رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا تعني حركة تمرد؟


قد يكون من الصعب تحديد طبيعة مثل هذه الحركة والتي لا تعدو أن تكون سوى أحد صور الاحتجاج أو التعبير عن الرفض وذلك من خلال أخذ رأى الشعب في الحاكم أو الحكومة وأدائها.. قد يكون ذلك الأسلوب بالغريب على الرغم من أنه يتسم بالرقى ولكن البعض قد رأى أن ذلك يعد خروجًا على القانون وضد الأمن العام..


وقد يكون ذلك الرأى له مبرراته التي قد لا تكون بالضرورة منطقية أو لها سندها القانونى..ولكن علينا أن ندرك شئ هام قد تعلمناه قديمًا وهو مبدأ متعارف عليه قديم وحديث وهى أنه عند تناول أية موضوع أو دراسة فلابد وأن ندرس الظروف المحيطة به أو ما يطلق عليه بالظرف الموضوعية والتي إذا ما أخذناه في الاعتبار فإن تكوين وجهة نظرنا لابد وأن تختلف تمامًا..

من هنا فإن الرأى حتى ولو حاول البعض تقنينه من خلال إلباسه رداء القانون أو تدثيره بعباءة الشرعية إلا أنه في النهاية يعبر عن وجهة نظرهم..ولكن ما يهمنا هنا ماذا عن هذه الحركة أو الدعوة من خلال جمع توقيعات العديد من المواطنين..

هى قد لا تكون سوى مجرد نوع من استطلاع الرأى العام في طبيعة الحكم والحاكم ومدى رضاء الناس عنه وقد يرى البعض أن هذه النوعية من الحركات لا تعدو أن تكون سوى إحدى المحاولات الجديدة التي من شأنها أن تعرف الشعب وذلك هو الشق الثانى في هذه الحركة بأن هناك خطأ ما لا يمكن السكوت عليه وأن هذه النخبة السياسية ليست هى الصالحة لإدارة مصالح البلاد والعباد..

لذلك عليهم أن يتجهوا نحو محاولة تغيير نظام الحكم القائم لأنه لم يعد يعبر عن مصالحهم ولم يعد بالحكم الذي يريدونه أو يستجيب لتوقعاتهم.. وأن هناك حالة من الإقصاء والإبعاد وفى ذات الوقت الاستقطاب لفصيل معين.. وعلى الرغم من ذلك فإن مثل ذلك الإجراء أو الحركة قد لا تؤدى إلى حدوث التغيير المطلوب على الرغم من أنها قد يكون لها صدى أبعد مما قد يتصور من هم في الحكم، ولكن رد الفعل في ظل الظروف الحالية قد يتأخر..

البعض يرى أن كلمة تمرد هى بالغريبة على الممارسة السياسية وأنها قد تكون بمثابة بدعة ولكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك بل إن استخدامها فقط في ضوء الظروف الموضوعية المحيطة بنا هو من يجعل منها بدعة أو بتعبير أدق يجعلها غريبة بل أجزم بأنها متفردة..لأن كلمة تمرد هى تقابل في معناها أحد الأساليب الهامة في المواجهة السياسية وهى العصيان rebel ولكن في هذه الحالة التي لدينا هى مجرد جمع توقيعات من العديد من المواطنين قد بلغت الملايين بعدم رضاهم عن الحكم..

بالمعنى المقابل أو الذي يقصدونه أو ما يريدون تحقيقه هى أنها سحب للثقة والشرعية من الرئيس وقد تكون هذه بادرة جديدة في الممارسة السياسية ولكن ما يترتب عليها من نتائج أي تأثيرها على أرض الواقع لا يمكن الحكم عليها لأن ذلك لحداثة هذا الأسلوب الجديد وهو في حد ذاته يعبر عن درجة ما من درجات الرقى في الممارسة السياسية..

ذلك الأمر له العديد من الدلالات أولها أن الثورة قد نجحت إلى حد كبير جدًا في إحداث حالة من الحراك السياسي والاجتماعى قد انعكس في ابتكار أساليب جديدة للممارسة السياسية تتسم بالجدية وعمق الفكر وفى ذات الوقت بالرقى بعيدًا عن تكريس العنف، وهو ما يمكن أن يكون بمثابة سابقة مهمة لتدشين مرحلة جديدة في الحياة السياسية المصرية..

وأن مثل هؤلاء الشباب الذين صنعوا الثورة من المؤكد أيضا أنها سوف تكون لها تأثير في توجيه الحياة السياسية في مصر في المرحلة القادمة وهى جرس إنذار للنخبة الحاكمة.

الجريدة الرسمية