تقدير تضحيات الوالدين ولكن بعد فوات الأوان
مشهد رأيته أعاد لي شريط ذكريات مر أمامي سريعا لأم وطفلها بعمر 7 سنوات، اشتروا طعاما وجلسوا ليتناولوه وإذ بالطفل ينتهي من طعامه سريعا ويطلب من الام طعاما آخر، وإذ بها تعطى له طعامها وهي لم تأكل منه شيئا، ولم استشعر عليها بعلامات ضيق إنما مازالت نظرة الرضا على وجهها بإطعام ابنها مع انها مازالت جائعة.
هذا المشهد ظللت أفكر فيه كثيرا، كم مر تعرضت والدتى لمثل هذا الموقف، فكم أطعمتنا الأم وفي نفس الموقف ولم نلاحظ أنها لم تأكل، بل لم نسألها حتى أن كانت أطعمت نفسها قبل أن تطعمنا.
مع أن عمري وصل إلى العقد الخامس إلا أنه لأول مرة ألاحظ أننى تناولت طعاما كان حقا لأمي، وما زال الأبناء يذهبون مهما كبر سنهم إلى أمهاتهم لاقتراض المال مع محدودية دخل الأم المتمثل في معاش ثابت، إلا أن الله وضع عندهن البركة وهن يساعدن أبنائهم مهما كان لديهم من مصروفات متجددة أغلبها يتمثل في الدواء.
تلك الحقوق علينا ردها ولكن كيف نردها وقد فات الأوان؟ منهم من ذهب إلى لقاء الله ومنهم من يعاني من أمراض الشيخوخة ومنهم ما زال يمشى ويكافح في ظل كبر السن في صعوبات الحياة.
ومازال الأطفال وبعض الشباب لا يعلمون أن هناك من يضحى من أجلهم، ولن يشعروا بما حدث إلا بعد مرور العمر وعندها يصبح الأهل مجرد تاريخ من التضحيات نتذكرها بيننا، ولكن عندما يصبحون آباء وأمهات عندئذ ستتكرر الصورة وحينئذ لن يستطيعوا أن يردوا الجميل أو حتى أن يفعلوا شيئا إلا الندم، وذكرهم على مواقع التواصل الاجتماعي بعد فوات الأوان، ولكم بماذا يفعل الندم؟.
من أجل ذلك كتبت اليوم حتى لا يمر الوقت دون أن يدرك الشباب هذه التضحيات وليلاحظ الجيل الجديد كم العطاء والحب الذي يبذله الأهل من أجله ويدرك معناها جيدا، وما عليه من حقوق لردها ويقاس على ذلك أشياء أخرى.
فلنتذكر فضل الأهل علينا، ولنتذكر كيف ضحوا بسعادتهم وحياتهم؟
للأسف وصل الأمر بالبعض من الأبناء إلى نسيان الأهل، وليس ذلك فقط إنما عدم الاكتراث بهم أو حتى زيارتهم والعناية بهم والاطمئنان عليهم في أغلب الأحوال.
ليتنا اليوم نذهب إلى أمهاتنا وآبائنا لنقبل أيديهم ونقول لهم نقدر كل تضحياتكم، أما من فقد أهله فلنترحم عليهم ولتصلهم رحمات الله بإذنه تعالى.