برايل..الكفيف الذى أبصر المكفوفين (3)
تختلف طريقة برايل عن برامج الصوت كثيرًا، وأي مقارنة بينهما تميل لصالح الأولى: حيث تسبب سماعات الأذن أضرارًا بالغة بالأذن، وقد تسبب مع مرور الوقت انخفاضًا حادًا في حاسة السمع، وربما فقدانها، كما تتمتع «برايل» بخصوصية فريدة تمنح للكفيف الاطلاع والتصفح وكتابة رسائله في حضور عدد كبير من الناس، من دون أن يلتفت إليه أحد، أو ينزعج منه أحد، أو يطلع أحد على ما يكتب أو يقرأ.
وتساعد «برايل» المكفوفين على الاندماج مع الآخرين، من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للتواصل معهم والإنصات إليهم أثناء الحديث، مع متابعة ما يقرأ أو يكتب من دون تشتت أو عزلة، لكن ما تفرضه برامج الصوت من عزلة على المكفوفين، تحت سيطرة الاستماع وانشغال الأذن الكامل.
وتساعد «برايل» على إنجاح عملية إدماج الطالب الكفيف في المدارس العامة من خلال منح نظرائه من المبصرين الحق في التعليم الهادئ بعيدًا عن ضوضاء الصوت.
ومن خلال «برايل».. يستطيع الطالب الكفيف أن يدون ملاحظاته داخل الفصل، وأن يستمع إلى ملاحظات الآخرين، وبدونها في آن واحد، وأن يبحث عن النقاط التي يريدها، وهو يستمع إلى زملائه، خاصة مع استخدام الأجهزة الحديثة، مثل: جهاز «برونتو».. أصغر أجندة محمولة للمكفوفين في العالم، وأن يصل إلى أي موضوع من موضوعات الدراسة بسهولة تامة.
كما تُمكن «برايل» المكفوفين من التواصل تحريريًا مع الآخرين، سواء من خلال أداء الامتحانات التحريرية داخل الفصل، أو من خلال مراسلة رفاقه المبصرين أو كتابة المقالات والمذكرات الخاصة.
بالرغم من وفاته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.. إلا أن إنجاز «برايل» باق، ويتم تطويره يومًا بعد يوم، ليمكن المكفوفين من الانخراط في المجتمع والتواصل معه وترقى المناصب المرموقة، وعدم الاستسلام لإعاقتهم.
وبذلك يكون برايل هو الكفيف الوحيد.. الذي قدم لأقرانه خدمة جليلة، خلدت اسمه حتى الآن وإلى قرون أخرى مقبلة.. ولعله جدير بأن يقول له المكفوفون في جميع أنحاء العالم: برايل.. شكرًا جزيلاً لك.