المشروعات الخدمية تعرقل التنفيذ.. وزارة النقل تواجه شبح الشركات الخاسرة بسلاح إعادة الهيكلة
“تحويل الخسارة إلى مكسب”.. شعار يرفعه غالبية وزراء حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، أملًا في ضمان عدم الحصول على “استمارة 6” في أي تعديل وزارى جديد، ومن هنا بدأ غالبية الوزراء في البحث عن أية موارد تصلح لجلب إيرادات، ليس هذا فحسب، لكن البعض تجاوز خط “الإيرادات” وبدأ يلعب في منطقة “الخطط الاقتصادية الطموحة” التي من شأنها أن تضمن ارتفاع الإيرادات وفى الوقت ذاته استمراريتها.
ومن هذا المنطلق سحبت وزارة النقل والموصلات خلال الفترة الماضية العديد من المواقع من شركات تابعة لها، منها شركة الخدمات المتكاملة المملوكة للسكك الحديدية، وشركة عربات النوم المملوكة للسكك الحديدية أيضا، وفى الوقت نفسه شدد وزير النقل، الفريق كامل الوزير، على قيادات الشركات التابعة للوزارة أنه لا يمكن القبول بوجود شركة تتعرض للخسائر، مؤكدا أن الشركات تعنى الأرباح، ولايمكن أن تظل شركة تخسر، وهناك العشرات من الآليات لتحويل خسائر الشركات إلى أرباح، ووفقا لمصادر تحدثت إليها «فيتو» فإن «النقل» تمتلك خطة موسعة في العديد من القطاعات لإعادة هيكلة الشركات الخاسرة وتحقيق أرباح من خلال شركاتها العديدة، تبدأ بشركة المترو وتنتهى بأصغر شركات الوزارة.
وتشمل الخطة الاقتصادية للوزارة كافة الشركات مقسمة على قطاعات مختلفة، ففى قطاع السكك الحديد -بحسب المصادر ذاتها- توجد العديد من الشركات منها شركة المشروعات الاستثمارية والتي تختص بعمليات إدارة أملاك السكك الحديدية، وهذه الشركة ستخضع لمراجعة شاملة لما قدمته خلال السنوات الأخيرة ودورها في دعم إيرادات السكك الحديدية، بالإضافة لمراجعة المشروعات الداخلية للشركة كاملة، والشركة الثانية هي شركة الخدمات المتكاملة، التي تمكنت من تحقيق فائض مالى.
وفى الوقت نفسه تخطط الشركة للتوسع والخروج من نطاق تقديم الخدمات للسكك الحديدية على أن تقدم الخدمات الخاصة بها لباقي قطاعات الوزارة والهيئات التابعة وخارج الوزارة إذا لزم الأمر، كما أشارت المصادر إلى أن «الشركة الوطنية لعربات النوم، هي الأخرى سيتم مراجعة موقفها ودراسة أوجه القصور، لا سيما وأنها تمتلك مورد مالي ثابت والمتمثل في ثمن تذاكر عربات النوم عكس باقى الشركات التابعة للهيئة، وبالتالى فإن خطط تطوير الشركة وإعادة تأهيلها سيكون في غاية السهولة حال وضع خطة محكمة للسيطرة على الخسائر».
من ناحية أخرى، ووفقا للمصادر، يخطط وزير النقل الحالى بالتنسيق مع شركة المترو لدراسة الموقف الحالى للشركة خاصة في ظل استمرار الخسائر بالرغم من زيادة أسعار التذاكر لأكثر من مرة، ومن المقرر أن يتم إعادة النظر في موقف شركات الطرق والشركات التابعة للموانئ البرية والجافة والشركات العاملة في النقل البحرى، ومنها شركة القاهرة للعبارات على أن يتم وضع مخطط زمنى لتتحول الشركات التابعة للوزارة جميعا لشركات منتجة وتضخ أموال لصالح ميزانية الوزارة.
يذكر هنا أن الوزير الحالى سبقه العديد من الوزراء في محاولة، إعادة توجيه الشركات التابعة وتحويل الوزارة إلى وزارة منتجة اقتصاديا ولكن محاولات بعض الوزراء كان مصيرها الفشل كبير بسبب التضارب بين كون الوزارة خدمية وبين الرغبة الاقتصادية، فكانت بعض محاولات إعادة تقيم أسعار الخدمات تنتهى بايقاف المشروع بشكل كامل بعد فترة من الزمن وكان أخرها في عهد الوزير السابق هشام عرفات، الذي كان يرغب في زيادة أسعار تذاكر القطارات وتراجع أكثر من مرة عن قرار زيادة الأسعار للقطارات بسبب مشكلة الصدام مع «خدمية الوزارة».
الوزراء السابقون وبداية من الوزير إبراهيم الدميرى، أخذوا الخطوة الأولى والتي تمثلت في تغيير قوانين الطرق والكبارى وتغيير قوانين السكك الحديد وقوانين العمل المنظمة لعمل هيئة الأنفاق وتحولت هذه الهيئات من هيئات خدمة ذات مسئولية اجتماعية إلى هيئات اقتصادية تهدف للربح، وبالتالى الخطوة القانونية الأولى في طريق المخطط الاستثماري للوزارة بدأت منذ عدة سنوات وتم تعديل القوانين، وأصبحت هناك إمكانية لطرح المشروعات بنظام الشركات بين السكك الحديد والشركات الخاصة أو إدارة الخطوط أو تشغيل خطوط بملكية خاصة، إضافة إلى عمليات الشراكة في الأنفاق وغيرها من قطاعات النقل، وبالرغم من انتهاء الخطوة الأولى القانونية، إلا أن «النقل» لم تتحرك بسرعة كبيرة في الخطوة الثانية والخاصة بالتحول الاقتصادى والاستثمارى، واقتصر التحول على الشركة في مشروع خط السلام العاشر للقطار المكهرب وبعض المشروعات الأخرى دون التوسع في خطط الشراكة مع الاستثمار في باقى قطاعات الوزارة.
وفى هذا السياق قال الدكتور حسن مهدى، استاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس: إن «وزارة النقل أرض خصبة للتحول للنظام الاستثمارى، وعلى الوزارة أن تعمل على إعادة هيكلة الشركات كافة وقطاعات الوزارة بما يساهم في تخفيف الأعباء عن كاهل الدولة والتحول إلى وزارة منتجة، وأوضح أن «وزارة النقل إحدى الوزارات التي تمتلك الطرق الاستثمارية، وتمتلك موانئ، وشركات في العديد من القطاعات، ولا بد أن تتمكن الوزارة من الاعتماد على نفسها دون الاعتماد على ميزانية الدولة، وتتحول لوزارة منتجة تصب في خزانة وميزانية الدولة وليس العكس».
نقلا عن العدد الورقي...