"الحوالة" وسيلة للالتفاف والتحايل على النظام المصرفي في ألمانيا
ذكر وزير داخلية ولاية شمال الراين-ويستفاليا، هيربرت رويل، الأربعاء (20 نوفمبر 2019) في البرلمان المحلي للولاية إنه يُجرى مصادرة ثروات بلغ إجماليها 212 مليون يورو على نحو مؤقت في إطار التحقيقات الجارية ضد أنشطة غير مشروعة في إطار ما يسمى بـ"نظام الحوالة". وأشار رويل إلى أن حجم المعاملات اليومي في هذا النظام يُقدر بين 700 ألف يورو ومليون يورو.
وبحسب بيانات رسمية تعود لأول أمس الثلاثاء، تم تفتيش 60 منزلًا وشركة في ولايات شمال الراين-ويستفاليا وهيسن وهامبورغ وبرلين وبادن-فورتمبرغ، كما تم تنفيذ ستة أوامر اعتقال. وتشير المعلومات الأولية إلى أن المستهدف من الحملة شبكة دولية منظمة يشتبه في قيامها بنقل ملايين اليوروهات إلى تركيا بطريقة غير قانونية.
وليس من الواضح ما إذا كان المال الذي يتم تحويله قد جاء من مصادر غير قانونية: ففي كثير من الحالات، يتم استخدام نظام الحوالة ببساطة من قبل المهاجرين الذين يرغبون في إرسال الأموال إلى بلدهم الأصلي، لكن الشرطة قالت إن هذا النظام كان متطورًا على نحو خاص.
نفذت حملة المداهمات بشكل رئيسي على صائغي مجوهرات وشركات معادن نفيسة وشقق سكنية اعتبارًا من الساعة السادسة صباحًا بتوقيت ألمانيا (الخامسة بالتوقيت العالمي). وتركزت الحملة في ولاية شمال الراين-وستفاليا، وفقًا لصحيفة "زودويتشه تسايتونج" ومحطتي WDRو NDRالعامتين. كما نفذت حملات مداهمة أيضًا في ولايتي هيسن وبرلين، إلى جانب هولندا والتي تقع على حدود ولاية شمال الراين-فستفاليا.
وبلغ عدد رجال الشرطة الذين شاركوا في العملية 850 فردًا. يعتقد الضباط أن المشتبه بهم الأساسيين يعيشون من مدينة دويسبورغ في غرب البلاد ويعملون في تجارة المعادن الثمينة.
وكانت العملية نتيجة تحقيق دام لعام كامل، قادته شعبة خاصة من مكتب التحقيقات الجنائية بالولاية. ويتهم المشتبه بهم ببناء شبكة غير رسمية من الحسابات المصرفية في دول الاتحاد الأوروبي وتركيا لتجنب اكتشاف تحويلات الأموال.
ما هو "نظام الحوالة"؟
"الحوالة" هي كلمة تعني في اللغة العربية "النقل أو التحويل". نشأت مثل هذه الأنظمة المالية في الهند والشرق الأوسط، حيث يتم استخدامها منذ عدة قرون. كما وضعت الصين أيضًا نظامًا مماثلًا.
يقوم الأشخاص الذين يستخدمون هذا النظام المالي بإيداع الأموال في الحساب المصرفي لأحد المشتركين في الشبكة، أو ما يسمى بـ المحول أو مقدم خدمة التحويل "hawaladar"، في بلد ما. بعدها يقوم مشغل آخر بسحب مبلغ معادل لهذا المبلغ في مكان آخر ويعطيه إلى المستلم المقصود. وهذه الطريقة شائعة بين شركات الاستيراد والتصدير.
عادة ما يتقاضى مقدم الخدمة المسمى بـ"المحول" عمولة، لكن من المحتمل أن تكون قيمة هذه الخدمة أرخص من رسوم التحويل وغيرها من الرسوم التي قد يفرضها البنك، وقد يقدم "المحول" أيضًا أسعار صرف أفضل للعملة مقارنة بنظيرتها في البنوك الشرعية.
يمنح "نظام الحوالة" أيضًا مزايا أخرى حيث لا يتعين على المشاركين في هذا النظام المالي فتح حساب مصرفي أو ترك أثر إلكتروني (في أي مرحلة من المراحل لا يعبر المال الحدود الدولية فعليًا)، وتميل المعاملات إلى أن تكون أسرع وأقل بيروقراطية من التحويلات المصرفية الدولية.
لكن على الجانب الآخر هناك أمر سلبي، ومزيد من الخطر، حيث يعتمد النظام على الثقة بين العميل والقائم بالتحويل "المحول" وبين المحولين أنفسهم في مختلف البلدان.
هل "نظام الحوالة" قانوني؟
في القضية أنفة الذكر، ذهبت معظم المدفوعات من ألمانيا إلى تركيا، ولكن وفقًا لصحيفة "زوددويتشه تسايتونغ"، فإنه من أجل أن تظل الحسابات المصرفية في تركيا متوازنة، أنشأ منظموا تلك الشبكة المالية نظام تحويل إضافي يتم فيه تمرير الأموال داخليًا من خلال شركة لتشغيل المعادن النفيسة تقع جزء من ملكيتها في تركيا.
ولدى المحققين أدلة تثبت أن المشتبه بهم استخدموا أموالًا مودعة في حسابات بنكية ألمانية لشراء الذهب والمعادن النفيسة الأخرى.
وأنشطة "الحوالة" غير قانونية بموجب "قانون مراقبة على خدمات الدفع" في ألمانيا (ZAG)، الذي ينص على أنه يحظر تقديم خدمات مماثلة لتلك التي تقدمها البنوك دون ترخيص مصرفي. وعقوبة القيام بالأنشطة التي تنتهك قانون ZAG هي السجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات.
وعمليات نقل الأموال على غرار "نظام الحوالة" ليست فعل جرمي في كل الدول. وحتى في حال وجود قانون فإن في إنفاذه تكمن مشكلة كذلك؛ حيث يتم الإعلان عن مثل هذه الخدمات غالبًا على أنها صفقات عملة.
كان "نظام الحوالة" أيضًا في القلب من فضيحة رشوة كبرى تورط فيها ساسة كبار في الهند في تسعينات القرن العشرين. ومن المعروف أن هذه الأنظمة تساعد على إتمام جميع أنواع الجرائم المالية، من التهرب الضريبي إلى غسل الأموال.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل