إحسان عبد القدوس يكتب: استغاثة
في مجلة روز اليوسف عام 1958 كتب الأديب إحسان عبد القدوس مقالا يستغيث فيه برئيس المجلس الأعلى للفنون والآداب قال فيه :
الزميل عباس خضر اعد كتابا عن الأدب والأدباء بعنوان "قصص أعجبتنى" وعرض الكتاب على اللجنة المختصة لمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب برئاسة الدكتور طه حسين، فأقر بصلاحيته للنشر، وأرسل إلى لجنة آلاف كتاب لتتولى نشره.
وظهر الكتاب في الأسواق وحذفت منه قصة، هي قصة "في بيتنا رجل " وحذفت لأنها قصة إحسان عبد القدوس.
ليس في القصة جنس ولا فيها قبلة واحدة ولا تخدش حياء أعضاء لجنة آلاف كتاب.. إنها قصة وطنية من كفاح الجيل الذي سبق الثورة، الجيل الذي أنجب لنا جمال عبدالناصر..ورغم ذلك حذفت لأن كاتبها هو إحسان عبدالقدوس.
والأفدح من ذلك أن أسمى حذف من جميع صفحات الكتاب حتى عندما كان المؤلف يعقد مقارنة بينى وبين غيرى من الادباء.
وسألنى عباس خضر في دهشة :ليه ؟ وأجاب أصحاب الفضيلة أعضاء لجنة الألف كتاب: لأن قصص احسان ممنوعة في المدارس، وهناك معها قصص كثيرة ممنوعة من دخول المدارس.. قصص لتوفيق الحكيم، وقصص لنجيب محفوظ.
ولكن ليست كل قصص توفيق الحكيم ممنوعة من دخول المدارس، واسم توفيق ونجيب ليسا محرمين على الكتب الأدبية التي تصدرها وزارة التربية صاحبة مشروع الألف كتاب.
أنا لا يهمنى أن تنشر قصصى أو اسمى في سلسلة الالف كتاب، فلن أكسب من نشرها شيئا لا ماديا ولا أدبيا، كل ما يهمنى أن أعرف لماذا تحاربنى هذه اللجنة في شخصى..لا في قصصى، ولا أستطيع أن افترضان موقف لجنة الألف كتاب منى هو موقف يعبر عن رأى الدولة الرسمى.
فالقصة التي حذفتها اللجنة سبق أن اذيعت كمسلسل في إذاعة صوت العرب وهى هيئة رسمية، وسبق أن مثلت على مسرح الفرقة القومية الذي يتبع جهة رسمية.
كما لا أستطيع أن أعتبر رأى اللجنة هو رأى وزارة التربية والتعليم، فقد سبق للسيد كمال الدين حسين أن قرأ هذه القصة وهنأنى عليها تهنئة أعتز بها.
فمن اين استمدت اللجنة قوتها وقدرتها على القتل، وبأى حق استطاعت أن تتحدى المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب فتحذف ما أقر بنشره ؟
اللجنة لا تمثل إلا نفسها، وأرى أن السبب في تصرفاتها أن أعضائها لا يقرأون، ولو كانوا يقرأون لأباحوا قصتى ومنعوا قصة أخرى،أما أن تنصب قراراتهم على أشخاص الكتاب فهذا معناه أنهم لا يقرأون، ولو أنهم حذفوا أي قصة من قصصى غير "في بيتنا رجل" لوجدت لهم بعض العذر ولا أعتبرها مسألة اختلاف في الرأى.
أما هذه القصة بالذات فليس لمنعها أي سبب إلا أن السادة الموقرين لا يقرأون.. هذا إذا افترضت حسن النية حتى إن زميلى صلاح عبد الصبور ذهب إلى أحد أعضاء اللجنة وهو موظف درجة رابعة وسأله: هل قرأت في بيتنا رجل؟ فقال لا، ومع ذلك فقد أباح لنفسه الاعتداء على كتاب أديب معروف وهو الأستاذ عباس خضر.
إنى في النهاية استغيث بالأستاذ الأديب يوسف السباعى سكرتير عام المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب.