رئيس التحرير
عصام كامل

اكتشاف بالصدفة.. حكاية المسرح الروماني بالإسكندرية الأثري

فيتو

تعد منطقة كوم الدكة إحدى مناطق الإسكندرية التاريخية وتتبع حاليا حي وسط، والتي تعلو تلا يرتفع عن منسوب البحر نحو ثمانية إلى عشرة أمتار، ويعتبر هذا الحي العتيق بؤرة المنطقة الأثرية في الإسكندرية، ولا يزال إلى اليوم مليئا بالحفريات والآثار وربما يكون من بينها قبر الإسكندر الأكبر نفسه كما استعملت المنطقة كمقبرة في العصر اليوناني والروماني وعصر المماليك.


وعرفت المنطقة بأشهر الأماكن الأثرية القديمة والتي عرف عنها أنها مسقط رأس فنان الشعب سيد درويش، حيث يخترق المنطقة شارع طويل يلتف في شكل زجزاج، يشق طريقة وسط "الحوارى" والأزقة الضيقة، والتي تقود في النهاية إلى منزل سيد درويش الذي نال منه الزمن وتركه حطاما، ويتوسط الشارع بعض المنشآت الحيوية التي لها عراقة تاريخية كبيرة والتي تضم كلا من المجلس المحلى والمسرح الرومانى وإستاد الإسكندرية ودور العرض "السينمائي".

"مسار إجباري" تحيي حفلا غنائيا على المسرح الروماني (صور)

المسرح الروماني

ويعد هذا المسرح أحد آثار العصر الروماني وقد تمت إقامته في بداية القرن الرابع الميلادي، وهو المسرح الروماني الوحيد في مصر، اكتشف هذا المبنى بالصدفة أثناء إزالة التراب للبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر بواسطة البعثة البولندية في عام 1960، أطلق عليه الأثريون اسم المسرح الرومانى عند اكتشاف الدرجات الرخامية، ولكن ثار جدل كبير حول وظيفة هذا المبنى الأثرى، وقد استغرق التنقيب عنه نحو 30 سنة.

واصلت البعثة البولندية بحثها بالاشتراك مع جامعة الإسكندرية إلى أن تم اكتشاف بعض قاعات للدراسة بجوار هذا المدرج في شهر فبراير 2004، وهذا سوف يغير الاتجاه القائل بأن المدرج الرومانى هو مسرح؛ فهذا المدرج من الممكن أنه كان يستخدم كقاعة محاضرات كبيرة للطلاب، وفي الاحتفالات استخدم كمسرح. 

المبنى مدرج على شكل حدوة حصان أو حرف u ويتكون من 13 صفا من المدرجات الرخامية مرقمة بحروف وأرقام يونانية لتنظيم عملية الجلوس، أولها من أسفل ويتسع لنحو 600 شخص.. وهي مصنوعة من الجرانيت الوردي ويوجد أعلى هذه المدرجات 5 مقصورات لم يتبق منها إلا مقصورتان وكان سقف هذه المقصورات ذو قباب تستند على مجموعة من الأعمدة.

وتستند المدرجات على جدار سميك من الحجر الجيري يحيط به جدار آخر وقد تم الربط بين الجدارين بمجموعة من الأقواس والأقبية حيث يعتبر الجدار الخارجي دعامة قوية للجدار الداخلي، كما يوجد صالتان من الموزاييك بزخارف هندسية في المدخل الذي يقع جهة الغرب.

في العصر الروماني استخدام المبني كصالة لسماع الموسيقي أديون حيث إنها كانت تتوافر فيه عنصر الاستماع بفضل وجود القبة ومنطقة الاوركسترا وفي العصر البيزنطي استخدم المبني كصالة للجتماعات ( بلوتاريوم، حيث يعرض بداخل المسرح بقايا أعمدة من عصور مختلفة، ولوحة عليها تصوير للملك سيتي الأول يقدم كربان لهيئة غير واضحة، ولوحة ثانية عليها نقش للملك سيتي الأول مصورا وهيئة المعبود سيتي وهو يقدم لاتوم، وتمثال على هيئة أبو الهول للملك رمسيس الثاني وتمثال على هيئة أبو الهول للملك بسمتيك نفردايب رع أسرة 26 ولوحة عليها هيئة بتاح ولوحة عليها رأس البقرة صخور.

ويرجع إطلاق اسم كوم الدكة على هذه المنطقة إلى القرن الماضي عندما مر عليها المؤرخ النويري السكندري وشاهد هذا التل الترابي المرتفع والذي يشبه الدكة والناتج عن أعمال حفر ترعة المحمودية في عصر محمد على حيث تكون هذا التل الترابي من أكوام التراب المدكوك.
الجريدة الرسمية