رئيس التحرير
عصام كامل

مغاورى شحاتة: سد النهضة الإثيوبي سينهار والطوفان سيصل القاهرة.. أمريكا وإسرائيل والصين تحرض أديس أبابا للتحكم في إرادة مصر.. وحكومة الإخوان فشلت في إدارة الأزمة.. ويجب عليها مصارحة الشعب بالكارثة

 الدكتور مغاورى شحاتة
الدكتور مغاورى شحاتة العالم والخبير العالمي

اختير الدكتور مغاورى شحاتة العالم والخبير العالمي في مجال المياه، العام الماضي، ضمن قائمة أفضل 100 عالم في مجال التعليم التي يعدها المركز الدولى للسير الذاتية في بريطانيا.


ولأن هذا الرجل الذي شغل منصب رئيس جامعة المنوفية سابقا، من أبرز أهل العلم والخبرة، فهو خير من يمكن الرجوع إليه في التعرف على أسرار أزمة مياه النيل، وإصرار إثيوبيا على بناء سد النهضة، فضلا عن الأضرار التي يمكن أن تلحق بمصر جراء إقامة هذا السد.

"فيتو" التقت شحاتة، فأكد أن حكومة الإخوان لم تبذل جهدًا في أزمة بناء سد النهضة، موضحا أن هناك تسريبات من اللجنة الثلاثية المشكلة من مصر والسودان وإثيوبيا لبحث مخاطر بناء السد، تؤكد أن المنطقة التي سيبنى عليها تتكون من صخور بازلتية معرضة للانهيار بفعل الزلازل.

وأوضح أن الدراسات الخاصة بالسد غير مكتملة، وأن بناءه غير آمن، وتوقعات انهياره تتجاوز 90 %، لافتا إلى أن أمريكا وإسرائيل تسعيان إلى الدفع بإثيوبيا للضغط على مصر ولىّ ذراعها للتحكم في القرار المصرى.

ودار نص الحوار كالتالي:

- هل توافق على توقيع مصر اتفاقية "عنتيبى"؟
لا أوافق على توقيع مصر والسودان على الاتفاقية لأنها كارثة، وستؤدى إلى إلغاء كل المعاهدات السابقة بين دول حوض النيل، وستستغلها إثيوبيا لإقامة سدود أخرى، كما أن توقيع مصر على الاتفاقية سيتسبب في عدم قدرتها على مقاضاة إثيوبيا أمام المحاكم الدولية، وأخشى أن يقوم النظام الحاكم الآن بالتوقيع على الاتفاقية التي ستخلف الدمار لمصر.

- لماذا عدلت إثيوبيا تصميم بناء سد النهضة ليستوعب 75 مليار متر مكعب بدلًا من 11 مليارًا فقط؟
إثيوبيا تسعى لإقامة سد النهضة على واحد من مخارج نهر النيل الأزرق على الحدود السودانية بعمق 40 كيلومترًا في الأراضى الإثيوبية، وكان تصميم السد في البداية لحجز11 مليار متر مكعب، مبنيّا على أسس علمية تؤكد أن أقصى طاقة يمكن أن يستوعبها هذا السد هى 11 مليار متر مكعب، لكن إثيوبيا عدلت من مخططاتها، وتمت إعادة النظر في إمكانيات السد والعائد منه، واستخدمت الارتفاع لحجز المياه لتزيد طاقة استيعاب البحيرة التي ستنشأ أمام السد إلى 74 مليار متر مكعب، وهو ما يعنى أن القدرة الاستيعابية التخزينية تضاعفت نحو 7 مرات من السعة الأصلية التي كان مخططًا لها عام 1964.

- ما حقيقة ما تردد عن أن الأرض التي يبنى عليها السد عرضة للزلازل؟
المنطقة التي يبنى عليها السد مكونة من صخور بركانية، يكون فيها البازلت الصخر الأساسى، والبازلت بطبيعته صخر غير مرن، وهو ما يعنى أنه لا يقبل الاستجابة للهزات الأرضية التي تعرضه للشروخ والانهيارات، وهو ما يؤكد أنه سيتعرض لانهيار جزئى أو كلى، والخسائر سوف تكون فادحة على مصر والسودان، فانهيار السد يعنى انحدار المياه دفعة واحدة، لتجتاح السودان، وستصل إلى حدود القاهرة، وهى كارثة بكل المقاييس، ستغرق كل شىء.

وأضاف: "وهو بمثابة إنذار صريح للسودان لأنها إن كانت ترى أنها ستستفيد من بناء السد كما وعدتها إثيوبيا وهو ما انعكس على موقفها اللين تجاه إنشاء السد بعد وعود من إثيوبيا بتصدير الكهرباء إليها، متناسين أضرار السد التي من الممكن أن تعصف بكل مدن السودان حتى الخرطوم".

وتابع: "كما أن هناك خطرًا آخر يتعلق بتوزيع المياه، فالمعروف أن المياه تأتى من إثيوبيا خلال موسم الفيضان من خلال النيل الأزرق، ويصلنا منها نحو 55.5 مليار متر مكعب، وبناء السد سيمكن إثيوبيا من التحكم في مصر والسودان من خلال التحكم في كمية المياه المتدفقة إليهما، كما أن السد سيكون له تأثير على مصر عن طريق حجز كمية من المياه من حصة مصر تصل إلى نحو 9 مليارات متر مكعب تروى نحو مليون فدان من الأراضى المصرية التي ستتعرض للبوار والعطش، في الوقت الذي تسعى فيه مصر للتوسع الزراعى والاستثمار".

وأوضح: " كما أنه سيؤدى إلى انخفاض كميات المياه التي يتم تخزينها في بحيرة ناصر من 120 مليار متر مكعب إلى 75 مليارًا فقط بعد اكتمال إنشائه مباشرة، وانخفاض طاقة توليد الكهرباء من السد العالى وقناطر إسنا ونجع حمادى بمعدل 20%، بالإضافة إلى تشريد 5 ملايين مواطن يعتمدون على زراعة هذه المساحات، وعند اكتمال إنشاء السد ستصبح إثيوبيا قادرة على التحكم الاستراتيجي في وصول مياه الفيضان إلى مصر، كما سيكون للسد تأثير على معدلات النحر بالسودان، وهناك آثار أخرى سلبية يجب أن تكون محل دراسة."

- في رأيك.. ما نوايا إثيوبيا الحقيقية من وراء بناء السد؟
أعلنت إثيوبيا أن الهدف الأساسى من بناء سد النهضة هو توليد الطاقة الكهربائية، لكن السدود العالية على هذا النحو تدل على أن الهدف خلاف ذلك، وهو رغبة إثيوبيا في التحكم في القرار المصرى، وهو ما يترتب عليه أن تكون خطط التنمية المصرية مرتهنة بالإرادة الإثيوبية.

- وهل الإرادة الإثيوبية نابعة من ذاتها أم أن هناك من يحرضها؟
بالطبع هناك تحريض من إسرائيل وأمريكا والصين والمجتمع الدولى الذي يهتم بإثارة المشكلات في المنطقة.

- ما توقعاتك فيما ستتوصل إليه اللجنة الثلاثية المشكلة لمعاينة آثار السد على مصر والسودان؟
كشف أحد أعضاء اللجنة في تسريبات نشرت الأيام الماضية عن صحة الشكوك التي أعلن عنها خبراء المياه في مصر، من أن منطقة بناء السد زلزالية، وأن السد معرض للانهيار في أي وقت، وأن السد غير آمن، والدراسات الخاصة به غير مكتملة، واحتمالات انهياره تصل إلى 90 %، وهو ما يؤكد شكوكنا ويفسر موقفنا الرافض لاستكمال بنائه، ووزارة الموارد المائية دائما ما تعلن أن الدراسات الخاصة بالسد غير مكتملة.

- لماذا اشترطت إثيوبيا توقيع مصر أولا على "عنتيبى" للحصول على معلومات حول السد؟
إثيوبيا تتعنت وتريد لىّ ذراع مصر، وتاريخ إثيوبيا يشهد أنها دائمًا تحب مخالفة القرار الجماعى، والانفراد بمواقف تثير القلق والفتنة بين الجميع، وهو ما يعنى أن إثيوبيا لا تتيح كل المعلومات للجنة الثلاثية المشكلة لمعاينة آثار السد.

- إلى أين وصلت مراحل بناء السد حتى الآن؟
قاربت إثيوبيا على الانتهاء من 50 % من حجم أعمال بناء السد، وهو ما يعنى أنهم ماضون في استكماله، وسيتم تحويل مجرى النيل الأزرق في سبتمبر المقبل، وإثيوبيا ماضية في بناء السد رغم اعتراض مصر والسودان.

- هل تلجأ مصر والسودان إلى شن هجمات عسكرية على إثيوبيا لإجبارها على عدم استكمال بناء السد؟
التدخل العسكري سيضعف من موقفنا في إجراءات التقاضى أمام المحاكم الدولية، لكن هناك خيارات أخرى كإقناع إثيوبيا بضرورة التوقف عن استكمال بناء السدود، وإذا لم تقتنع إثيوبيا وأصرت على موقفها فمن المؤكد أن ذلك سيكون كارثة، ويمكن في هذه الحالة اللجوء إلى المجتمع الدولى.

- ما الحلول التي من الممكن أن تلجأ إليها مصر لإيقاف بناء السدود؟
من الممكن تقديم شكاوى ضد إثيوبيا في هيئات الأمم المتحدة العاملة في مجال المياه، فهناك خطر وخلاف لما تم إقراره في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أوصت بالاستغلال المنصف والعادل للمياه، وفى هذه الحالة يتم تقديم كل المستندات التي توضح المخاطر التي ستتعرض لها مصر إذا تم استكمال بناء السدود.

- هل للإخوان دور في المفاوضات مع إثيوبيا؟
تصريحات الدكتور محمد بهاء الدين، وزير الموارد المائية والرى، عن أن المخاطر التي ستلحق بمصر من آثار بناء السدود غير مؤكدة هو التفاف على الواقع، ويجب أن تصارح حكومة الإخوان الشعب بحقيقة الأزمة، بدلًا من إخفاء المعلومات عنه، حتى يشارك بنفسه في تحديد مصيره، والمباحثات الإخوانية فشلت حتى الآن في إقناع الجانب الإثيوبى بالعدول عن استكمال بناء السد، وأتخوف من موافقة جنوب السودان على الاتفاقية، وأتمنى أن ينجح الرئيس مرسى خلال زيارته لجنوب السودان الشهر المقبل في إقناعها بعدم التوقيع.

- ما رؤيتكم لحل أزمة دول حوض النيل؟
لا بديل عن مد جسور التواصل بين مصر وإثيوبيا، باستكمال المشاريع والاستثمارات التي تقوم بها مصر من حفر آبار وإنشاء مصانع لإقناع إثيوبيا بالتراجع عن فكرة السدود، بالإضافة إلى ضرورة وجود إدارة مستقلة لإدارة ملف دول حوض النيل، وحل النزاعات التي تنشأ بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى التركيز على ملف الأمن المائى المصرى للحد من مخاطر المياه الواردة لمصر من إثيوبيا، وهو ما يتطلب إنشاء مشروعات مائية مشتركة، لاستقطاب فواقد النهر في حوض بحر الغزال، وقناة جونجلى لتوفير 14 مليار متر مكعب من المياه لاستثمارها لصالح مصر والسودان.


الجريدة الرسمية