رئيس التحرير
عصام كامل

عندما يئن نجومنا!


مما لا شك فيه أن المشهد التمثيلى المسرحى المبتكر غير المألوف الذي أداه بمنتهى البراعة والتفوق النجم الأخاذ الفنان "خالد الصاوى" في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، سيبقى راسخًا في عقولنا وقلوبنا لفترة طويلة، لأنه استطاع فيه بمنتهى التمكن والإبداع أن يعبر عن الواقع الحقيقى الحالى لكافة المشكلات التي تعانى منها صناعة السينما والدراما بصفة خاصة، وكل ما يتعلق بأزمات الفن والثقافة والإعلام في مصر بصفة عامة.


فكل متابع منصف وأمين لأحوال الفن والثقافة والإعلام في بلادنا الغالية في السنوات الأخيرة يلاحظ برؤية لا يمكن أن تخطئها أي عين، التراجع الحاد غير المسبوق في هذه الملفات الحيوية الثلاثة، والتي تشكل في كل البلدان التي تهتم ببناء الوعى الفكرى والثقافى، والضمير الإنسانى أولوية قصوى، لأنه بدونها تصبح عملية بناء الإنسان على أسس صحيحة غير ذى جدوى على الإطلاق، وفى مهب الريح..

وقد أظهر حجم التفاعل الكبير والمؤثر مع المشهد من قبل جميع الحاضرين مدى مساحة الألم والأنين التي يشعر بها نجومنا نتيجة عدم قدرتهم على ممارسة إبداعهم المهنى بالمعايير الإحترافية التي اعتادوا عليها في السابق، كنتيجة مباشرة بالطبع لإسناد إدارة هذه الملفات الحيوية إلى غير المتخصصين (وهذا معروف بالتفصيل داخل هذه الأوساط)..

فكانت النتيجة أن غابت عن عمد أو جهل المعايير المهنية السليمة، وحل محلها بالطبع العشوائية، والأهواء، والمجاملات بصورة فجة ومستفزة، وهو ما أدى إلى استبعاد النجوم وأصحاب الكاريزما والحضور والموهوبين وتضييق الخناق عليهم، واستبدالهم بأنصاف وأرباع وعديمى المواهب، وهو ما دفع العديد من النجوم والعاملين على جميع المستويات في هذه المجالات إلى الأنين المباشر لمرات عديدة بطرق مختلفة..

هذا فضلًا عن استجداء العمل حتى لو كان وفق أي شروط مجحفة، لمحاولة الخروج من حالة "البطالة المهنية" المتعمدة التي تم استهدافهم بها، والتي كانت نتائجها هي التراجع الرهيب الذي حدث في هذه المنظومات وانصراف المشاهد عنها إلى مصادر بديلة عالمية تحترم وتشبع فكره وعقله وقلبه.

أرجو من الله أن تفيق لجان مجلس النواب، وجهات الاختصاص المسئولة عن إدارة هذه الملفات في الدولة من سباتها، وأن تضع يدها بكل أمانة وموضوعية على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه الممارسات الفاشلة، والحل يكمن بالتأكيد في الاستعانة بأصحاب الكفاءة والموهبة الحقيقيين حتى نبدأ في الاستعادة التدريجية لريادتنا في هذه المجالات التي كنا على رأس قمة هرمها.
والله من وراء القصد.

الجريدة الرسمية