إلى أين ينظر المصلي لحظة السجود أثناء الصلاة؟
تعددت الآراء والأحكام في أين ينظر المصلي أثناء الصلاة، فالبعض قال: إلى وضع الجبهة فى السجود، وقال آخرون: بغمض العينين حتى لا ينشغل المصلى بما حوله.
وفند الشيخ عطية صقر، أمين لجنة الفتوى السابق بالأزهر ــ رحمه الله ــ آراء الأئمة والفقهاء فى جهة نظر المصلي أثناء الصلاة فى إحدى كتبه فقال:
تحدث القرطبي فى تفسيره لقوله تعالى (فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام) فقدم فى هذه الآية حجة واضحة لما ذهب إليه مالك، ومن وافقه في أن المصلي حكمه أن ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده، وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي والحسن بن حي: يستحب أن يكون نظره إلى موضع السجود،
دعاء حسن الخاتمة | 9 أدعية تعرف عليها
وقال شريك القاضي: ينظر في القيام إلى موضع السجود، وفي الركوع إلى موضع قدميه، وفي السجود إلى موضع أنفه، وفي القعود إلى حجره. قال ابن العربي: إنما ينظر أمامه فإذا حنى رأسه ذهب بعد القيام المفترض عليه في الرأس، وهو أشرف الأعضاء. وأن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض، فتلك مشقة عظيمة وحرج، وما جعل علينا فى الدين من حرج ، أما أن ذلك أفضل فهو لمن قدر عليه. جاء فى نيل الأوطان للشوكاني (كان إذا جلس في التشهد وضع يده اليمنى على فخده اليمنى ويده اليسرى، واشار فى السبابة ، ولم يجاوز بصره إشارته) رواه أحمد والنسائي وأبو داوود .
وجاء فيه أيضا بعد حديث النهي عن رفع الأبصار إلى السماء إلا في الدعاء أن ابن بطال قال: فيه حجة لمالك فى أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة. وقال الشافعي: يستحب له أن ينظر إلى موضع السجود لأنه أقرب إلى الخشوع، ويدل عليه ما رواه ابن ماجة بإسناد حسن عن أم سلمى بنت أمية، زوج النبى عليه الصلاة والسلام، أنها قالت (كان الناس فى عهد رسول الله إذا قام المصلي يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه، فتوفي رسول الله فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد موضع جبهته، فتوفي أبو بكر فكان عمر، فكان الناس إذا قام أحدهم لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، وجاء عثمان وكانت الفتنة فتلفت الناس يمينا وشمالا) كل الإجابات اجتهادات وآراء من وجهة نظري.
وأقول: كل مصلٍّ حر فى نظره، لكن يختار ما يساعده على الخشوع فى الصلاة، مع العلم أن رسول الله نهى عن رفع البصر إلى السماء فى الصلاة، فقد روى مسلم والنسائي وأحمد أنه قال: لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم فى الصلاة أو لتخطفن أبصارهم . كما نهى رسول الله عن النظر إلى كل ما هو يلهي ويشغل المصلي عن صلاته، وأيضا فإن تغميض العينين كرهه البعض وأجازه البعض بلا كراهة، لكن ابن القيم قال: الصواب أنه إذا كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع، فهذا أفضل وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما فى قبلته من الزخرف والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه، والقول باستحبابه أقرب الى أصول الشرع ومقاصده.