رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان المسلمين وبيانهم المشئوم


أصدرت جماعة الإخوان أخيرا بيانا زعمت فيه أن «حزب الله كشف عن وجهه الطائفي البغيض بتحريك مُسلَّحِيه، لمساندة النظام الطائفي الظالم ضد الشعب السوري الأعزل، وباشتراكه الأثيم في قتل أبناء الشعب السوري في القصير وغيرها».

في نفس الوقت كان قادة الجماعة يجوبون البلدان مبشرين بقرب (تحرير المسجد الأقصى) على أيديهم حصريا!! وذلك بعد فراغهم من (تحرير الشام) كما يزعمون!!.

كيف لنا أن نصدق مزاعم الجماعة عن نياتها (المستقبلية) بتحرير القدس في نفس الوقت الذي يبذل فيه مقاتلو الجماعة السوريون أقصى جهدهم لحصار المقاومة الإسلامية في لبنان وقطع خطوط إمدادها بالسلاح وتحديدا في منطقة القصير التي تشهد الآن أعنف المعارك لفك هذا الحصار. 

كيف لنا أن نصدق مزاعم الجماعة عن عدائها لإسرائيل ونياتها في تحرير القدس بينما نرى إسرائيل تدخل على الخط دعما لمقاتلي القصير الذين يقطعون خطوط إمداد حزب الله عبر غاراتها الجوية على الجيش السوري النظامي؟!.

هل يتوقف مشروع الإخوان لتحرير القدس على تدمير حزب الله وحصاره وعزله عن بيئته الداعمة، (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) قبل أن تعيد الجماعة الوحيدة بناء جبهة المواجهة التي هدمتها هي والنصرة والحر وتلك الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) النحل (92)

كنا نتمنى أن نصدق المزاعم الجهادية للجماعة لو ضمنت بيانها البائس استنكارا  لفرض الحصار على خطوط إمداد الحزب التي لولاها ما تمكن من الصمود في وجه العدوان الصهيوني عام 2006 ولما تمكن من إعادة تسليح قواته عبر ذات الخطوط التي تراقبها وتحاصرها أمريكا وإسرائيل عبر ما يسمى بالأمم المتحدة.

أما عن اتهام حزب الله بالطائفية البغيضة فلو أنصف الإخوان أنفسهم لاستنكروا ما قام به أوباش النصرة من هجوم متكرر ومتواصل على المقام الطاهر للسيدة زينب رضوان الله عليها محاولين هدمه فضلا عن قيامهم بنبش القبر الطاهر للصحابي الجليل حجر بن عدي.

الطائفية البغيضة التي اتهم بها البيان المشئوم حزب الله هي أن ترى نفسك وحدك على حق وكل من عداك على باطل وليس له أي حق ومن ثم تنكر على الطوائف الأخرى (اتفقت أو اختلفت معهم) حقهم وكرامتهم ومقدساتهم.

يقول تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). الحجرات 9-10.

ويقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) المائدة (8).

شتان بين الحقوق المشروعة للطوائف كما ذكر كتاب الله عز وجل والتي يتعين إقرارها وبين العربدة التي يمارسها من يظن نفسه الأقوى وإلا أضحت الدنيا غابة يحكمها الأقوياء ويموت فيها الضعفاء والمستضعفون.

الطائفية البغيضة هي أن يسكت الإخوان ومن على شاكلتهم على الجرائم التي ارتكبها جيشهم الحر وقاعدتهم التكفيرية فلا يحركون ساكنا ولا يطالبون حتى بهيئة تحقيق إسلامية مستقلة تفحص مزاعم الطوائف الأخرى وشكواها مما تعرضوا له من عدوان وتدمير وهو ما رأيناه بأم أعيننا خلال الفترة الماضية.

الأمر سهل وبسيط حيث يتعين على جماعة الإخوان أن تطالب بتشكيل هيئة تحقيق مستقلة في الجرائم التي ارتكبها المسلحون ولنكتفي بجريمة واحدة هي (العدوان على الأضرحة ونبش قبور الصحابة) عملا بقوله تعالى (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، عندها سنصدق أن الإخوان يدافعون عن المصالح المشروعة لطائفتهم وهو ما لا نرفضه ولا نأباه.

أما أن يصر الإخوان على أن يذعن الآخرون لشروطهم وإملاءاتهم ويقبلوا بالحصار المفروض عليهم من القاعدة وأخواتها وإلا اتهموا بالطائفية البغيضة فهذا ما لا يقره عقل ولا منطق ولا توجد قوة يمكن أن تجبر المستهدفين على الإذعان له.

بماذا نسمي المنطق الذي اعتمدته الجماعة في بيانها المشئوم سوى (الجاهلية البغيضة) مهما حاول هؤلاء أن يتمسحوا بالدين كراهية لأن (تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ) ولماذا لا يكلون أمرهم لله إن شاء رفعهم وإن شاء وضعهم (إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).

الجريدة الرسمية