حلم مصر.. فى اقتصاد قوى
التاريخ ملىء بالقصص؛ التى تعد من معجزات الاقتصاد؛ لدول كانت معدمة؛ ثم قفزت لتكون على رأس دول العالم اقتصاديا؛ والأمثلة على ذلك كثيرة منها:
اليابان.. والتى خرجت من الحرب العالمية مدمرة تماما، فضلا عن قلة مواردها الطبيعية، بل ندرتها، ومايزيدها سوءا موقعها من الكوارث الطبيعية، ولكنها الآن هى اليابان.. وأيضا شريكتها ألمانيا؛ والتى كانت منقسمة إلى شرقية وغربية، وخرجت هى الأخرى من الحرب بآثار دمار شامل، ولكنها الآن واحدة من أقوى 5 اقتصاديات فى العالم.
وهولندا.. التى استوعبت كافة الأديان، فى الوقت الذى كانت فيه باقى أوروبا، تميز بقسوة ضد الكثيرين، وفيها حقوق راسخة للملكيات، وهو ما أوجد فرصا لتجارة غير معاقة نسبيا، وابتكار مالى فريد.
سنغافورة.. فقد صممها السير "ستامفورد رافلز" لتكون ميناء عالميا، وقد كانت، والآن؛ هى أحد أهم موانئ العالم، ومركز عالمى للتجارة والخدمات اللوجستية.
وأسكتلندا.. كانت أسكتلندا بلدا فقيرة جدا، كانت نوعية أراضيها رديئة، وكان شعبها غير متعلم، يعمل فى الزراعة التى تسد رمق العيش، فى الوقت الذى لم يكن هناك أنهار صالحة للملاحة، إلى جانب صعوبة الاتصال بسبب الجبال القاحلة والتلال الصخرية.. ومع ذلك، وبعد أقل من قرن، تصدرت أسكتلندا مع إنجلترا صفوف الدول الصناعية فى العالم، فقد كان مستوى المعيشة فيها نفس مستوى المعيشة فى إنجلترا، بينما كان أقل بكثير فى عام 1750.. ومن الجدير بالذكر أنه لم يكن لدى الأسكتلنديين أى مدخرات، ولم يكن لديهم ما يستحق الذكر، ولم يتلقوا أى مساعدات خارجية.
أما مصر.. فهى أفضل من جميع الدول التى ذكرت، ثروات وطبيعة وموقعا وتناسقا بين سكانها، إلا أن اقتصاد مصر الآن؛ فى حالة من الضياع ، بسبب التفكك العرقى والطبقى والدينى، بين كافة أفراد الشعب المصرى، بسبب عدم وجود رؤية واضحة أو هدف محدد يسعى القائمون على السلطة فى مصر إلى تحقيقه، فالاقتصاد المصرى يعانى من عجز كبير فى الموازنة وارتفاع قياسى فى معدلات البطالة، وقطاعات حيوية متدهورة، ومصادر دخل معطلة تماما، وزيادة سكانية كبيرة، وتضخم فاحش، ورجال أعمال يملأهم الخوف، واستثمارات تكاد تكون معدومة فى الاقتصاد، و أضف إلى ذلك التوتر السياسى، وتناحر القوى السياسية، سواء على أداء الرئيس وحكومته، أو على مصير الدستور الجديد المجهول المصير حتى الآن.
وبالرغم من كل هذا، إلا أننى أرى أن الفرصة أمام نهوض الاقتصاد المصرى ما زالت قائمة، كما أن القائمين على السلطة ما زال لديهم عدد من الحلول لزيادة معدلات النمو الاقتصادى، من أهمها؛ العمل على نبذ التفرقة بين أفراد الشعب المصرى بكافة طوائفه، عمل منظومة ضريبية جديدة تعمل على زيادة دخل الدولة إلى جانب جذب أكثر لرؤوس الأموال من الخارج، إلى جانب تشجيع مزيد من المشاريع المحلية، ويمكن القيام بهذا عن طريق تخفيض الضرائب المفروضة على الدخل والأرباح الرأسمالية.
ولعل مفتاح النجاح للحكومة الحالية، يتمثل فى صمتها وقلة تصريحاتها المستفزة، والاستعانة برجال الاقتصاد، والعمل معا فى صمت، دون أى تصريحات أو أرقام مغلوطة أو غباء إدارى، بل عليها أن ترى النتيجة ظاهرة جلية على المواطن البسيط، فهو خير بيان وشاهد على حال الحكومة نجاحا أو فشلا.