فوضى ليبيا.. خطر يهددنا
"لابد من القضاء على الفوضى في ليبيا"، تلك العبارة كانت اختزالا للموقف المصرى الذي أكده الرئيس "عبد الفتاح السيسي" للمستشارة الألمانية "ميركل".. هذا الموقف يعني أن بلادنا من حقها أن تواجه مخاوف تداعيات الفوضى، خاصة وأن الحكومة التي توصف بأنها معترف بها دوليا، يرأسها إخواني من أصول تركية، وليس خافيا علينا علاقاته بتركيا وقطر، قطر التي كانت أهم أسباب الخراب في ليبيا، وحكومة السراج تفخر مثلما يفخر رجب طيب أردوغان بالدعم التركى اللا متناهي لها..
ومن يتابع ما يجرى في العاصمة طرابلس سيندهش من حجم التعاون بين الحكومة المعترف بها دوليا، وبين الميليشيات التي يديرها هاربون من العدالة الدولية، وجود قادة الميليشيات يفقد تلك الحكومة ما يمكن أن يوصف بالشرعية، سكان طرابلس لا يتنقلون بين شوارعها إلا عبر وساطات قادة هذه الميليشيات.
في مقابل ذلك استطاع الجيش الليبي بقيادة المشير "خليفة حفتر" أن يعيد الهدوء والاستقرار إلى أكثر من ٩٠٪ من الأراضي الليبية، ومن خلال الممارسة العملية لإدارة البلاد، استطاع أن يعيد إلى الشعب الليبي ثقته في جيشه، ويعيد الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى، ويقضى على كل ملامح الفوضى التي عمت ربوع البلاد فور الفراغ الذي حدث عقب مقتل "القذافى" وخروج نظامه من المسرح.
تابعت مثل غيرى خمس تحقيقات تليفزيونية أجراها تليفزيون فرانس ٢٤، واندهشت كيف غابت مؤسساتنا الإعلامية المصرية عن المشهد، وكيف نعتمد على وكالات الأنباء في تغطية شأن مصرى وعربى وليبي في المقام الأول، وكيف تركنا الساحة للإعلام الغربى ينفرد بها، ونحن الدولة الجارة، واستقرار ليبيا مسألة مصرية خالصة.
تذكرت عندما كنا نقرأ في كتب التاريخ كيف أنشئ جيش تحرير ليبيا من الاستعمار الإيطالى هنا على أرض مصر، وكيف ساهم أثرياؤها في إنشاء هذا الجيش، الذي خاض أشرف المعارك حتى تحرير ليبيا من براثن الاستعمار، وكيف كانت خسارة مصر وليبيا أوقات الخلاف بين القذافى والسادات، وكيف أعاد "مبارك" المياه إلى ما كنت عليه، فظلت الحدود المصرية الليبية واحة استقرار طوال حرب مصر ضد الإرهاب في ثمانينيات القرن الماضى.
وحدة المصير والجغرافية السياسية والتاريخ المشترك بين الشعبين وحاجتهما إلى استقرار يعين صانع القرار على البناء ومواجهة الأخطار، تفرض علينا أن نواجه الخطر أيا كان موقعه أو مصدره، خاصة وأن الإرهاب القادم ممتطيا حكومة يقال عنها إنها شرعية لا يمكن السكوت عليه، أو الاستهانة بخطره مهما كلفنا الأمر، إذ أن الكلفة عند وأد الإرهاب في موقعه أفضل بكثير من تركه حتى يصل إلى الدار.
إن ليبيا تحتاج منا اليوم كمؤسسات مجتمع مدنى وإعلام وأحزاب وبرلمان إلى الغوص فيما يجرى على حدودنا لإعادتها إلى سابق عهدها واحة للأمن والأمان، وأكثر إسهاما للإنسانية والحضارة، وإتاحة الفرصة أمام أجيالها الجديدة لتبنى وطنا قويا قادرا على مواجهة المؤامرات التي أحاطت وتحيط به، وقطع أيادى العبث التركى والقطرى، باعتبارهما أحد أهم أسباب الفوضى في بلادنا وبلاد أشقائنا.