تركيا وحلف الناتو
على خلفية التوترات التي تلت محاولة تركيا القرصنة على حقوق اليونان وقبرص في التنقيب على الغاز في البحر المتوسط، يبرز التساؤل عن إمكانية نشوب حرب بين الأطراف المتنازعة، وتأتي موازين القوى لصالح تركيا التي صنفت حسب المركز العسكري البحثي Global fire power، حيث يقع تصنيف تركيا التاسع عالميا بتفوق ملحوظ على الجيش اليونانى المصنف ٢٨ بفارق ملحوظ، ولكن هناك اتفاقيات دفاع مشترك مع مصر التي تتفوق في القوات البحرية والطيران على تركيا.
إن مكمن التفوق اليوناني هو حلف الناتو حيث إن اليونان تمثل ثقلا سياسيا في تاريخ أوروبا وإن كان عزل تركيا من الحلف يواجهه صعوبات، وتؤثر سلبيا على نفوذ الحلف، والواضح أن تركيا تدرك ذلك، ولكن بعد حصول تركيا على نظام الصواريخ الروسي S-400 هذا إلى جانب العملية التركية ضد الأكراد في سوريا، ظهر بوضوح تحالف تركيا مع روسيا التي قد تمثل عدوا محتملا للحلف.
صرح وزير الخارجية الألماني السابق "زيغمار غابرييل" حول عزل تركيا من حلف الناتو بأنه أمر غريب سيسبب وجود خطر أمني كبير في الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي".. ويصعب استبعاد تركيا لأنه ثاني أكبر جيش بالحلف، هذا وتعاني تركيا من انعزال سياسي بسبب عملياتها العسكرية ضد الأكراد مما يجعل وجودها في الحلف طوق نجاة.
أن الدور الدبلوماسي اليوناني نحو أوروبا عموما وألمانيا تحديدًا لتوجيه سياسات الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ضد الميول التوسعية التركية والتي يتزعمها "أردوغان"، المعروف بميوله ودعمه للجماعات المتطرفة التي قد يمثل خطرا ضد أوروبا، وخاصة أنه يحلم بتمدد إمبراطوريته وينبش في التاريخ الدموي للعثمانيين في أوروبا وتحديدا في اليونان وأرمينيا.
وبالتالى يجب أن يكون الرهان أولا على الثقل اليوناني السياسي قبل المراهنة على الحرب، وتمتلك اليونان بعدا تاريخيا تتمثل في انها بوتقة الفكر الغربي الأوروبي وعلي الجانب الآخر تمتلك تركيا تاريخيا دمويا.
على الجانب الآخر يتضح أن حكومة الوفاق في ليبيا المتحالفة مع تركيا قد تكون محل جدل، فقد برز خلاف أمريكي-روسي بشأن إدارة الصراع الليبي، بعدما أعربت واشنطن عن انزعاجها من زيادة التواجد الروسي في ليبيا، حيث الاضطراب السياسي بين الجيش الوطني وحكومة الوفاق التي ينتمي قادتها لتنظيم الإخوان المسلمين.
وبالتالى أصبح مصدرا لتوترات إقليمية يجب تداركها خاصة مع تنامي نفوذ عصابات داعش التي تهدد استقرار المنطقة، والاهم هو ارتباطها بالجماعات الإرهابية وسط أفريقيا، بما يحتاج إلى حلًا دوليا يكون حلف الناتو طرفا فيه لتحقيق الاستقرار، وقد تنجح اليونان في دعم القرار لتقليم أظافر "أردوغان" في جنوب المتوسط هذا وقد يبرز الدور الروسي والأمريكي خلال اَي تدخل عسكري.