حكاية "مقلة شعبولا".. جيران شعبان عبد الرحيم يروون ذكرياتهم مع "ابن البلد" (فيديو)
أمام عربة حديدية صغيرة معبأة بالفاكهة المتعددة، في منتصف أحد الشوارع المتفرعة من شارع كعابيش بمنطقة فيصل بالجيزة، يتكئ الخمسيني "العم حسان" صاحب عربة بيع الفاكهة على أحد أطرافها واضعا يده فوق خده، يغالب دمعة كادت تسقط من عينيه بينما ينظر بعيدا ناحية نهاية الشارع، "الله يرحمه عم شعبان عبد الرحيم ويحسن إليه كان طيب وحنين، عشرة ٢٠ سنة مشوفتش منه إلا كل خير"، الصدمة التي ابتلعها العم حسان فور علمه بوفاة المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم فجر اليوم الثلاثاء، ما زالت عالقة في جوفه، فبالكاد تستطيع أن تستخرج الكلمة من حلقة.
لم يكن العم حسان وحده من ابتلع مرارة الحزن على "شعبولا" فبالرغم من أن دورة الحياة تسير في شكلها الطبيعي واليومي بالمنطقة التي يقطن بها شعبان منذ عام ٢٠٠٠ تقريبا، قبل أن ينتقل لمحل سكنه الحالي في منطقة حدائق الأهرام، فإن الحزن وعبارات الترحم والأسى يرددها كل مار من أمام بيته، أو المقلاة التي تحمل اسمه، فتلفت انتباهك فور الدخول إلى الشارع.
حكاية مقلة "شعبولا" في منطقة كعابيش بفيصل
يعود تاريخ هذه المقلى التي أصبحت وفقا لما أكده سكان الحي، العلامة الرئيسية والمميزة المنطقة بكاملها كونها تحمل اسم شعبولا، إلى أكثر من ١٠ سنوات، حينما كان الراحل يستخدم مقرها كمكتب لاستقبال ضيوفه والتوقيع على عقود العمل وغير ذلك، قبل أن يحولها إلى مقلة وينصرم عامان فيصبح ابن صديقه "هاني الأسيوطي" شريكه بها، " ومنذ نحو ٨ سنوات شارك الحاج شعبان في المقلة "لكن صممت إنها تفضل باسمه وبس ومحدش يغيره، الناس كلها هنا بتحبه وعارفة المقلة بيه وبتيجي لها علشانه"، يتحدث هاني صاحب المقلة وصديق شعبان عبد الرحيم.
عبد الباسط حمودة عن شعبان عبد الرحيم:كان بيروح للغلابة وعمره ما اتكبر (فيديو)
لم يتوقف الأمر على امتلاك شعبان للمقلاة أو مشاركة آخر بها، فبعد انتقاله إلى محل سكن آخر، ظل يتردد بين الحين والآخر إلى هناك، يتوسط المقلة بكرسي ويجلس حوله العشرات من محبيه أو طالبي المساعدة، فتتحدث صاحبة المخبز الملاصق للمقلاة قائلة: "كان أي حد محتاج مساعدة أو فلوس أو إيجار متأخر عليه أو مزنوق في فلوس تجهيز بنته، يجي له يقعد معاه قدام المقلة ويطلب اللي عايزه، من أول ما جه هنا متأخرش عن حد في مليم واحد، رجل كريم وطيب وإيده سخية".
هذا أيضا ما أكده صاحب أحد المحال بالمنطقة حينما أشار إلى المقلة وتحدث قائلا : "بعد ما راح الحدائق فضل ييجي هنا يقعد مع الناس ويشوف لو حد محتاج مساعدة يقدمها". أما صاحب المخبز المجاور للعمارة التي كان يقطنها شعبان، فكان له نصيب هو الآخر من الحزن، "كنت بحب أقوله يا فنان ويا نجم وأهزر معاه لما بيجي يشتري مننا حاجة، عمره ما تكبر علينا في مرة أو حسسنا إنه نجم".
وفاة شعبان عبد الرحيم.. 20 صورة ترصد جوانب من حياة الفنان الراحل
أما على الجانب الآخر من الشارع حيث يقع محل مجوهرات الصديق الأقرب لشعبولا "رامي رأفت"، فالسكون كان سيد المشهد، لم نجد رامي لتواجده مع أبناء شعبان في موقع تشييع الجثمان، أحد صبيته وصديق شعبان أيضا تحدث إلينا، علت وجهه ابتسامة بسيطة، أشار بإصبعه ناحية كرسي جلدي في أحد جنبات المحل، تذكر الليالي التي كان يأتي شعبولا فيها إلى المحل ويجلس على الكرسي ذاته، يضحك ويسامر أصدقاءه، "كان رجلا شعبيا وتلقائيا وعلى سجيته جدا، يحب الضحك والهزار قد عينيه، كنا نبقى قاعدين فجأة نلاقيه بيرتجل، بيغني أغنية لسه مألفها حالا وهو قاعد معانا، علشان لو حد متضايق يخرجه من مود الزعل والضيق".
وكان المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم، توفي داخل غرفة العناية المركزة، بمستشفي المعادي العسكري، وذلك عقب تعرضه لوعكة صحية شديدة الأيام الماضية.
ووصل عدوية وعصام شعبان عبد الرحيم، إلى مستشفى المعادي العسكري، لاستلام الجثمان، ودفنه، في المدافن التابعة لأسرته.
وصول جثمان شعبان عبدالرحيم إلى مسجد السيدة نفيسة (صور)
وكان المطرب شعبان عبدالرحيم، قد أثار قلق جمهوره، عقب إحيائه حفلا غنائيا على كرسي خلال حفل بموسم الرياض، فيما أوضح الفنان الشعبي، قبل وفاته سبب جلوسه على كرسي متحرك في حفل موسم الرياض، بأن قدمه مكسورة منذ شهر بسبب انزلاقه على الأرض في المنزل، ما تسبب في كسر بقدمه وتركيب شرائح فيها.