حكاية السلطانين طومان باي.. واحد تعاطف معه المصريون والآخر خلعه المماليك
اهتم الكثيرون بقصة السلطان المملوكى الأخير طومان باى، بعد عرض حلقات مسلسل ممالك النار الذي يحكي قصة نهاية المماليك على يد العثمانيين وغزوهم لمصر.
فى 11 أكتوبر عام 1516، تم تنصيب المملوك طومان باى سلطانًا على مصر خلفًا للسلطان قنصوه الغورى الذى قتل فى معركة مرج دابق، ليصبح ذكرى تنصيب آخر سلاطين المماليك، والذى لم يهنأ بالعرش كثيرا، حتى خلع منه وأعدم على يد السلطان العثمانى سليم الأول، أول سلاطين آل عثمان يغزو مصر.
طومان باى ذكرته عدد من الدراسات بأنه السلطان الباسل الذى أحبه المصريون، والذى ظل يدافع عن البلاد وعن ملكه إلى النفس الأخير من حياته مقدما بطولة وشجاعة كبيرة، اضطر أمامها السلطان العثمانى الغازى سليم الأول إلى تقديره.
شاهد مكان إعدام طومان باى ومكان دفنه (صور)
سبقه سلطان آخر يحمل نفس الاسم هو الملك العادل أبو النصر طومان باى وهو خامس وعشرين سلاطين المماليك الشراكسة فى مصر والشام، والتى ذكرته دراسات، بأوجه أخرى مختلفة عن آخر سلاطين المماليك، تصفه بالطمع وسفك الدماء معا، فبحسب دراسة بعنوان "جوانب من الحياة السياسية الاقتصادية والاجتماعية فى العصر المملوكى" للدكتور مفيد الزيدى، إن الخلافات والنزاعات بين أمراء طوائف المماليك المختلفة وعلى رأسهم الأميرين قنصوة والبردى، استمرت سعيا منهم للسيطرة على شؤون البلاد، وذلك فى عهد السلطان قايتباى، ونجح قنصوه فى انتزاع البيعة من السلطان، ومنحها لولده محمد بن قايتباى، والذى اشتهر بأمور اللهو والترف وشرب الخمور واغتصاب أموال العامة، ففقد احترام الناس وحبهم له.
وبعد اشتداد أزمات الدولة، فكر بن قايتباى فى الهرب، إلا إنه منع من قبل المماليك الجلبان، فانقض عليه طومان باى صاحب المالية وقتله عام 904 هـ، 1498م، وتمت مبايعة الأمير قنصوه الأشرف بالسلطنة، إلا أن المؤامرت التى تحاك من حوله كان يقودها طومان باى، خلعته من منصبه، وبعد أن تولى الأمير جنبلاط الحكم، أدت المؤامرت أيضا إلى خلعه، وتولى طومان باى والذى امتازت سياسته بالظلم، والقسوة تجاه المماليك وأمرائها والعامة مما زاد من كرههم له، فلقى مصرعه بعد ثلاثة أشهر.
والسلطان " العادل أبو النصر طومان باي" الأشرفي، خامس وعشرين سلاطين المماليك الشراكسة في مصر والشام، وهو غير الأشرف طومان باي، أصله من بلاد الغور وهي بلاد في جبال خراسان قريبا من هراة، كان قد اشتراه الملك الأشرف قايتباي ثم أعتقه و حكم العادل مصر سنة 1501 وعمره حوالي أربعين سنة، لقب بالأشرفي نسبةً لأستاذه الأشرف قايتباي.
عاش طومان باي فترةً طويلة في طباق قلعة الجبل في خدمة السلطان الأشرف قايتباي الذي أعتقه و رقّاه لوظيفة جمدار ثم ترقى حتى أصبح مدبر المملكة في عهد السلطان الأشرف جان بلاط.
وعندما حصل التمرد في الشام بقيادة نائب الشام " قاصروه " سافر طومان باي إلى الشام و انحاز قاصروه إليه و في حضور قضاة الشام قام بخلع السلطان جان بلاط و تسلطن طومان باي مكانه ولقب نفسه بالعادل و بعدها عاد إلى مصر.
كان العادل طومان باي محبوباً جداً من عامة الناس قبل أن يصبح سلطانا حتى أنه يروى أن السيدات كن يزغردن من شبابيك البيوت عندما يمر في الطرقات، لكن بعد أن تولى السلطنة تغيرت طباعه فكرهه الناس إذ قام بخنق الامير قاصروه الذي ساعده في خلع جان بلاط ، كما أمر بخنق السلطان السابق جان بلاط في سجنه بالإسكندرية.
جافى المماليك الملك العادل طومان باي فلم يصاحبوه في صلاة الجمعة ولم يلبوا دعوته لهم فعلم أنهم سينقلبون عليه فهرب بعد نحو مائة يوم من توليه السلطنة فبايع المماليك الملك الأشرف قانصوه الغوري الذي جد في البحث عن العادل طومان باي حتى عثر عليه وقطعوا.
أمام الأشرف أبو النصر طومان باي آخر سلاطين المماليك الشراكسة في مصر، فهو السلطان الوحيد الذي شُنق على باب زويلة.
تسلّم الحكم بعد مقتل عمه السلطان الغوري بموقعة مرج دابق عام 922هجري/1516 ميلادي بعد أن عينه نائباً له قبل خروجه لقتال العثمانيين، وبعد مقتل الغوري أجمع الأمراء على اختياره سلطاناً لمصر، وقد امتنع طومان باي عن قبوله منصب السلطنة في بداية الأمر بحجة ضعف الموقف العام وتشتت قلوب الأمراء وحصول فتنة من قبل بعض المماليك حيث كان خان الخليلي قد نُهِب وقُتِل جميع التجار بحجة أصولهم العثمانية، لكنه عاد بعد إلحاح وبعد أن أقسم له الأمراء على المصحف بالسمع والطاعة وعدم الخيانة وقد حضر البيعة يعقوب المستمسك بالله الخليفة المعزول وذلك لوجود ابنه الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث أسيراً بأيدي العثمانيين بحلب، ثم انهزم طومان باي بمعركة الريدانية في 29 ذي الحجة 923 هجري/1517ميلادي، وانضوت مصر تحت الخلافة العثمانية الفتية.