الأموال الضائعة في وزارات مصر.. إهدار مليار جنيه على مشروعات التاكسي النهري ونقل السلع.. و500 مليون جنيه فاتورة فساد "شكاير" الدقيق في وزارة التموين
مئات الملايين تم إنفاقها على مشروعات تجهيز الأهوسة ومشروعات الموانئ النهرية، وعلى رأسها مشروع هويس لربط ميناء دمياط بالنقل النهرى، وآخر بميناء الإسكندرية، بخلاف مشروعات النقل النهري للبضائع ومشروعات الركاب ومنها التاكسى النهرى، وعشرات المشروعات التي سبق وأن أعلنت عنها وزارة النقل خلال السنوات الخمس الماضية، والتي لم تدخل بكامل طاقتها حتى الآن، ولم تظهر أية مؤشرات توضح موقف إدارة «النقل» الحالية من الاتجاه إلى دعم وتبنى مشروعات النقل النهري خلال الفترة المقبل.
بدأ مشروع نقل السلع الإستراتيجية والسلع التموينية، نهريا، منذ نحو 5 سنوات، وكان الهدف الرئيسى للمشروع تقليل الضغط على شبكة الطرق وتقليل الحوادث، وبحسب مصادر في وزارة النقل فإن الأخيرة عملت على تطوير مداخل موانئ دمياط وإنشاء مشروع للربط بين الإسكندرية والنهر لتسهيل النقل النهرى، وتم طرح العديد من المناقصات والمزايدات في هذا المجال، وكان متوقع أن يتم نقل 25% من البضائع القادمة عبر موانئ الإسكندرية ودمياط نهريا وبتكلفة نقل سنويا تقترب من نصف مليار جنيه، ومنذ قدوم وزير النقل الجديد للوزارة لم تفعل آليات النقل النهرى بالشكل المرجو، وكأن القطاع النهرى سقط من حسابات النقل مؤقتا.
أما مشروع التاكسى النهرى، والذي يعتبر أحد المشروعات العملاقة، الذي شهد تدشينه وزير النقل الأسبق سعد الجيوشى والفريق مهاب مميش، أوضحت المصادر ذاتها الهدف من المشروع كان وجود آليات جديدة لنقل الركاب بدلا من مشروعات النقل البرى المعروفة، وتم الاتفاق على مشروع عملاق بين النقل ومحافظة القاهرة لتنشيط نقل الركاب بنظام التاكسى النهرى أو الأتوبيس النهرى، وحددت الشركات المنفذة للمشروع أجرة الركوب والتذكرة بنحو 20 جنيها، ومع مرور الوقت اختفى المشروع واقتصر على النقل السياحى المحدود دون التوسع كما كان متفق عليه بين النقل ومحافظة القاهرة وهيئة النقل العام بالقاهرة المالكة للمراسى النهرية.
وشددت المصادر على أن «نقل البضائع نهريا، كان الهدف الأول والرئيسى لمشروعات النقل النهرى، وذلك بسبب انخفاض تكلفة النقل النهرى مقارنة بالنقل البرى، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد إنفاق مئات الملايين لتجهيز المجرى النهرى لنقل البضائع وتعاقد بعض الشركات لشراء صنادل ووحدات نقل نهرى، أدى انخفاض منسوب المياه في نهر النيل لتخوف الشركات العاملة في قطاع نقل البضائع نهريا، الأمر الذي أدى في النهاية لتراجع التعاقد على شراء وحدات نقل البضائع، وهو ما أدى لتراجع الإقبال على نقل البضائع نهريا وبالتالى حدوث تراجع كبير في المشروع بشكل مؤقت»، كما كشفت أن «النقل» أنفقت ما يزيد على مليار جنيه على مشروعات خاصة بالتخديم على النقل النهرى وتجهيز المجرى الملاحى والاهوسة، وهى المشروعات التي تلقت الضربة القوية بسبب انخفاض منسوب المياه في نهر النيل.
من جانبه قال الدكتور حسن مهدى، الخبير في النقل، أستاذ هندسة الطرق والنقل بجامعة عين شمس: مشروعات النقل النهرى لا تقل أهمية عن مشروعات النقل البرى وعن الطرق، لكن التوسعات في النقل النهرى تلقت ضربة قوية بسبب ضبابية المفاوضات في ملف مياه النيل، الأمر الذي كان له تأثير سلبى على مشروعات النقل النهري والذي دفع المستثمرين في الابتعاد قليلا عن الاستثمار في النقل النهرى، وكان من الطبيعي ألا يتم طرح أي من مشروعات النقل النهرى في الوقت الحالى لأن الطرح لن يقابلة إقبال من جانب المستثمرين، لكنه سيقابل بإحجام وبالتالى فإن أي طرح لمشروعات النقل النهري سيكون طرحا غير موفق، وهو السبب الرئيسي الذي دفع وزير النقل الحالى، الفريق كامل الوزير، للابتعاد قليلا عن طرح مشروعات الاستثمار في النقل النهرى حتى لا تقابل بالفشل، على أن يتم طرحها في أوقات تالية بما يتناسب مع ظروف كل مرحلة، وتوقع «مهدى» إعادة تفعيل مشروعات النقل النهرى حال نجاح المفاوضات حول ملف المياه مع إثيوبيا خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي من شأنه أن يبث روح التفاؤل لدى المستثمرين ويدحض المخاوف من تراجع منسوب المياه وبالتالي انهيار الاستثمارات في النقل النهرى.
«أبواب الفساد كثيرة، كلما أغلقت بابًا وجدت آخر مفتوحًا على مصراعيه»، هكذا يمكن وصف حال منظومة الخبز التي تديرها وزارة التموين والتجارة الداخلية، فــ«التموين» التي تتجه خلال الفترة الحالية نحو تطبيق منظومة الخبز الجديدة، بهدف ترشيد استهلاك المواطنين من الخبز، نجد أن محاولات ترشيد الاستهلاك وخلق منظومة جديدة للخبز لا تحمل خزانة الدولة أموالا إضافية مصيرها الفشل، في ظل استمرار مسلسل الإهمال وعدم الرقابة الصارمة على المخابز التي تبدع في الاستفادة من أموال الدعم المخصصة للخبز وتحقيق مكاسب كبيرة منها لصالح أصحاب تلك المخابز.
معلومات جديدة حصلت «فيتو» عليها، كشفت عن إهدار ما يقرب من نصف مليار جنيه في أوجه لا يمكن لأحد أن يتخيلها، ورغم بساطتها إلا أنها تمثل إهدارا لأموال الدعم المخصصة لمنظومة الخبز، حيث أزاحت مصادر في وزارة التموين الستار عن تفاصيل إهدار ما يقرب من نصف مليار جنيه في (شكائر الدقيق).
وأشارت إلى أنه أثناء المرور على المخابز البلدية، لاحظ مفتشو الوزارة حرص أصحاب تلك المخابز الدائم عند فتح شكائر الدقيق أثناء عملية العجين في جميع المخابز البلدية، وإعادة بيعه مرة أخرى للمزارعين والتجار وأصحاب بعض المهن لتشوين وتخزين فيها أغراضهم، سواء لنقل سلع زراعية أو إنتاجية أو صناعية، وتباع الشيكارة الواحد بـ3 جنيهات.
وأوضحت المصادر، أنه «وفقا لمنظومة الخبز الجديدة، يتحمل التاجر من تكلفة إنتاج الشيكارة فارغة 90 قرشا، بينما تتحمل الدولة تكلفة ثمن شيكارة الدقيق الفارغ التي تزن 120 جراما بسعر 2.10 قرش، لشيكارة سعة 50 كجم تعبئة»، مضيفة أن «صاحب المخبز يبيع الشيكارة فارغ بسعر 3 جنيهات إلى 3 جنيهات ونصف الجنيه، رغم أن صاحب المخبز دفع للدولة فيها 0.90 قرشا فقط، بينما تتحمل الدولة جنيهين و10 قروش»، وتتتج مصر 250 مليون رغيف يوميا، وشيكارة الدقيق زنة 50 كجم تنتج 625 رغيفا، أي أن الشيكارة زنة 100 كيلو جرام تنتج 1250 رغيفا يوميا، حيث تستخدم مصر يوميا نحو 20 ألف طن في عدد 20 شيكارة للطن، فيكون الناتج هو 400 ألف شيكارة، أي يتحصل أصحاب المخابز يوميا على مكسب مليون و200 ألف جنيه تقريبا من إعادة بيع هذه الشكائر، وإن تم احتساب ربحية بيع الشكائر سنويا، وهي مليون و200 ألف جنيه في 365 يوم وهي أيام السنة، فتكون ربحية أصحاب المخابز من بيع الشكائر سنويا تبلغ نحو 438 مليون جنيه، وتبين أن حق الدولة المهدر لشكائر الدقيق هو 302 مليون و400 ألف جنيه، وإذا حدث البيع بواقع ثلاثة جنيهات ونصف الجنيه يصبح المبلغ قرب النصف مليار جنيه، وهو مبلغ يتم إهداره سنويا يجب إعادته لخزينة الدولة، لأنه ناتج بيع تلك الشكائر من خلال المخابز البلدي المدعمة من قبل الدولة.
الأرقام السابقة جاءت ضمن بحث أجراه الاتحاد العام لمفتشي التموين برئاسة الدكتور العربي أبو طالب، الذي كشف عن الدعم المهدر لشكائر الدقيق الفارغة لصالح أصحاب المخابز، مقترحا تحصيل الدعم المهدر منها ورده إلى خزانة الدولة، باعتباره حقا أصيلا لها، حيث إنها المشتري الأصلي لتصنيع ودعم رغيف الخبز وليس صاحب المخبز.
وقال الدكتور العربي أبو طالب رئيس الاتحاد، إن «ربحية إعادة بيع أصحاب المخابز لشيكارة الدقيق تصل إلى 36 مليون جنيه شهريا، أما ما تتحمله الدولة سنويا فيصل إلى 302 مليون و400 ألف جنيه، وما يتحمله المخبز سنويا 129 مليون جنيه، ويصل ربحية إعادة البيع لصالح المخبز إلى 432 مليون جنيه سنويا، والمبلغ المطلوب رده سنويا إلى خزانة الدولة يبلغ 302 مليون و400 ألف جنيه.
وأضاف أن «إجراءات إعادة هذه المبالغ المهدرة إلى خزانة الدولة، يمكن أن تتم بعدة طرق وإجراءات، من خلال إصدار قرار من وزير التموين والتجارة الداخلية إلى شركات المطاحن بعدم صرف الدقيق المدعم لأصحاب المخابز، إلا بعد دفع ثمن الشيكارة كاملة التي تبلغ 3 جنيهات، أو الاتفاق على دفع نسبة معينة مقابل عدد الشكائر، حيث إن صاحب المخبز يدفع 90 قرشًا فقط من ثمن الشيكارة فارغة، وتتحمل الدولة نحو جنيهين و10 قروش، ويعيد بيعها مرة أخرى بسعر ما بين 3 جنيهات إلى 3.5 جنيه، ويمكن الاستفادة من قيمة الأموال المهدرة التي بلغت نحو 302 مليون و400 ألف جنيه، إما بإعادة تكلفة تصنيع رغيف الخبز بما يحقق توفير كبيرة لخزانة الدولة بشأن الخبز المدعم، أو استخدامها في تطوير الخدمات التموينية المقدمة للجمهور أو زيادة حوافز العاملين بالمطاحن أو تطوير أداء العاملين بالوزارة بالتدريب على أحدث أساليب العمل والتكنولوجيا».
نقلا عن العدد الورقي...