خبير ألماني: حملة إبادة ضد قوميات مسلمة في الصين
كشف صحفيون تفاصيل الإجراءات القمعية التي يخضع لها الأيغور في الصين، ويرى مدير جمعية الشعوب المهددة بالانقراض، ديليوس، في ذلك دليلا على وجود مخطط شامل لبكين.
ومنذ سنوات تشجب منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان قمع المسلمين الأيغور في شمال غرب الصين، وظهرت من حين لآخر تقارير عن وجود معسكرات إعادة تأهيل.
وظهرت وثائق جديدة كشفت عن تفاصيل حول اضطهاد الأقلية المسلمة واعتقال أعضائها الجماعي، ومع الوثائق الصينية المسربة التي تحمل اسم China Cables تلقى مجموعة دولية من الصحفيين الضوء على اضطهاد الأيغور.
وتؤكد الوثائق الصينية المسربة أن ما يُسمى من طرف بكين بـ"منشآت التكوين والتأهيل" في منطقة شينجيان ما هي في الحقيقة إلا معسكرات إعادة تربية وتثقيف تحت إشراف الدولة.
وقال أولريش ديليوس، خبير شئون آسيا ومدير جمعية الشعوب المهددة بالانقراض في مدينة غوتنغن، في حديث مع DW: لم أكن مفاجئا، لأننا نتابع التطور منذ سنوات.. منذ 2017 تتبعنا بكثافة منشأة معسكرات إعادة التأهيل.. وحذرنا دوما من ذلك في مؤتمرات دولية ونحن على تواصل مستمر مع الحكومة الألمانية.. ونحاول طرح الموضوع على المستوى الدولي.. وداخل الأمم المتحدة اصطدمنا بالطبع بمقاومة قوية من طرف الصين. لكن الآن يحصل، كما أعتقد اختراق.. فالوثائق الصينية المسربة تساهم في فهم النظام برمته. فهي تربط بين مختلف الأحداث المروعة، وتبين بأنه لا يوجد عمل أشخاص متفرقين تجاوزوا صلاحياتهم، بل يوجد مخطط شامل لإخضاع هذه المنطقة تحت مراقبة تامة للحكومة الصينية.
التطور كان بالإمكان الاطلاع عليه. إلى أي مدى يمكن القول بأن المجتمع الدولي مارس القليل من الضغط؟ أو ربما غض البصر؟
انظر كيف هي ردود الفعل داخل الأمم المتحدة.. الدول الإسلامية جميعها تقريبا في المبدأ لا تقول شيئا.. بالرغم من أن المعنيين مسلمون.. فالأمر يرتبط بكثير من المال وبالارتباط الاقتصادي مع الصين. لا أحد يريد أن يحترق فمه. ولا أحد يريد أي انزعاج. والدول الغربية في عددها الأكبر تغض البصر. ولدينا 23 من بين أكثر من 190 دولة مستعدة للوقوف أمام الأمم المتحدة والقول بأن "هذه جرائم ضد الإنسانية ويجب التحرك ولا يحق ببساطة التغاضي". إنه محزن رؤية كيف أن عددا قليلا من الدول يجرؤ على إثارة أحد الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان في العالم. ناهيك عن توجيه طلبات واضحة لوقف هذه الخرقات.
هل تنتمي ألمانيا للدول المستعدة لمواجهة الصين في الدفاع عن حقوق الأيغور؟ كيف تنظر إلى دور ألمانيا؟
موقف الحكومة الألمانية في هذه القضية مشجع. نحن نلاحظ بأن ألمانيا لجأت دوما إلى تقويتنا نحن كمنظمات غير حكومية. ومن الجانب الألماني انبثقت في السنتين الأخيرتين جهود قوية لتناول هذا الموضوع على المستوى الدولي وأن تعتني به الدول. ونحن ننظر بإيجابية إلى هذا الموقف. لكننا نلاحظ فقط أنه حتى داخل الاتحاد الأوروبي يتقلص المجال لتحقيق إجماع في القضية. فالاتحاد الأوروبي بعيد عن التحرك معا والمطالبة بنهاية هذه الخروقات لحقوق الإنسان. فإذا كان هذا موضع جدل في الاتحاد الأوروبي داخل حلف دول ملتزمة بالقانون، فإن هذا يكشف عن حجم تأثير جمهورية الصين الشعبية على المستوى الدولي.
ما الإمكانيات المتاحة لتحقيق انصياع الصين في تعاملها ضد الأيغور أو أن الصين تشعر في الأثناء بأنها قوية اقتصاديا ومستقلة حتى لا تدع جهة ما تتدخل في شؤونها؟
العدو الأكبر لخرقات حقوق الإنسان هو دوما الرأي العام. يجب الحديث عن ذلك. فإذا لم نتحدث عن ذلك، بل ننطلق مباشرة من عدم الوصول إلى شيء، لأن الدولة التي نريد وقف تحركها قوية للغاية، فإن هذا انطلاقة خاطئة. هنا يكون أولا من المهم إيجاد نفاد للرأي العام. إثارة ما لا يمكن تحمله أي أنه يتم هناك ارتكاب أسوء خروقات حقوق الإنسان دون أن توجد أي عواقب على المستوى الدولي بالنسبة إلى جمهورية الصين الشعبية. بالرغم من أن الارتباط متصل بالحكومة الصينية، لأن القضية برنامج حكومي. وبالطبع يكون من الوهمي التفكير أن دولة واحدة ستصل إلى تحقيق أن توقف جمهورية الصين الشعبية هذا البرنامج المثير للجدل. لكن إذا نظرنا إلى التطور، لأن بعض الأشخاص والمنظمات غير الحكومية هي التي أرغمت الصين على الاعتراف بوجود هذا البرنامج والقول بوضوح بأنه لا يتعلق فقط ببرنامج تكوين مهني، بل يسجن جماعات من الناس ضد إرادتهم. وهذا في النهاية مكسب لأولائك الذين وقفوا ضد ذلك ولم يخضعوا لهذا الإملاء. فنحن لن نقدر على كل حال على تركيع الصين. وإذا لم نفعل شيئا، فإننا لن نحقق أي تقدم في صيانة حقوق الإنسان في شمال غرب الصين.
الحكومة في بكين تتهم المجموعات الأيغورية بالانفصال والإرهاب. هل توجد أدلة على ذلك؟
ما نعايشه الآن لا يطال فقط الأيغور، بل كذلك القرغيزيين والكزاخيين وجميع القوميات الإسلامية في شينجيان.. إنها ليست حربا متفرقة تشنها الصين ضد الأيغور.. إنها في المبدأ حملة تدمير ضد القوميات الإسلامية.. وضد الكزاخيين والقرغيزيين لم يتم أبدا ولو جزئيا رفع تهمة الإرهاب. وبالتالي فإن الاستناد إلى تهم الإرهاب غير مطروح. وإضافة إلى ذلك أعتقد أنه إذا كانت بكين تريد أن ينتفض المسلمون في شمال غرب الصين بعنف، فما عليهم إلا مواصلة هذا النهج. نحن نعايش تنبأ حاصلا. حان الوقت لتفكر الصين في عواقب سلوكها. فإذا حصل تصعيد من سلطة الدولة، فلا يحق التعجب إذا ما انبثق في أي وقت العنف عن الجانب الآخر. نحن لا نريد الصفح عن هذا، لكنها مشكلة نابعة من الداخل وليس لها البتة علاقة بالإرهاب الدولي. علما أن الأيغور لم تعد لهم إمكانية ممارسة العنف، لأنهم يخضعون لمراقبة تامة.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل