هل جزاء الإحسان الإساءة؟.. الشيخ الشعراوي يجيب
كلنا نشكو الجحود.. فنحن نشعر فى بعض الأحيان أن أحدا لا يقدر، ولا يقدر ما نفعله من أجله، نشعر أننا مهما فعلنا من طيبات للناس فإن الجزاء ليس بمثل العمل، حتى إن بعض الأبناء يصابون بالجحود فتساء معاملاتهم لذويهم، ونلتفت إلى السماء ونقول: يا ربى أنت قلت وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ولكن فى هذه الدنيا فى كثير من الأحيان يكون جزاء الإحسان الإساءة.
يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله، إن قوانين الله أزلية بمعنى أنها لا تتأثر بالزمان ولا بالمكان، وأنها لا يمكن أن تتصادم مع الحقائق الكونية لأن الله سبحانه وتعالى هو خالق الكون وهو الذى وضع قوانينه ونواميسه، وما أخبرنا به فى القرآن هو الحقيقة. فى البداية لا يمكن ان تتصادم حقيقة علمية مع ما ذكره القرآن إلا فى حالتين.. إذا لم تكن هذه الحقيقة قد بلغت مرتبة اليقين، أو أن يساء تفسير الحقائق العلمية التى ذكرها الله فى القرآن. وهناك نوعان من الاحسان نوع تبتغى به وجه الله تعالى ، ونوع تبتغى به وجه الإنسان، وفى النوع الأول وعدك الحسنة بعشر أمثالها ، لكن بعض الناس يقدم الإحسان مبتغيا رضاء البشر .. لا رضاء الله، فهو يحسن الى شخص لأنه مخلص له، أو لأنه ينفعه أو لأن له خدمة لديه أو أن يطوق عنقه بجميل.. وهذا الإحسان ليس فيه من شيء .فأنت حين قمت به قمت إرضاء للبشر. وهنا إذا كنت تفعل الإحسان لترضى بشرا فيجب أن تنال جزاءك من البشر، والإنسان خلق ظلوما ومن ثم فإنك لا تستطيع وأنت تبتغى مرضاة الإنسان أن تطالب الجزاء من الله لأنك لم تفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ولا فكرت ثانية واحدة فيما يرضى الله أو يغضبه .. ومن هنا كان الجزاء من نوع العمل جزاء بشريا . فالإحسان حين تقصد به وجه الله تعالى جزاءه الإحسان والحسنة بعشر امثالها مصداقا لقوله تعالى "إنما نطعمكم لوجه الله ولا نريد منكم جزاء ولا شكورا".
هل رؤية الله ممكنة فى اليقظة والمنام؟
فما دام لوجه الله وما دمت لا تريد جزاء من بشر فإن ما تناله هو الإحسان فى الدنيا والآخرة، وجزاؤك من الناس يخضع لمقاييسهم وأخلاقهم، والإنسان الذى أنعم الله عليه بنعمة الحياة والرزق والأمن وكل نعم الدنيا التى لا تعد ولا تحصى.. أحيانا يكفر بخالقه واهب الحياة له ومعطيه كل هذه النعم، فما بالك إذا كنت أنت تحسن إليه إحسانا محدودا ..وتريد الجزاء عليه.