فتن كقطع الليل المظلم... ويل لك يا (نصرة)!!
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:
(فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ لَا تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ وَلَا تُرَدُّ لَهَا رَايَةٌ تَأْتِيكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً يَحْفِزُهَا قَائِدُهَا وَيَجْهَدُهَا رَاكِبُهَا أَهْلُهَا قَوْمٌ شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ، .... يُجَاهِدُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِينَ، فِي الْأَرْضِ مَجْهُولُونَ وَفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ فَوَيْلٌ لَكِ يَا بَصْرَةُ عِنْدَ ذَلِكِ مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللَّهِ لَا رَهَجَ لَهُ وَلَا حَسَّ).
الآن احتدمت المواجهة بين محورين وبينهما جمهور ضعيف الثقافة والإرادة يقف موقف المتفرج (مهين ولا يكاد يبين) لكنه في أعماق ذاته يأمل أن يهزم الجمع القاعدي ويولي الدبر!!.
جمهور مورس عليه شتى صنوف القمع والقهر والتخويف والتنحيف الفكري يتخلله أحيانا نوع من التلطيف والتخفيف ولولا ذلك ما ذهب من ذهب منهم ليعطي صوته لمرسي وجماعة (زاد) المتحالفة مع (جماعة أرض الميعاد) التي تسعى جاهدة للهيمنة على أرزاق العباد والبلاد!!.
ها قد أطلت علينا الفتنة الوهابية الخوارجية الأموية المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا وبالطبع وقف الفريق الثالث مشدوهًا لا يملك جوابًا يخشى من بطش سلاح الوهابيين المجرمين وحر نارهم ولا يقدر حتى على التعليق على أخبار (غزوة جون ماكين) والتي داس خلالها سيادة بلد عربي مسلم كنا وإياه ذات يوم دولة واحدة (ذات سيادة) والآن لم يعد لهذه ولا تلك أي سيادة، أو ريادة وأين تكون السيادة إذا كانت الوظيفة الوحيدة التي يجيدها هؤلاء هي القوادة!!.
عندما يدوسنا (ماكين صديق خيرت وبديع) فأهلاً وسهلاً ولا مرحبًا ولا يحق للعبيد أن يطالبوا سادتهم بحق السيادة فالأمريكي وحده هو السيد المطاع، أما حينما يدافع حزب الله عن وجوده فعلى الفور ينقح عرق السادة والسيادة!!.
لم يعلق أحد من (أصحاب القوادة) على (غزوة ماكين) التي أعلن عنها بالأمس لسبب بسيط للغاية، هو أنها جزء من مشروع الغزو الأمريكي الصهيوني لسوريا الذي تشكل تلك الجماعات جزءًا أساسيًا منه وأداة رخيصة الثمن والتكلفة من أدواته.
هكذا نقرأ نبوءة الإمام علي بن أبي طالب عن فتنة الوهابية الأموية التي (لَا تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ وَلَا تُرَدُّ لَهَا رَايَةٌ تَأْتِيكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً يَحْفِزُهَا قَائِدُهَا وَيَجْهَدُهَا رَاكِبُهَا) بعد أن تراخت عزائم قوم لم يكن لهم يومًا إرادة ولا عزمًا!!.
فتنة أصبح عنوانها الأبرز في بلاد الشام هو (جبهة النصرة) أو تنظيم القاعدة الذي هو جماع الحقد الوهابي التكفيري الأموي المتراكم عبر مئات السنين، أما تجسده الرمزي فبدا واضحًا من خلال تدميرهم لأضرحة أهل البيت وصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله.
فتنة (لَا تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ وَلَا تُرَدُّ لَهَا رَايَةٌ) بعد أن عجزت نظم (الاعتدال العربي) وأجهزتها الفاشلة استراتيجيًا والمخترقة حتى النخاع عن التصدي لها رغم ما امتلكته هذه النظم وتلك الأجهزة من إمكانات مادية ومن مهل زمنية قبل أن يرضخ هؤلاء للضغوط الصهيوأمريكية ويضطر هؤلاء للعمل في خدمة من كانوا يعدونهم (تهديدًا استراتيجيًا لأمنهم القومي)!!.
الرواية الواردة في كتاب نهج البلاغة تتحدث عن صفات تلك الفئة المحتسبة التي ستوقف تمدد هذه الفتنة المظلمة (يُجَاهِدُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِينَ فِي الْأَرْضِ مَجْهُولُونَ وَفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ) ولو طابقنا بينها وبين صفات الممهدين المقاتلين بين يدي المهدي المنتظر إمام الحق من آل محمد والواردة في حوار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع كميل بن زياد النخعي (الْأَقَلُّونَ عَدَداً وَالْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً يَحْفَظُ اللَّهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ وَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ وَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ)، لأيقنا أن هؤلاء وهؤلاء شيء واحد وهم أولئك المحتسبون الذين تصدوا لإطفاء نار الفتنة السفيانية الصهيووهابية.
لو تأملنا في التصريحات الوقحة لـ(وزير) خارجية دويلة خليجية التي يشتم فيها ويسب حزب الله لأدركنا معنى (أذلة عند المتكبرين).
إنها مطابقة أيضًا للرواية التي أوردها الطبرسي في كتاب الاحتجاج ج2 على لسان الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف (اعتصموا بالتقية! من شب نار الجاهلية، يحششها عصب أموية، يهول بها فرقة مهدية).
لقد انطلقت الفرقة المهدية إذا لأداء واجبها وهم من وصفهم الإمام علي بن أبي طالب بأنهم (في الأرض مَجْهُولُونَ وَفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ) وعندها يمكن لنا الزعم بأن الرواية الدقيقة لا تقول يا بصرة بل يا (نصرة) وأن النقطة قد انتقلت من أعلى إلى أسفل ويصبح من الممكن أن نقرأها هكذا (فَوَيْلٌ لَكِ يَا "نصْرَةُ" عِنْدَ ذَلِكِ مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللَّهِ لَا رَهَجَ لَهُ وَلَا حَسَّ).
ولننتظر الأيام القادمة التي ستكشف لنا عن مدى صحة أو خطأ هذا الاستشراف.
(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) البقرة (286)