رئيس التحرير
عصام كامل

دعوات خلع الحجاب تثير غضب المؤسسات الدينية.. الأزهر: المسائل الثابتة لا تقبل الاجتهاد.. دار الإفتاء: البعض يحاول إيجاد مبرر زائف لأفعاله.. مبروك عطية: على من خلعته أن تعود لستر ربها

فيتو

حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا؛ بسبب انتشار بعض الدعوات التي تنادي بخلع الحجاب، حيث شهدت حالة من الأخذ والرد واختلاف وجهات النظر المختلفة، وتعدد الأسئلة والأسانيد حول أصل قضية الحجاب، ومدى فرضيتها في الإسلام، والدليل على مشروعيتها، وغيرها من الأسئلة التي مثلت حالة من الجدل الشديد.


أثارت تلك الدعوات حالة من الغضب والرفض لدى المؤسسات الدينية، والتي سارعت لإعلان رفضها تلك الدعوات، وتأكيدها على أن الحجاب من الأمور الثابتة في الشريعة ولا تحتمل الاجتهاد أو الخلاف.

موقف الأزهر
من جانبه أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أنه انتشرت في الآونة الأخيرة بعض الأفكار والفتاوى التي تدعي عدم فرضية الحجاب، مشيرًا إلى أن مثل هذه الأفكار، إنما هي ادعاءات لا تمت للإسلام بصلة، وأن الحجاب فرض ثبت وجوبه بنصوص قرآنيةٍ قطعيةِ الثبوتِ والدلالة لا تقبل الاجتهاد، وليس لأحدٍ أن يخالف الأحكام الثابتة، كما أنه لا يقبل من العامة أو غير المتخصصين - مهما كانت ثقافتهم- الخوض فيها.

وأشار المركز إلى أن من الآيات القرآنية قطعية الثبوت والدلالة التي نصت على أن الحجاب فرضٌ على كل النساء المسلمات، قول الله ﷻ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...} [المؤمنون: 31]، وقوله ﷻ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59].

مراعاة مصالح المرأة
وأضاف المركز عبر صفحتة الرسمية على موقع "فيس بوك" أن المتأمل بإنصافٍ لقضيةِ فرضِ الحجابِ يجدُ أنه فُرض لصالح المرأة؛ فالزِّيُّ الإسلامي الذي ينبغي للمرأة أن ترتديه، هو دعوة تتماشى مع الفطرة البشرية قبل أن يكون أمرًا من أوامر الدين؛ فالإسلام حين أباح للمرأة كشفَ الوجه والكفين، وأمرها بستر ما عداهما، فقد أراد أن يحفظ عليها فطرتها، ويُبقي على أنوثتها، ومكانِها في قلب الرجل.

وتابع: كذلك التزامُ المرأة بالحجاب يساعدها علىٰ أن يُعاملها المجتمع باعتبارها عقلًا ناجحًا، وفكرًا مثمرًا، وعاملَ بناءٍ في تحقيق التقدم والرقي، وليس باعتبارها جسدًا وشهوةً، خاصةً أن الله ﷻ قد أودع في المرأة جاذبيةً دافعةً وكافيةً لِلَفت نظر الرجال إليها؛ لذلك فالأليق بتكوينها الجذاب هذا أن تستر مفاتنها؛ كي لا تُعاملَ علىٰ اعتبار أنها جسدٌ أو شهوةٌ.

واستطرد: إضافةً إلى أن الطبيعة تدعو الأنثىٰ أن تتمنع على الذكر، وأن تقيم بينه وبينها أكثرَ من حجاب ساتر، حتىٰ تظل دائمًا مطلوبةً عنده، ويظل هو يبحث عنها، ويسلك السبل المشروعة للوصول إليها؛ فإذا وصل إليها بعد شوق ومعاناة عن طريق الزواج، كانت عزيزة عليه، كريمة عنده.

وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية أنه يتضح من خلال ما سبق أن الذي فرضه الإسلام على المرأة، من ارتداء هذا الزي الذي تستر به مفاتنها عن الرجال، لم يكن إلا ليحافظ به علىٰ فطرتها، وأهاب بمن يروِّجون مثلَ هذه الأحكام والفتاوىٰ أن يكفُّوا ألسنتهم عن إطلاق الأحكام الشرعية دون سند أو دليل، وأن يتركوا أمر الفتوىٰ للمتخصصين من العلماء، وألا يزجّوا بأنفسهم في أمور ليسوا لها بأهل، وأن ينتبهوا لقول الله ﷻ: "وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ"، ولقول بعضِ السلف: «أجرؤكم علىٰ الفُتيا أجرؤكم علىٰ النار».

فرضية الحجاب
وفى سياق متصل أشار الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إلى أن تلك الأسئلة وغيرها التي تثار في شأن الحجاب يحاول البعض من خلالها تحريك ثبوت الفكرة عند غيرهم أو إيجاد مبرر لأفعالهم، مؤكدًا أن الحجاب هو فرض، وعلى الرغم من عدم ذكر اسم الحجاب بهذه التركيبة من الحروف في القرآن الكريم، إلا أن معناه ذكر في مواضع متعددة في القرآن الكريم.

وأضاف "ممدوح" عبر الفيديو الذي بثته الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن البعض يحاول التشكيك في الآيات والأحاديث التي تدل على مشروعية الحجاب، مشيرا إلى أن هناك قاعدة شرعية مهمة وهي إجماع العلماء واتفاق الأمة، وهي التي قررت مجموعة من الأحكام الشرعية، وأن الإجماع ينقل الدليل من حيث الظنية إلى القطعية.

إجماع الأمة
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن هناك اتفاقا بين علماء الأمة على آيات وأحاديث الحجاب منذ رسول الرسالة المحمدية، إلى يومنا هذا حيث لما يقول عالم واحد معتبر إن الحجاب ليس بفرض، موضحًا أن هناك بعض السيدات تلجأن إلى حيلة نفسية شهيرة بإيجاد مبرر زائف بأفعاله.

وتابع: أنه من المعروف أن الحجاب ليس من أركان الإسلام الخمس، وخلعه ليس من الكبائر وإنما من المعاصي، وحكمه الشرعي أنه من الواجبات والفرائض، موجهًا رسالة إلى من يرغب في خلع الحجاب قائلا: "لو سمحت لا تحاولي إيجاد مبرر زائف لإيقاف صوت ضميرك وقولي أنا غلطانة وربنا يهديني في يوم من الأيام".

ستر العورة
وقال الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامي: إنه ينبغي على من وفقه الله، تعالى، إلى طاعته أن يشكر الله على نعمة هذا التوفيق، وأن يحرص على تلك الطاعة في أي مجال من مجالاتها، مشيرًا إلى أنه كون أي المرأة سترت نفسها بالحجاب ووسوست لها نفسها بعد ذلك أن تخلع هذا الستر، فهي بذلك تحدث فتنة، وينبغي عليها أن تفكر في أن هناك بناتا وبنينا يتأثرون بما يقدمه الفنانون من أعمال وأقوال وهيئات، ولعل عشرات الفتيات يحدث أنفسهن ويقلن "لماذا لا نخلع الحجاب نحن أيضًا".

وأضاف "عطية" في تصريحات خاصة لـ"فيتو" أنه على كل امرأة خلعت الحجاب بعد الستر به أن تعود إلى سترها إرضا إلى ربها، وألا يكون هذا الموضوع محور مناقشة ومخالفات وآراء سئمنا من تكررها والنزاع فيها، فالله تبارك وتعالى يقول: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، وقال أيضًا: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ} أي أن الله أمرنا أن نستر سوأتنا وبين لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- حدود هذه العورة فأخبر أنها للرجل ما بين السرة والركبة وجميع بدن السيدة ما عدا وجهها وكفيها.

وأكد أن الموضوع لا يحتاج إلى مناقشات ونزاع، ولكن يحتاج إلى شيء قليل من التدبر، وأن أي إنسان يشعر براحة في أي مخالفة لشرع الله فعليه أن يراجع نفسه، فلا يمكن أن يكون هذا الشعور صحيحا، وإنما هو من وساوس الشيطان، مؤضحًا أننا وراءنا من الأمور التي يتوقف عليها تقدم المسلمين، وعلينا أن نرجع إلى الله بأفكارنا وعقولنا وأن نحرص على تقديم اقتصادنا فنحن بحاجة إلى كيفية تطور التعليم والصحة والعناية بالشباب وإصلاح ذات البين.

وتابع: موضوع الحجاب سهل جًدا ولا يحتاج كل هذا الجدل، ونقول لمن لا تغطي شعرها غطي شعرك بكل سرعة وهدوء.. لأنها ليست مسألة خلافية تحتاج إلى إقناع، ونقول لمن خلعته بعد أن لبسته، عودي فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون لكي تزيلي فتنة، ولكى تثبتي أن هناك عودة، والعود أحمد.
الجريدة الرسمية