ليلة العهود الثلاثة.. مزارعو الفراولة يؤسسون لاتحادهم ويتفقون على مقاطعة الخارجين عن الصف.. وتحويل الفراولة المصرية لـ"براند"
غزارة الأمطار التي تساقطت في الصباح لم تمنع أكثر من 100 من مزارعي الفراولة في محافظات القليوبية والدقهلية والبحيرة عن التجمع في قرية كفر صهبي بمدينة طوخ أمس الخميس، حيث تعتبر زراعة الفراولة مهنة أساسية لأهالي المنطقة، حتى أن البعض اتخذها كمهنة إضافية إلى جانب حرفته الأساسية، فلا تتعجب إن قابلت ميكانيكي سيارات يأمل في تحسين دخله بزراعة فدان بالفراولة أو هذا الحلاق على أطراف المدينة الذي ادخر من قوت يومه ليستأجر فدانا ويزرعه بالفراولة في عملية مكلفة ماديا تصل إلى 120 ألف جنيه كتكلفة للفدان الواحد.
النجاح الذي حققه محصول الفراولة خلال السنوات الأخيرة والأرباح الجيدة التي غيرت من الوضع المادي لكثيرين دفعت أعدادا أكبر إلى اقتحام هذا العالم الذي يصفه أهله بالإدمان، مظهر الفراولة في الحقل وبهجتها عند الحصاد تدفع المزارعين إلى الارتباط بها كما ارتباطهم بقيمة الأرض ذاتها.
القسم على كتاب الله
في بداية الأسبوع المنصرم اجتمع أكثر من 300 مزارع فراولة من نفس المحافظات المذكورة في الأعلى، وقرروا مواجهة شركات التصدير على قلب رجل واحد بعد تخفيض أسعار التوريد 50% دفعة واحدة وبدون مببرات كافية لهذا الانهيار غير المحسوب في الأسعار، أسفر الاجتماع عن مشهد درامي اعتدناه في الريف، يقسم الرجال على كتاب الله بأن يلتزموا بالعهد الذي قطعه المزارعين على انفسهم " أقسم على كتاب الله الشريف أني ما أعبيش فراولة للشركات لمدة 4 أيام".
رئيس زراعة النواب: الفلاح المصري يعاني أشد المعاناة والحكومة تتجاهله
نواة اتحاد مزارعي الفراولة
وكأي تجمع إنساني على وجه الأرض لم يلتزم البعض بالقسم وأصبحت أسماؤهم منبوذة بين المجتعمين بعد أن خرجوا عن الإجماع وفضلوا مصالحهم الخاصة كما اتفاق المجتمعون ويعلق محمد الدشناوى أحد مزارعي الفراولة الكبار في القليوبية “ عيب عليكم يالى لم تصونوا العهد وقسم الرجال أمام الله.. الكاميرات مصوراكم وانتم اديكم على كتاب ربنا وترجعوا تخلفوا القسم..عيب”.
انزعج جمع المزارعين بعد أن وصلت لهم معلومات أن 3 من كبار مزارعي الفراولة في القليوبية اللين لم يتفاعلوا مع الاجتماعات السابقة وأهملوها ذهبوا للاجتماع مع وزير الزراعة بمفردهم، فاعلنوا أيضا أن القضية أكبر من لقاء مسئول بأشخاص لا يمثلون هذا التجمع الكبير لكنها مسألة جلب حقوق على المدى البعيد.
غياب حكومي دائم
بشكل عام حافظت الأغلبية على العهد وصانت القسم، وكان من اللازم عقد اجتماع ثان لانتقاء الطيب وترك الخبيث، ولتتشكل نواة قوية لكيان قانوني في شكل اتحاد أو جمعية تعاونية لحماية مصالح مزارعي الفراولة وتحقيق مصالحهم، فالفوائد من عمل اتحاد يشكل المزارعين بإرادتهم لا تنتهي عند تمثيلهم في مواجهة الشركات وفي جلب مستلزمات الإنتاج بأسعار جيدة كما يقول محمد الجوهري أحد مزارعي الفراولة في محافظة الدقهلية، وأحد الداعين لفكرة الاتحاد من البداية.
"زراعة البرلمان" تفتح ملف الثروة الحيوانية.. والعامري: ٥٠٪ من الدواء مغشوش
الجوهري أكد أن الغياب الحكومي المستمر عن مشاكل المزارعين يضيع حقوق الفئة الأضعف في حلقة إنتاج الغاء في مصر رغم كونها الأكبر من حيث العدد في المجتمع، ولفت إلى أن تأسيس كيان قانوني لحماية مزارعي الفراولة هي خطوة غير مسبوقة من قبل أي طائفة من مزارعي أي محصول وأن تأسيس هذا الكيان ومزاولته لعمله سيحدث حراك بين المزارعين الأخرين ويدفعهم لتأسيس اتحادات أخرى لحماية مزارعي محاصيل متعددة تحتاج إلى ممثلين مختارين من جانب المزارعين لتحقيق مصالحهم.
وأشار إلى أن هدفنا تحويل الفراولة المصرية إلى علامة تجارية عالمية يسعى لها المستهلك في الخارج، ولك يتحقق بالتكاتف بين أعضاء منظومة الإنتاج والتصدير بشكل عام، وهو ما يدفعنا أيضا إلى التأكيد على حرصنا على خروج المنتج المصري في أفضل جودة من حيث الخواص الطبيعية للثمار ومطابقتها لكل معايير الصحة والسلامة التي تفرضها أشد المواصفات العالمية
وتابع “ تطوع 13 من مزارعي الفراولة في القليوبية والدقهلية والبحيرة لتأسيس الكيان القانوني لاتحاد مزارعي الفراولة وسيقع على عاتقهم عبء التأسيس وإدارة وخدمة المزارعين الأعضاء في الاتحاد”
الخبرة والتاريخ تحسمان الموقف
السن والخبرة والتضحية والمواجهة، كانت أسباب مزراعي الفراولة المجتمعين لاختيار الحاج عصام عطية أحد أشهر وأقدم مزارعي الفراولة في محافظة القليوبية ليترأس لجنة تأسيسية لاتحاد مزارعي الفراولة.
وفق المزارعين المجتمعين فإن الحاج عصام هو أول من غير في زراعة الفراولة في مصر على مستوى المزارعين وكسر احتكار بعض الشركات للشتلات" الفريش" وجلبها في مشتله وبدأ في بيعها للمزارعين بثمن منخفض كثيرا عن أسعار الشركات وهو ما عرضه لحرب دفع فيها أثمان غالية منها حرق مشاتله أكثر من مرة.
من جانبه يؤكد الحاج عصام عطية أن وجود كيان قانوني يجمع المزارعين ويبحث عن مصالحهم هو خطوة صحيحة وإيجابية في سبيل تحقيق مصلحة كل مزارع للفراولة في مصر، في زل منظومة خاطئة تعرض الفلاح لخسائر كبيرة ولا تقيم له وزنا، وأن العمل على إنجاح تأسيس هذا الكيان هو هدف يجب أن يسعى له كل مخلص وراغب في تحقيق مصالحة ومصالح أبناءه على المدى البعيد خاصة وأن قوة اتحاد المزارعين وامتناعهم عن التوريد لشركات التصدير في ظل هه الأسعار المجحفة تسببت في رفع بعض الشركات لأسعارها مضطرة أمام صلابة موقف عدد كبير من الفلاحين.
وأكد ان الدعم الي توجهه الدولة للمصديرين فقط الفلاحين اولى به لإنهم الاكثر عرضة للمخاطر خاصة وأن الاستثمار الزراعي هو أكثر القطاعات الاستثمارية تعرضا لمخاطر ممثلة في الأمراض والفيروسات التي تصيب النباتات إلى جانب التغيرات المناخية الحادة التي تؤثر على الإنتاجية بشكل كبير وبالتالي فيجب توجيه دعم جيد للمزارعين لحمايتهم من المخاطر التي يتعرضون لها ويواجهونها وحدهم.