ومغريات فسيكون لك أجر خمسين من صحابة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم .
وأضاف «بدير» لـ”فيتو”، أنه عن عتبة بن غزوان ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن وراءكم أيام الصبر، المتمسك فيهن يومئذ بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين منكم » ، قالوا : يا نبي الله ، أو منهم ؟ قال : « لا ، بل منكم » ، قالوا : يا نبي الله ، أو منهم ؟ قال : « لا ، بل منكم » ثلاث مرات ، أو أربعا .” وفي رواية بزيادة: ” إنكم تجدون على الخير أعوانا وهم ولا يجدون ”.
وأردف : وقد استشكل هذا الحديث مع قوله صلى الله عليه وسلم: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ .” (متفق عليه). ” ؛ وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على فضل الصحابة وعلو منزلتهم؛ وأن المتأخرين مهما بلغوا من العمل لم يصلوا إلى درجتهم في الفضل والرفعة، مشيرا إلى أن العلماء تكلموا في ذلك فقالوا: أن الأجر أجران: أجر العمل ؛ وأجر الصحبة، فقد يعمل بعض المتأخرين من الأمة أعمالاً أجرها أكبر من أجر من عمل مثلها من بعض الصحابة لقلة الناصر وضعف المعين والفتنة والبلاء؛ ولكنهم لا يبلغون أجر صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ولقائه .
خالد بدير يكشف صفات علماء الفتنة في المجتمعات
وتابع: قال الحافظ ابن حجر : حديث ” للعامل منهم أجر خمسين منكم ” : لا يدل على أفضلية غير الصحابة على الصحابة لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية وأيضاً : فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل ، فأما ما فاز به مَن شاهد النبي صلى الله عليه وسلم مِن زيادة فضيلة المشاهدة فلا يعدله فيها أحد . فبهذه الطريق يمكن تأويل الأحاديث المتقدمة . ” فتح الباري ” .
وأوضح أن الإمام ابن تيمية رحمه الله قال : وقد يكون لهم – أي : للمتأخرين – من الحسنات ما يكون للعامل منهم – أي : من الصحابة – أجر خمسين رجلاً يعملها في ذلك الزمان ؛ لأنهم كانوا يجدون من يعينهم على ذلك ، وهؤلاء المتأخرون لم يجدوا مَن يعينهم على ذلك لكن تضعيف الأجر لهم في أمور لم يضعف للصحابة لا يلزم أن يكونوا أفضل من الصحابة ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة؛ فإن الذي سبق إليه الصحابة من الإيمان والجهاد ومعاداة أهل الأرض في موالاة الرسول وتصديقه وطاعته فيما يخبر به ويوجبه قبل أن تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر أعوانه وأنصاره وتنتشر دلائل نبوته بل مع قلة المؤمنين وكثرة الكافرين والمنافقين وإنفاق المؤمنين أموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه في مثل تلك الحال أمر ما بقي يحصل مثله لأحد كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه".
وأكد أن المضاعفة تكون للأعمال ؛ أما الصحبة فلا تعدلها أعمال وهذا ما انفرد به الصحابة، وأن الأجر مضاعف مع كثرة الفتن والشهوات التي نعيش فيها الآن؛ فكلما كثرت الشهوات والفتن وتغلب العبد عليها كلما كان أكثر أجراً عند الله، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " العبادة في الهرج كهجرة إليَّ ". و قال الإمام النووي: ” المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس ، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ، ويشتغلون عنها ، ولا يتفرغ لها إلا أفراد .” ويدل على ذلك قوله: ” إنكم تجدون على الخير أعوانا وهم ولا يجدون ” .
واختتم حديثة قائلا: هنيئاً لكل من يصبر عن المعاصي وسط هذه الفتن والشهوات؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ” . ونحن في هذا الزمان تحيط بنا أعوان المعاصي والشهوات؛ من الدش والنت والفيس والنساء العاريات.. ؛ وكلما تمسك الإنسان بدينه وصبر عن المعاصي في وسط هذه الشهوات؛ تضاعف له الأجر حتى يصل إلى أجر خمسين من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.